الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صُناع التبغ - ثروات طائلة وضحايا بالملايين -

على زايد عبد الله

2022 / 6 / 18
حقوق الانسان


يعود تاريخ زراعة التبغ إلى القارة الامريكية حيث استخدمه السكان الاصليون فى طقوسهم الدينية باعتباره مسكناً للآلام والاوجاع، وبعد اكتشاف كريستوفركولومبوس للقارة الامريكية، جلب البحارة معهم التبغ إلى القارة الاوربية وانتشر استخدام التبغ بسب معتقداتهم بأنه يساعد على الشفاء من بعض الامراض. وبدأ التبغ ينتشرفى كافة انحاء العالم واستوطن فى دول العالم. فيعتبر وباء التبغ من أكبر الاخطار الصحية العامة التى شهدها العالم عبر تاريخه، فالمتأمل للاحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بشأن استهلاك التبغ وما يترتب عليه من آثار صحية واجتماعية واقتصادية خطيرة، نجد أنها تكشف عن مجموعة حقائق وأرقام صادمة. فعلى مستوى الآثار الصحية فهو يُودى كل عام بحياة أكثر من 8 مليون نسمة فى انحاء العالم، من بينهم أكثر من 7 ملايين يتعاطونه مباشرة ونحو 1.2 مليون من غير المدخنين يتعرضون لدخانه دون إرادتهم. أما على المستوى الاقتصادى والاجتماعى يعيش ما يزيد على 80% من المدخنين البالغ عددهم 1.3 مليار شخص على الصعيد العالمى فى البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط حيث يبلغ عبء الاعتلالات والوفيات الناتجة عن التبغ ذروته، ويسهم تعاطى التبغ فى الفقر إذ يحرف إنفاق الاسر عن احتياجات اساسية مثل الطعام و المأوى إلى التبغ وتتعاظم التكلفة الاقتصادية الناتجة عن استهلاك وتعاطى التبغ حيث يؤدى استهلاكه إلى اعتلالات وامراض مزمنة تحتاج إلى موارد مالية كبيرلمعالجتها الامر الذى يؤدى إلى استنفاذ الموارد المادية لكثير من الاسر حول العالم. ففى بعض البلدان يتم تشغيل الاطفال المنحدرين من أسرفقيرة فى زراعة التبغ كى يدروا الدخل على أسرهم، كما يتعرض مزارعو التبغ هم أيضاً للعديد من المخاطر الصحية بما يشمل الإصابة بما يدعى " داء التبغ الاخضر "، كما يثير الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ مخاوف رئيسية تمس الصحة والاقتصاد والامن فى أنحاء العالم، وتشير التقديرات إلى أن منتجاً واحداً من أصل كل عشرة من السجائر ومنتجات التبغ المستهلكة عالمياً هى منتجات غير مشروعة وتدعم السوق غير المشروع جهات مختلفة من صغار التجار وحتى شبكات الجريمة المنظمة الضالعة فى تهريب الأسلحة والبشر.
فدوائر صناعة التبغ تروج منتجاتها للمدخنين المحتملين، بمن فيهم الشباب، لضمان استمرار تنامي سوق التبغ والتعويض عن المدخنين الذين يحتضرون أو يقلعون عن التدخين. ومع انخفاض معدلات التبغ في العديد من البلدان في العالم المتقدم، تستهدف دوائر صناعة التبغ الشباب في العالم النامي استهدافاً متزايداً. فتستهدف دوائر صناعة التبغ الشباب عن طريق رسائل مضللة تساعد على تشكيل مواقف جذابة إزاء استخدام التبغ. فالترويج للتبغ يربط بين استخدام التبغ والصور الجذابة لإغراء الشباب على إدمان التبغ مدى الحياة، وهذه الإجراءات تشجع الأطفال على اتباع سلوك يضر بنموهم البدني والعقلي والاجتماعي. ويجري ذلك عن طريق الإعلان في مجلات الشباب وتصميم العلامات التجارية وتعبئة منتجات التبغ وتغليفها والمواد الترويجية لإغراء الشباب. فتستهدف الإعلانات الشباب من خلال استخدام الصور الحيوية والرياضية، والصور التي تشير إلى المستوى الراقي، وتكوين الصداقات والاستقلالية، والجمال.

وأمام الاحصاءات الصادمة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية نجد ان تجارة التبغ تزدهر يوما بعد الاخر وتنفق عليها الشركات العالمية ملايين الدولارات من اجل مزيد من استهلاك الافراد لمنتجات التبغ وتحقيق عوائد مالية ضخمة ورفع القيمة التسوقية لهذه الشركات، وكذلك محاولة إخفاء المخاطر الصحية الناتجة عن منتجات التبغ المختلفة، وصولا إلى إدخال بعض المواد الأكثر ضرراً على الصحة العامة، وعلى مستوى انفاق صُناع التبغ ملايين الدولارات على استخراجه نجد أنه فى عام 2019 انفقت أكبرشركات السجائر والتبغ الذى لا يدخن 8.2 مليار دولارعلى نفقات الاعلان والترويج فى الولايات المتحدة وحدها وقد انفقت شركات السجائر الامريكية الاربع الكبرى 7.62 مليار دولار على الاعلان عن السجائر والترويج لها فى عام 2019، وقد انفقت الشركات الامريكية الخمس الكبرى المصنعة للتبغ الذى لايدخن فى الولايات المتحدة 576.1 مليون دولار على الاعلان عن التبغ الذى لايدخن والترويج له فى عام 2019 ( تقرير التجارة الفيدرالية للتبغ الذى لايدخن لعام 2019 و تقرير السجائر لعام 2019 ).
وفى سبيل ذلك قد أخذت منظمة الصحة العالمية على عاتقها مهمة التصدى لهذه المخاطر ومحاولة الحد من آثارها الخطيرة على الافراد، فقد اعتمدت الدول الاعضاء بالمنظمة فى عام 2003 الاتفاقية الاطارية بشان مكافحة التبغ والتى بدأ نفاذها من عام 2005 ، ويبلغ عدد الاطراف فيها حاليا 182 طرفاً مما يمثل اكثر من 90% من سكان العالم . فتشكل هذه الاتفاقية إنجازا مهماً فى مجال تعزيز الصحة العامة وتعيد تأكيد الشعوب على التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، وتوفر الأبعاد القانونية للتعاون الصحى الدولى وتضع معايير عالية للامتثال. وفى عام 2007 استحدثت منظمة الصحة العالمية وسيلة علمية وفعالة من حيث التكلفة لتوسيع نطاق تنفيذ الأحكام لخفض الطلب فى الاتفاقية الاطارية للمنظمة بشأن مكافحة التبغ على أرض الواقع، وعُرفت باسم برنامج السياسات الست وتشمل هذه التدابير:
• رصد تعاطي التبغ وسياسات الوقاية.
• حماية الناس من دخان التبغ.
• عرض المساعدة للإقلاع عن تعاطي التبغ.
• التحذير من أخطار التبغ.
• إنفاذ حظر الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته.
• زيادة الضرائب المفروضة على التبغ.
وتعكف منظمة الصحة العالمية على رصد سياسات برنامج التدابير الستة منذ عام 2007، علماً بأن البرازيل وتركيا هما البلدان الوحيدان اللذان نفذا بالكامل جميع تدابير Mpower
وقد اعتمدت منظمة الصحة العالمية بروتوكول القضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ وهو أول بروتوكول يلحق بالاتفاقية فى نوفمبر 2012 خلال الدورة الخامسة لمؤتمر الأطراف الذى عُقد فى سيول بجمهورية كوريا، ودخل حيز التنفيذ فى سبتمبر 2018، ويقضى بروتوكول القضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ اتخاذ طائفة واسعة من التدابير المتعلقة بسلسلة توريد التبغ بما فى ذلك إصدار تراخيص استيراد منتجات التبغ وتصديرها وتصنيعها وإنشاء نظم لاقتفاء الأثر وتحديد المنشأ وفرض عقوبات جنائية على الجهات المسئولة عن الاتجار غير المشروع ويسعى أيضاً إلى تجريم الانتاج غير المشروع والتهريب عبر الحدود.
وفى ضوء ما تم عرضه من أرقام وإحصائيات وما تقوم بد دوائر صناعة التبغ من أجل توسيع دائرة مبيعات التبغ على نطاقات واسعة نجد على الجانب الآخر مدخنى منتجات التبغ لديهم قناعات مختلفة عما يدور حولهم وما يصدر من أرقام وإحصاءات على المستوى الدولى أو الاقليمى أو المحلى وما يتم من إعلانه من حقائق علمية تبرز خطورة التبغ ومنتجاته على الصحة العامة وكثيراً من هؤلاء عاشوا ويعيشون بشكل مستمر حالات واقعية داخل مجتماعاتهم من وجود أشخاص مدخنين وانتهى بهم المطاف الى العديد من الامراض الصدرية والسرطانية وغيرها من التأثيرات الصحية المدمرة الناتجة عن استهلاك التبغ ومنتجاته والتى تؤدى فى النهاية الى الوفاة الحتمية، ومع ذلك نجد قناعاتهم عن التدخين أنه لا يؤثر على الصحة وليس له أيه أثار نفسية وصحية على الفرد المدخن وغير المدخن، هذا فضلا عن أننا نجد بعض الآباء يصتحبون أسرهم أثناء ذهابهم إلى الكافيهات والمنتشر بها تدخين التبغ بمنتجاته المختلفة وقد يكون هذا الاب أو هذه الام هم من يقومون بالتدخين فى حضور أطفالهم وهو ما يكون له تأثيرات صحية خطيرة على الاطفال فضلا عن تكوين وعى الاطفال بأن هذا السلوك أو التصرف مباح القيام به طالما أن الاب أو الام يقومون بفعله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الجامعات الأميركية في أ


.. السعودية تدين استمرار قوات الاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب ال




.. ماذا ستجني روندا من صفقة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في ب


.. سوري ينشئ منصة عربية لخدمة اللاجئين العرب




.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح