الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمود العالم يقرأ جمال حمدان

حسن مدن

2022 / 6 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


حين يكتب الكبارُ عن الكبار يختلف الأمر؛ لأنهم أقدر، أكثر من سواهم على رؤية العميق والمختلف في عطائهم، والسبب بديهي ومهم أيضاً، وهو امتلاكهم لأدوات المعرفة والتحليل ما يجعل كتاباتهم مختلفة، قادرة على النفاذ في العمق والتقاط ما في داخله من دُرر.

نحن إزاء «كبيرين» عِلماً ومقاماً، غيّبهما الموت عن دنيانا، لكن، كعادته، لم يغيب ما يتركه أمثالهما من إرث في الفكر والمعرفة.

والكبيران هما محمود أمين العالِم، وجمال حمدان، وما يبدو، في ظاهر الأمور من اختلاف حقلي الاهتمام بين الرجلين، ليس إلا وهم، تبدده حقيقة أن الرجلين كانا مفكرين من طراز نادر، وبالتالي أمكن لمحمود العالِم وهو يكتب عن حمدان، أن يمسك بالمنطلق والغاية في المشروع الفكري للأخير.

يؤكد ما قلناه للتوّ السؤال الكبير الذي طرحه العالِم، والمتلخّص في التالي: لماذا نتحدث عن مشروعات حضارية مختلفة لمفكرين عرب معاصرين ولا يأتي اسم جمال حمدان بين أصحاب هذه المشروعات، فحمدان في نظر العالم ليس مجرد عالم، مفكر مهموم بشؤون وطنه المصري وأمته العربية، وإنما هو فضلاً عن هذا "صاحب مشروع حضاري مصري عربي متكامل وشامل".

فرغم الطابع العلمي الدقيق الغالب على شغل جمال حمدان؛ بل بفضل هذا الطابع، فإنه كما يرى العالِم يقدم مشروعاً حضارياً هو امتداد خلّاق لمشروع عصر النهضة، مؤصل تأصيلاً علمياً عميقاً لمحاولة الإجابة عن سؤال الخصوصية القومية الذي هو "سؤال الهُوية المعلق، بل المجهض: من أنا ولماذا تخلّفت وتقدّم غيري؟".

في حدود ما أعلم لم ينتبه أحد كما فعل محمود العالِم إلى وجه الشبه بين مشروع جمال حمدان في كتابه «شخصية مصر» و«مقدمة» ابن خلدون. وليس في هذا ما يدعو إلى الغرابة أو يحمل مفارقة، فأي مشروع نهضوي عربي جاد وحقيقي ليس بوسعه أن يغفل ما أتت به المقدمة، وفي هذا يذكّرنا العالِم بأن رفاعة الطهطاوي بالذات هو أول من طبع مقدمة ابن خلدون؛ بل إن آثار المقدمة ظاهرة في كتاباته، وخاصة في كتابه «مناهج الألباب المصرية في مناهج الآداب العصرية".

"الجغرافي" بامتياز جمال حمدان، تجاوز الجغرافيا نفسها كما يليق بعالِم مثله، وعلى سبيل المثال، فإنه حين تناول أهمية نهر النيل في صنع شخصية مصر، كون «بيئته الفيضية» بلورت العقد بين الحاكم الذي يمتلك الماء والمحكوم الذي يستفيد منه، خلص إلى أن الطغيان كان انحرافة اجتماعية من صنع الإقطاع لا من صنع النيل، "لأن البيئة الفيضية نظرياً تُمهد للحياة الاشتراكية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو