الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مراجعات لمقال الدكتور لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجعية والظلامية في العالم العربي - في الحوار المتمدن 1- 5

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2022 / 6 / 20
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تمهيد
نشر الدكتور لبيب سلطان المحترم – باحث أكاديمي عراقي في كاليفورنيا – جزئي المقال الموسوم أعلاه على صفحات الحوار المتمدن بتاريخ 14 و 16 من حزيران الجاري ، و قد وجدت أنه قد يكون من المناسب و المفيد ابداء الرأي بخصوص عدد من مندرجاته المثيرة للجدل حسبما تبينه بعض التعليقات عليه و المتوفرة على الرابطين :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=759218
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=759454
الفقرة الاولى للمقال
يستهل الكاتب مقاله بهذه الفقرة :
"لنبدأ من منطلق معاداة الغرب والرأسمالية التي يهاجمها ليلا وجهارا ثلاثة معسكرات في عالمنا العربي بدء الولائيين والأسلامويين من القوى الظلامية وغالبا يسمونها" الغرب الكافر والشيطان الأكبر "والماركسيين السوفيت من لايريد الأعتراف بالماركسية انها فكر غربي ويفسرها وفق اهواء الحرب الباردة للأتحاد السوفياتي ومازالو مصرين عليها ويسمونها " الغرب المتوحش والأنظمة الرأسمالية الأستغلالية والليبرالية الرأسمالية " والقوميون العرب يعادون الغرب بدوافع دعمه لأسرائيل التي اذلت العروبة وغيروا مواقفهم من معاداة الشيوعية الى معاداة الغرب بعد حرب حزيران عام 1967 . لقد اجتمعت هذه التيارات على منهج معاداة الغرب رغم تباين منطلقاتها ودوافعها ومنه تحاول غلق الأبواب وقنوات التنوير والحضارة والتطور الأجتماعي والأقتصادي الذي يمثله الغرب في العالم ودوره القائد والريادي في تطوير القيم الحضارية والأنسانية. وقبل ان اناقش اي من دعاوى هذه المدارس ضد الغرب دعونا نفهم من هو الغرب وماهي منطلقاته الفكرية وتطورها بين الأمس واليوم ."
مناقشة الفقرة 1
النص أعلاه يجمع بين القومجية و الدينجية والماركسيين "السوفيت(كذا)" العرب لمحاولتهم مجتمعين : "غلق الأبواب وقنوات التنوير والحضارة والتطور الأجتماعي والأقتصادي الذي يمثله الغرب في العالم ودوره القائد والريادي في تطوير القيم الحضارية والأنسانية. "
و على فرض صحة هذا الكلام (وهو غير صحيح جملة و تفصيلاً مثلما هو واضح لكل مراقب ، ومثلما سأبيّن)، فكيف يتسنى لتلك الاطراف الثلاثة : "غلق الأبواب وقنوات التنوير والحضارة والتطور الأجتماعي والأقتصادي الذي يمثله الغرب في العالم ودوره القائد والريادي في تطوير القيم الحضارية والأنسانية" ، في ضوء الحقائق التاريخية الثابتة عن كون الغرب أنما هو الطرف الأوحد المهيمن اقتصادياً و سياسياً و عسكرياً على كل مقدرات الشرق منذ قرن و نصف من الزمان ؟ علماً بأن أغلب أنظمة الحكم القائمة فيه الآن فيه لم يؤسسها أحد غير الغرب نفسه ، من المغرب وليبيا و تونس و مصر و السودان ، الى السعودية وعمان و قطر و الامارات و البحرين والكويت و العراق والأردن ؟ و ما دام الغرب مهتم جداً بـ " التنوير والحضارة والتطور الأجتماعي والأقتصادي ، وبدوره القائد والريادي في تطوير القيم الحضارية والأنسانية" على حد زعم الكاتب ، فلماذا سلم شبه الجزيرة العربية – أكبر بلد عربي – لآل السعود ممن أمضوا قرنا من الزمان يتوارثون الحكم الملكي الفردي الديكتاتوري برعاية تامة من الغرب بلا دستور و لا أحزاب سياسية و لا انتخابات ديمقراطية ولا حقوق للإنسان ولا حرية للتعبير ولا لحق تقرير المصير ، و هم يقتلون معارضيهم بالسيف و يجلدونهم بالسياط ؟ كما أن نفس شاكلة انظمة الحكم الملكية الدكتاتورية تسود كذلك بأمر الغرب في عمان و قطر و البحرين و عمان و الكويت؟ أين هو حرص الغرب على دوره :" القائد والريادي في تطوير القيم الحضارية والأنسانية " في " التنوير والحضارة والتطور الأجتماعي والأقتصادي " في هذه البلدان التي يهيمن هو على كل مقدراتها ، مثلما يدعي الكاتب ؟
الوقائع التاريخية المعروفة للجميع تثبت أن العكس هو الصحيح . الغرب هو الذي يحرص كل الحرص على تأسيس وادامة أنظمة الحكم الدكتاتورية طول الوقت في الشرق الأوسط و الأدنى وأفريقيا و أمريكا الوسطى و الجنوبية لأن مثل انظمة الحكم هذه قد أثبتت تاريخياً ولائها المخلص والتام للمصالح الاقتصاسياعسكرية للغرب . و من المعروف تاريخياً عن الغرب أنه العبد لمصالحة هذه ، و أن ضمان ديمومتها على طول الخط هو هدفه الأول و الأخير . أما ثرثرته بصدد "التنوير و الحضارة و التطور الاجتماعي والاقتصادي " فهي الأفيون لعقول الواهمين ، ومصائد العثرة للمغفلين .
لنأخذ مثلاُ ما حصل في العراق منذ الاحتلال الأمريكي له عام 2003 و لحد الآن . تم خلال هذه الفترة خلق نظام حكم جديد فيه قوامه المحاصصة الطائفية وفق مبدأ "فرّق تسد" ، و كتابة دستور جديد له يمنع اصدار أي حكم أو قرار يخالف أحكام الشريعة الاسلامية القروسطية (أين هي مبادئ العلمانية الغربية التي بها يبربرون؟) ، و تم الحرص كل الحرص – وسط سيول الدماء المسفوكة في حروبه الأهلية المتواترة المهلكة – على اجراء الانتخابات المزورة 100 % فيه منذ عام 2005 وحتى عام 2020 . كما تم تدمير الزراعة والصناعة وقطاع التعليم و الصحة والخدمات فيه ، وكل بناه التحتية ، وحتى نسيجه الاجتماعي ومنظومته القيَمية . والنتيجة هي اقامة دولة فاشلة تسود فيها عصابات ومليشيات الجريمة المنظمة في النهب والسرقة والتهريب والاتجار بالمخدرات ، يتحكم ببرلماناتها المال السياسي المنهوب من ثروات شعبه نفسها و القوى الخارجية ، وينتفي أمام شعبه المنكود الذي يزداد فقراً يوماً بعد يوم في أغنى بلد بالعالم أي بصيص من أدنى أمل في نهاية هذا الليل الرهيب الظُلَم ..
السؤال هو : لماذا حرص المحتل الامريكي – ومعه جيوش الغرب من بريطانيا و أستراليا وبولونيا ..الخ – كل الحرص على التأسيس لمثل هذا النظام الطائفي الفاشل المرتهن للأجنبي في العراق تحت الاشراف الميداني المباشر للغرب نفسه بعد قتله وتشريده 15 مليوناً من مواطنيه الابرياء في ضوء "دوره القائد و الريادي في تطوير القيم الحضارية و الانسانية" على حد زعم الكاتب ؟ ألا تعني هذه الوقائع التاريخية المشهودة من طرف كل عين ناظرة بإنصاف الآن بأن الغرب نفسه هو بالذات – و ليس أي جهة موهومة أخرى البتة – هو الذي "أغلق الأبواب وقنوات التنوير والحضارة والتطور الأجتماعي والأقتصادي الذي يمثله الغرب في العالم ودوره القائد والريادي في تطوير القيم الحضارية والأنسانية" ؟
أجل ، بالتأكيد ؛ هذا هو المطلوب من طرف الغرب من دون ريب ؛ المطلوب هو تخليق عراق مُدمَّر الشعب و الامكانيات ، بحكومات فاشلة الواحدة تلو الاخرى ، في بلد مهم ، كي لا تقوم له أي قائمة في المنطقة على المدى المنظور فترتاح أنظمة الحكم الموالية للغرب في المنطقة منه بتهميشه تماماً و اشغاله بلعق جراحه المتوالية .
نفس الشيء يقال عن احتلال الغرب لأفغانستان وانسحابه منها ، و قبلها للصومال و ليبيا ووو الخ .
أعود الآن إلى القومجية و الدينجية العرب لمحاولتهم مجتمعين : "غلق الأبواب وقنوات التنوير والحضارة والتطور الأجتماعي والأقتصادي الذي يمثله الغرب في العالم ودوره القائد والريادي في تطوير القيم الحضارية والأنسانية. "- بعد تأجيل الكلام عن "الماركسيين السوفيت" الى وقت لاحق .
لنتكلم عن الدينجية أولاً ، فأسأل : من الذي سعى لإقامة أولى الدول الدينجية في الشرق طراً : السعودية و اسرائيل و الباكستان ؟ أليست هي بريطانيا ، و كان هدفها من هذا هو بالضبط : "غلق الأبواب وقنوات التنوير والحضارة والتطور الأجتماعي والأقتصادي الذي يمثله الغرب في العالم ودوره القائد والريادي في تطوير القيم الحضارية والأنسانية" ؟ ثم ، ألم يقرأ الدكتور الفاضل عن دور بريطانيا وأمريكا من بعدها في تجنيد رجال الدين لخدمة مصالحها في الشرق ، مثلا في القاء القبض على ثوار النجف و اعدامهم عام 1918 ، و تجنيد حملة الخناجر من أتباع الكاشاني ضد ثورة مصدق ، وتجنيد الاخوان المسلمين في مصر ، و تجنيد محسن الحكيم لتكفير الشيوعيين العراقيين ، و تجنيد "المجاهدين الافغان" و "القاعدة" و داعش و النصرة ... الخ ؟
و ماذا عن اشراف المخابرات الانجلوأمريكية على الانقلابات العسكرية "القومية" في مصر و السودان و اليمن و العراق و سوريا ؟ ألم يقرأ الكاتب بعد ، مثلاً ، كتاب "لعبة الأمم : لا أخلاقية سياسات القوة" لضابط السي آي أي السابق : مايلز كوبلاند :
The Game of Nations: The Amorality of Power Politics: Miles Copland, 1970.
ليعرف حقيقة ما يدعيه جزافاً عن " الدور القائد والريادي للغرب في تطوير القيم الحضارية والأنسانية" ؟
ثم ، ألم يتأكد الآن على نحو قاطع أن حزب البعث ما هو إلا صنيعة المخابرات الغربية-المصرية لإبادة الشيوعيين العراقيين ؟ ليستعلم عن العنوان :
CIA activities in Iraq, 1958-1963
نشاط السي آي أي في العراق ، 1958-1963
لكي يعرف مدى قباحة و وحشية وقائع: " الدور القائد والريادي للغرب في تطوير القيم الحضارية والأنسانية" في العراق ، عكسما يدعي الكاتب .
أعود الآن لموضوع "الماركسيين السوفيت" على حد تعبير الكاتب . من المعلوم أن الماركسيين الحقيقيين – في كل مكان – هم من أتباع ماركس و انجلز اللذين رفعا شعار : يا عمال العالم اتحدوا ، وناديا في بيانهما الشيوعي بالثورة ضد النظام الرأسمالي في الغرب لكون هذا النظام مبني على استغلال الانسان لأخيه الانسان وعلى النهب الجائر لموارد الطبيعة و على تفجير الحروب المتوالية و الازمات الدورية و اقامة دكتاتوريات رأس المال المتوحش . هذه الحقائق مشهودة ، و تتأكد و تتفاقم شدتها يوماً بعد يوم مثلما شهد العالم من الفشل الذريع للأنظمة الرأسمالية في احتواء جائحة كورونا التي حصدت أرواح الملايين من الأبرياء ولد الخايبة – وليس البليونيرية من أمثال موسك و سوروس وبيزوس وغيتس و أليسون – و مثلما يحصل و سيحصل هذا العام وما سيليه جراء تسارع التضخم الراكد للاقتصاد الرأسمالي العالمي حالياً . و من المعلوم أن الماركسية هي علم قوانين النظام الرأسمالي ، و هي باقية كحركة ثورية مادام هذا النظام المدمر للبشرية باقياً . لذا ، فإن كل الماركسيين الحقيقيين في العالم – سواء كانوا من الشرق أم من الغرب – يناضلون لتحقيق أهداف البيان الشيوعي . و هي أهداف أثبت التاريخ ضرورتها ؛ و بعكسها تسود البربرية الامبريالية العالم مثلما هو حاصل اليوم . و قد تُباد كل الحياة من على كوكب الأرض في حرب إمبريالية نووية مهلكة يمكن أن تتفجر بالصدفة أو بالخطأ أو بالقصد في أية لحظة ، مثلما يتهدد البشرية من خطر في الحرب المدمرة المندلعة الآن بالنيابة في أوكرانيا جراء تقاطع مصالح الرأسمالية الروسية مع الرأسمالية الغربية ، و كلاهما متوحشتان وتضربان عرض الحائط كل ما هو انساني حالما يتقاطع مع مصالحهما . هنا يتساوى دب الرأسمالية الروسية بوتين مع ذئاب رأسمالية الغرب بايدن و جونسن وماكرون و شولتز و زيلنسكي.. الخ ؛ و تبقى الشعوب المغلوبة على أمرها وحدها هي الضحية ، بالضبط بفضل : " الدور القائد والريادي للغرب في التدمير التام و الممنهج و الدائم للقيم الحضارية والإنسانية" . كل هذا ، مع ما ستعقبه من الويلات ، هي مصاديق التاريخ على مقولة ماركس في الرأسمالية كنظام لا مستقبل له بسبب تناقضاته الداخلية التي تجبر المرء على الوقوف حائراً و هو يتفرج حوله على "كل شيء صلد يتميع ، و كل مقدس يتنجس" .

يتبع ، لطفا ً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات جامعة إيموري.. كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة الأم


.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام