الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف أخْتلقَ - الشعب الإسلامي - فرنسا نموذجا

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


أقتبس عنوان كتاب "الشعب اليهودي كيف اختلق " لمؤرخ اسرائيلي يدعى شلومو صاند ،و لكن لسنا هنا في معرض مراجعة تاريخية أو نتائج تحقيق ميداني ، و إنما بصدد التفكر في مسألة تحتل مكانا بارزا في الحقل السياسي و الاجتماعي لا تتناسب من وجة نظري مع حجمها الحقيقي و مع دلالتها الموضوعية . هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فلا ينم غالبا ، الخطاب السياسي الذي يتناولها ، عن حسن نية قائله و عن رغبته في وضع الأمور في نصابها الصحيح ، بل لا نجازف بالكلام في نعته بالتحريضي و بث الكراهية ، و خلوه من الحلول العملية سلبا أو إيجابا . كأن الغاية المبتغاة هي توظيف خطر متخيّل ، يُفترض أنه داهم، في سياق سيرورة مهنية ، إنتهازية ،من أجل مراكمة رصيد انتخابي ، عن طريق برنامج ضحل سياسيا و فكريا .
لم تكن الأزياء " الإسلامية ّ إذا جاز هذا التعبير ، في سنوات السبعينات ، ظاهرة في المدن الفرنسية ، في الساحات العامة ، شكلا و كثافة ، كما نلاحظها اليوم ( مثلا صلاة الجمعة في اماكن غير مناسبة ، على أرصفة الشوارع ، إلى جانب حضور النسوة المحجبات في الأسواق ، و خروج الرجل من منزله بقميص طويل و قلنسوة ) . فعلى الأرجح أن مرد ذلك عائد إلى متغيرات طرأت على بنية الجماعات المتحدرة من أصول أجنبية ، تتبع الديانة الإسلامية . أو بكلام أكثر وضوحا إن مرجعه في أغلب الظن ، إلى حاجة هذه الجماعات إلى هوية ملموسة ، بدل اللاهوية التي تعبر عنها في فرنسا صفة "أجنبي " ، بالرغم من أن هذا الأخير تحوّل بدءا من الجيل الثاني إلى مقيم دائم و لم يعد مهاجرا موسميا كما كان والداه و أجداده من قبل .
أقتضب فاقول لقد كان " الأجنبي " في فرنسا ،رجلا يخدم في مصنع أو معمل أو منجم ، بينما زوجته و بنوه كانوا في بلاده الأصلية ، وبالتالي كان يتحرك بين المسكن و المعمل ، و لكن الأوضاع تغيرت في ما يخص الأجيال التالية ، حيث أن إقامتهم في فرنسا صارت شبه دائمة ، غير مرتبطة بالضرورة بالعمل والبطالة ، مقابل زيارة يقومون بها إلى البلاد الأصلية في مناسبات متباعدة أكثر فأكثر ، الأمر ذفع بهم إلى البحث عن هوية فلم يجدوا يا للاسف غير هوية " مهاجر" ، في ميدان البناية او الحي الذي لم يبق فيه إلا مهاجرون ، بعد أن غادره الفرنسيون الأصليون . و مازاد الطين بلة هو تقلص سوق العمالة وارتفاع نسبة البطالة بينهم .
لا شك في أن هذه الظروف المتّسمة بالغموض مثلت العامل الأساس في انبثاق "مشكلة " الأجانب من الجيل الثاني و الثالث و ما بعدهما ، ترافق ذلك مع حملات المعسكر الغربي على دول المشرق و شمال إفريقيا من أجل تصفية مواقع النفود التي كانت للإتحاد السوفياتي تعجيلا في أنهياره و تفكيكه حيث لجأ هذا المعسكر كما هو معلوم ، إلى استخدام " الهوية الإسلامية " لاجتذاب المرتزقة و تشجيعهم على الثورة على حكام تلك الدول ، بتهمة الفساد و الديكتاتورية و التواطؤ مع النطام الإلحادي الشيوعي . فكان طبيعيا أن ينعكس هذا كله في أوساط " الأجانب " المقيمين الدائمين، لا سيما الذين يعانون ضنك العيش ، حيث كثرت مراكز الإرشاد الديني و المساجد و كثرت معها الجمعيات الدعوية الدينية في أحياء المدن التي يسكنونها ، إلى جانب الأموال التي يرجح أن مصدرها في دول خليجية أنخرطت بسخاء و حماسة ، كما هو معروف في حملات المعسكر الغربي دعما و تخطيطا لما سمي الربيع في بعض بلدان العرب التي استحالت خرابا وبالا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصب خيام اعتصام دعما لغزة في الجامعات البريطانية لأول مرة


.. -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية إنسانية بعد اجتي




.. مستوطنون يتلفون محتويات شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة


.. الشرطة الألمانية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لغزة بجامعة برلين




.. غوتيريش يحذر من التدعيات الكارثية لأي هجوم عسكري إسرائيلي عل