الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقلام لاهبة في السياسة العراقية

مظهر محمد صالح

2022 / 6 / 21
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


في ازقة الفكر ومهابط الخلق والابداع تتحرى الامة عن سبل الحكمة التي يطرزها اليوم اكثر من قلم سياسي لاهب.فالميل في نفوسنا مازال يعج في يقضة التذوق لنتاجات العقل العراقي المبدع وهو يمنحنا من فوره وبدون شك منهجا للتفكير واعادة ترصين ثوابت رؤيتنا الوطنية لكي تُعبد بلادنا مناهج العمل و هي اقل انزلاقاً واكثر استقرارا واقوى عزماً واوفر حظاً في مساراتها نحو المستقبل.
فمثلما يرى الكاتب والمفكر الحداثي مازن صاحب وهو يتصدى في دراسته الى مصفوفة الحلول لفك اسر الامة من ازمتها السياسية ، نجد من الطرف الاخر المفكر الكبير ابراهيم العبادي قد اثار الاهتمام بمسالتين جوهريتين في تحليل المازق السياسي الراهن في العراق وتداولها وبحكمة منقطعة النظير .
فالاثارة الاولى التي تصدى فيها ابراهيم العبادي في مرتفعات منهجه التحليلي كانت في مسالة الارتدادات السيكولوجية او النفسية للازمة السياسية العراقية الراهنة ، في حين ذهب العبادي في الاثارة الاخرى واسعاً في تحليل آلية صنع القرار وتشابكاتها في عصر الدولة الحالي.
ولكي ندرك المراد التحليلي والفكري للكاتبين القديرين ذلك قبل ان ترتمي الافكار الحية بين فكي فريسة النسيان ، وحتى نستظل جميعًا بظلال الفكر السياسي العراقي التحليلي في مساحة انتشار مبهرة ،تستحق التداول دون التريث ،فيمكنني ان اقول :
1-ان اكثر الاغترابات تطرفاً في علم الدولة هي مايمكن تسميته ب( الاغتراب العلوي upper alienation الحاصل داخل انسجة البنية الفوقية السياسية) فالمتنازعون على السلطة والمنظمون بسلاسل معتقدية وتوجهات تتقلب بين التشدد اوبين الواقعية السياسية او البراغماتية ،والتي مازالت تختلف اثنيا ومذهبيا وقبلياً ،هم من يشكل استدامة حوار الغرباء وتكريس ثوابت سياسية سالبة ترسم حدودا قاتمة اللون في تعريف (فلسفة الاغتراب السياسي ).اذ امسى البعض يتحرك بلا ريب بعقدة التفوق على البعض الاخر دون توافر الحد الادنى من الوان الحياة القادرة على رسم صورة من الاستقرار والازدهار في امة امتدت عراقتها الى سبعة آلاف عام ،يوم كان العراق اول دولة في التاريخ كما اصلها الاستاذ نديم الجابري في كتابه الاخير .انه اغتراب منقلب على تاريخ التاسيس الحضاري للدولة نفسها.
ومن جانب آخر تكتشف انه في داخل كل شريحة مذهبية او فئة اجتماعية او اثنية او قبلية … يختزل الاغتراب اشكاله في قاعدة دنيا او يمكن تسميته (بالاغتراب الادنى للبنية الفوقيةlower alienation ).وهي قاعدة الاغتراب الجماهيرية التي تتمزق بين التحرر الوجودي والعزلة او جلد الذات او نبذ المجتمع بقضه وقضيضه او التمرد التناحري او الاستسلام الى زوبعة الاغتراب العلوي.
بهذا لم يعد البناء السياسي الفوقي هو الرافعة التي تولد الانسجام المجتمعي كي تتلاشى مساحة الاغتراب في قاعدة البنية السياسية الدنيا.
فما يمكن استنتاجه ان الاغتراب الادنى سيظل دالة مباشرة للاغتراب الاعلى في نطاق تطور الثقافة السياسية في شرق المتوسط .

2-ثمة مسالتين جوهريتين تحددان درجة قوة واستدامة عملية صناعة القرار في بلادنا الشديدة الريعية .الاولى هي درجة ملائمة وانفاذ القانون الاساس ( الدستور) والاخرى هي في قوة المؤسسات الممثلة ( للسلطات ).اذ تعد درجة التكامل بين القانون الاساس وعمل السلطات مؤسسيًا والفصل بينها القيد الذي يحدد امثلية صناعة القرار . وان الخطر الداهم في صناعة القرار واضعاف امثليته في بلوغ التنمية المجتمعية وازدهار البلاد واستقرارها ، هو التداخل الغامض بين السلطات نفسها والخواء المؤسسي الرابط لعمل السلطة الواحدة واغتراب صناعة القرار عن القانون الاساس وبطرق شديدة الاضطراب .وما يزيد الطين بلة هو اشاعة نمط من اللامركزية يعتاش على الريع المركزي لتسيير نظاما لامركزيا ضعيف مؤسساتيا و يعتاش زبائنيا على القوة المالية المركزية دون مقومات ذاتية في اشاعة التنمية المناطقية وبناء مؤسساتها .
وهكذا يمكن ان توصف صناعة القرار في البلدان الريعية المركزية ذات الممارسات الديمقراطية. المستحدثة بمزيج او ( كوكتيل ) صعب المذاق مالم توصف حدود تكويناته ومركباته بقوة اصلاحية ذات نسيج متماسك في تعريف الدولة عموما وآليات صناعة القرار فيها خصوصا.
فالبلاد بحاجة الى قادة .فاذا كانت القيادةُ؛علمٌ وفنٌ ومهارةٌ وممارسةٌ، فانها بلا ريب كما يقول المفكر الدكتور عقيل الخزعلي تحتاج الى شخصٍ يُتقنُ الأدوار الثلاث؛ (الأب-الحكيم-الخادم). فالقيادة الحقيقية لا تأتي من خلال؛ (السُلطة ولا المنصب ولا الوراثة ولا المال ولا الشهرة ولا المعرفة،فما اكثر الملوك والامراء ، والزعماء والرؤساء ، والسياسيين والمُحللين، والأكاديميين والمديرين) وما أقلَّ القادة،فالقيادة ضرورةٌ حضارية مجتمعية.
3- ختاما، فعندما تدار التناقضات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بحكمة، كي تاخذ الحياة مسارها التطوري الطبيعي السلمي اللاتناحري ، تبقى القيادة ضرورة حضارية مؤسسية أُسرية ولاسيما عند النظر الى الصفات التقليدية الخمس للقادة الفعالين:بكونهم مدركين لذواتهم ابتداءً ويمنحون الأولوية للتنمية الانسانية ويركزون على تطوير الآخرين ويشجعون التفكير الاستراتيجي والابتكار والعمل. فضلا عن انهم اخلاقيون ومدنيون ويمارسون التواصل الفعال بين الثقافات كي تستقيم الحياة بمجملها وتزدهر .

(انتهى)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم


.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني




.. أنصار الحزب الاشتراكي الإسباني وحلفاؤه بالحكومة يطالبون رئيس


.. Politics vs Religion - To Your Left: Palestine | فلسطين سياس




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي