الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو هيئة دول جديدة متحدة : من الأمة الى الدولة

كامل عباس

2022 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


نحو هيئة دول جديدة متحدة :
الحلقة الرابعة
من الأمة الى الدولة
تحوّلت عصبة الأمم السابقة بعد الحرب العالمية الثانية الى هيئة الأمم المتحدة , مع ان المشاركين الجدد كلهم دول ولكل دولة حدود معترف بها وان كان هناك بعض الاشكالات بين الحدود فقد كان من المنتظر ان يتم ترسيمها عبر القانون الدولي الجديد وبالتوافق بين الدول وليس بالقوة العارية كما كانت الحال ايام الأمبراطوريات السابقة , ربما ارادت أمريكا واوروبا مراعاة حليفهم الاشتراكي الجديد الاتحاد السوفياتي وزعيمه ونظريته حول تطور الامم من عشائر الى قبائل الى أقوام ألى قوميات ومن ثم امم والمتفق مع ترسيمة ستالين الشهيرة : مشاع – رق – اقطاع – راسمالية – اشتراكية – شيوعية . كان للمنتصرين على ما يبد و مصلحة مشتركة في ذلك التنظير حول القوميات وتحولها الى امم حيث الأمة هي جماعة من الناس على ارض مستقرة لها ثقافتها وتاريخها وآلامها وآمالها وعاداتها وتقاليدها ولا بأس من الاضافة كما يريد ستالين عن أمم بالكمون تحتاج الى اقتصاد مشترك للتحول الى امم بالقوة ,فذلك التعريف سيخدمهم مستقبلا في الحديث عن حق تقرير المصير واللعب فيه ليتحدثوا تارة عن تلك الاثنية واخرى عن تلك القومية واخرى عن أمة اسلامية أو امة هندوسية أو امة كردية او عربية أو شركسية الخ . اما الحديث عن التنوع والتعدد وتعايش الناس فيما بينهم داخل الدول وما فيه من غنى للتطور الانساني فلا بأس ان يُترك لدعاة الانسان وحقوقه كما تريد الشعوب التي اصبحت تكره الحروب وتتطلع الى فض النزاعات بين الدول عبر القانون الدولي ولذا لم يعترضوا على المادة الرابعة من الميثاق القائلة حرفيا
(عضوية الأمم المتحدة مفتوحة لكل الدول الأخرى المحبة للسلام بحيث يبدو الاعلان العالمي لحقوق الانسان في صورة المقياس لكل الشعوب والامم وهو ينطبق على كل امرئ بصرف النظر عن العرق او اللون او الجنس أو اللغة او الدين او الراي السياسي أو الأصل القومي اوالاجتماعي او الثروة او المولد او أي وضع آخر ). لقد لاحظ الكثير من الصحفيين والمثقفين والفلاسفة ذلك الصراع المبّطن بين مفهوم الأمة ومفهوم الدولة لدرجة ان الشاعر الهندي طاغور قال : الأمة هي ظهور شعب بأكمله في صورة دولة منظمة , أما الفيلسوف كنط فقد انتقد ضمنا ذلك التناقض في ميثاق الهيئة بالقول : كل البشر يتمتعون بالحق في طرح أنفسهم على المجتمع بموجب حق الملكية المشتركة لسطح الأرض .... أما المفكر الفرنسي آرنست رينان فقد قال حرفيا : الانسان ليس عبدا للعرق الذي ينتمي اليه ولا للغته ولا لدينه ولا لاتجاه سلاسل الجبال .
فعلا يستغرب المرء ذلك الجدل البيزنطي المستمر حتى الآن عن القوميات والأمم وعن حق تقرير المصير بعد ان اصبح العالم مجموعة دول لكل دولة علمها ونظامها ولكن ذلك مناسب على ما يبدو للعزف على وتر المشاعر والأحاسيس التي مّر بها البشر لتهييجهم كي ينصرفوا عن التفكير بمستقبلهم .
ان أي دولة هي نتاج تطور طبيعي جاء لمصلحة كل البشر الموجودين على أرضها , حيث الدولة بشكل عام تُقدم خدمات لكل مواطنيها بغض النظر عن لون وعرق ودين أوطائفة أو طبقة أي واحد منهم ولكل دولة مسارها الذي جعل لها بنية تحتية خاصة بها ,هذا يعني ان الحديث عن امم وقوميات واثنيات وطوائف يراد منه تفكيك الدول او تركيبها لمصلحة معينة خاصة بالنظام الذي يطرحها , بالطبع يجب التفريق بين الدولة والنظام , ومسيرة كل منهما في نفس الدولة فالنظام يخدم فئة معينة في الدولة وقد تختلف او تتطابق مصلحة النظام مع مصلحة الدولة حسب الظروف وحسب نشأة الدول . هل جاءت نتيجة عقد اجتماعي بين الناس ؟ ام نتيجة انقلاب حمل أهل القوة الى السيطرة على النظام ,لكن الدولة يا سادتي معنية بتقديم الخدمات للجميع مثل بناء الجسور وشق الطرقات وتامين الخدمات المتعددة لمواطنيها كالكهرباء والمياه وشبكة المواصلات واقامة المباني العامة للمؤسسات الضرورية لتأمين الخدمات , وكل تفكيك للدول الحالية او تغيير ديمغرافي فيها هو لخدمة الماضي ولخدمة اولئك الذين يعاكسون التاريخ ويصّرون على خدمة انظمتهم وليس دولهم .
هذا ما يفسر لنا لماذا اتفقت تلك الأنظمة المعادية للتطور بشكل مبطن لاجهاض الميثاق العالمي لحقوق الانسان وجعله حبرا على ورق فقط , لقد توهمنا كتقدميين وديمقراطيين ان عهدا جديدا بدأ في تاريخ الحضارة الانسانية مع ظهور ذلك الاعلان لتصدمنا الأنظمة الأكثر تطورا وحضارة ورقيا على كوكبنا والتي لم تتخلص من تاريخها الماضي تاريخ اعلاء الطبقي على الانساني ,, اعلاء مصالح الانظمة على القيم المشتركة بين البشر, وها هي الآن ترفض القانون الدولي صراحة لحل المشاكل بين الدول وتعود الى قانون القوة القديم الذي عرفناه ايام الأمبراطوريات في القرون الوسطى واذا بنا نكتشف ان هيئة الأمم المتحدة كانت مسرحا لحرب باردة بين هذه الدول طّورت فيها اسلحتها الفتاكة استعدادا لحرب ساخنة عندما يلزم الأمر كما هو جار الآن.
ان الأمة يا سادتي كيان ثقافي اجتماعي تجاوزه الزمن مع مجيء الدولة التي هي كيان سياسي يتطلع الى المستقبل بدلا من الرجوع الى الماضي , ان الحديث عن القوميات والاثنيات والطوائف يذكرنا بالانتفاضات التي جرت في التاريخ سابقا ومآسيها وما بُني عليها فيما بعد ليجعل الكثير منا يتذّكر ارثا ثقيلا يظنه مقدسا اورثنا كّما هائلا من الكراهية والدم والحروب وكثير من المشاكل التي لم تجد لها حلولا حاسمة.حتى الان اما الحديث عن الدول فهو يعني الحديث عن الاصلاح كونه بناء على البناء بدلا من الثورات التي عرفناها وهو يلتقي مع روح العصر وتاريخ الانسانية ,
ان عصر العولمة الذي وصلنا اليه يطلب منا ان نتعاون كدول لحل مشاكل كثيرة في عالمنا الحالي ويرحب باي تركيب في أي منطقة من العالم بين الدول ولا يرحب باي تفكيك لها .
لم تعد العلاقات الدولية التي تتغير اليوم، تتتحمل تحالفات إقليمية مزاجية او مصلحية براغماتية، وهو ما يتطلب منا إعادة نظر في كل أسس المنظومة السابقة وسن قوانين دولية جديدة يجعل الدول تساهم في اقتصاد سوق القرية الكونية الحالية بالتكامل والتعاون مع بقية الدول وما تقدم من ميزات خاصة للسوق الجديدة , أي باختصار يجب ان نتلاقى مع روح العصر الذي يجعل الدول الحضارية الغنية تساعد الدول النامية لتجاوز تخلفها ولتنخرط في لعبة السوق بما يعلي كلمة الانساني على الطبقي وليس العودة الى الماضي لوضع العصي في دواليب التطور من اجل مصالح خاصة بأنظمة تلك الدول








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل