الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الاجتماعية لميخائيل باكونين

مازن كم الماز

2022 / 6 / 23
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في رسالتي إلى فرنسي في أيلول سبتمبر 1870 كان لي الشرف البسيط و الحزين أن أتنبأ بالشرور الفظيعة التي حلت بفرنسا اليوم و معها كل العالم المتحضر ، هذه الفظائع التي لا يوجد لها سوى علاج وحيد : الثورة الاجتماعية . لإثبات هذه الحقيقة التي لا يمكن الاختلاف حول صحتها اليوم من خلال التطور التاريخي للمجتمع و الأحداث التي تقع أمام أعيننا في أوروبا بالفعل ، و بطريقة مقبولة من كل أصحاب النوايا الحسنة ، من كل الباحثين المخلصين عن الحقيقة ، و بعد ذلك أن نشرح بكل صراحة ، بدون تحفظات و لا أية مداورة المبادئ الفلسفية و الأهداف العملية التي تشكل كما يمكن القول ، الروح الحية ، الأساس و الهدف الذي نسميه الثورة الاجتماعية ، هو غرض هذا المقال ( العمل ) . أعلم جيدًا أن المهمة التي أضعها أمامي ليست سهلة و أني قد أتهم بالتحيز إذا استخدمت أية حجة شخصية . لكني أؤكد للقارئ أني لن أفعل ذلك ، أنا لست متخصصًا و لا فيلسوفًا و لا حتى كاتبًا محترفًا . لقد كتبت القليل جدًا في حياتي و قد فعلت ذلك فقط كي أدافع عن نفسي غالبًا ، أو عندما كانت قناعاتي الشغوفة المضطرمة تتغلب على اشمئزازي الغريزي من استعراض نفسي أمام الآخرين. من أنا إذن و ما الذي يدفعني لأنشر هذا المقال ( العمل ) ؟ أنا باحث متحمس عن الحقيقة و عدو لدود للخرافات الكاذبة لحزب الحفاظ على النظام - هذا الممثل الرسمي لامتيازات و مصالح كل الأوغاد ، الدينيين ، الميتافيزيقيين ، السياسيين ، القانونيين ، الاقتصاديين و الاجتماعيين ، الحاليين و السابقين ، و التي يستمرون باستخدامها اليوم لاستغباء و استعباد هذا العالم . أنا عاشق متطرف للحرية ، لأني أعتبرها الوسط الوحيد الذي يمكن فيه ، للذكاء ، و لكرامة الإنسان و سعادته أن تتطور و تزدهر ، لا أقصد هنا تلك الحرية الرسمية - التي "تمنحها" و تنظمها و تضبطها الدولة ، هذا الوهم الأزلي الذي لا يمثل في الواقع سوى امتيازات قلة محدودة تعيش على استعباد الجميع ، و لا الحرية الفردانية - الأنانية و الهزيلة جدًا و المزيفة التي تنادي بها مدرسة جان جاك روسو و معها بقية مدارس الليبرالية البورجوازية و التي ترى في حق ما تسميها الدولة حدودًا و قيودًا على حرية الآخرين و التي تنزع دائمًا و بالضرورة إلى مسخ حقوق الآخرين تلك إلى مجرد صفر ، لا شيء . كلا ، أنا أعني الحرية الوحيدة التي تستحق ذلك الاسم ، الحرية التي تعني التطور الكامل لكل القدرات المادية ، الفكرية و الأخلاقية التي توجد كإمكانيات كامنة في كل إنسان ، الحرية التي لا تعرف أية قيود سوى تلك التي نقررها نحن وفقًا لقوانين طبيعتنا الخاصة بحيث يمكننا أن نقول ، أنه لا قيود تحدها البتة - بما أن تلك القوانين لا يفرضها علينا مشرع ما من خارجنا ، سواءً كان فوقنا أو إلى جانبنا . إنها متأصلة داخلنا و تشكل أساس وجودنا نفسه ، المادي و الفكري و الأخلاقي . و لذلك فبدلًا من أن نعتبرها قيودًا فإننا نراها شروطًا موضوعية و الأساس الفعلي لحريتنا . أعني حرية كل شخص التي عوضًا عن أن تعتبر قيودًا على حرية الآخرين ، فإنها تجد في حريتهم تأكيدها و تحققها و اتساعها . الحرية غير المقيدة لكل شخص من خلال حرية الجميع . الحرية من خلال التضامن ، في المساواة ، الحرية المنتصرة على القوة الهمجية للسلطة و مبدئها - المبدأ الذي يمثل التعبير الأمثل عن تلك القوة الهمجية . الحرية ، التي بعد أن تطيح بكل الأصنام السماوية و الأرضية ، ستؤسس و تنظم عالمًا جديدًا - عالمًا قائمًا على الصداقة و الروح الأخوية - على أنقاض كل الكنائس و الدول . أنا داعية ذا قناعة راسخة إلى المساواة الاقتصادية و الاجتماعية ، لأني أعرف أنه من دون تلك المساواة ، فإن الحرية ، العدالة ، الكرامة الإنسانية ، الازدهار الأخلاقي و الفردي ، و أيضًا ازدهار الشعوب ، لن تكون إلا وهمًا . لكني ، و كداعية و نصير لا يتزحزح للحرية ، الشرط الأول للإنسانية ، أعتقد أنه يجب إقامة هذه المساواة من خلال التنظيم الطوعي للعمل و الملكية الجماعية للاتحادات المنتجة التي تتنظم و تتوحد بشكل حر في كومونات و اتحاد هذه الكومونات الحر و الطوعي أيضًا لا من خلال وصاية الدولة و عملها الفوقي . هذه هي النقطة الأساسية التي تميز الأناركيين الشيوعيين عن الاشتراكيين الدولتيين - أنصار المبادرة المطلقة للدولة . إن أهدافنا واحدة ، كلا الحزبين يطمحان إلى إقامة نظام اجتماعي جديد يقوم حصريًا على تنظيم العمل الجماعي المفروض ضرورة على الجميع بقوة الأشياء أو الواقع ، الظروف الاقتصادية المتساوية للجميع و الاستيلاء الجماعي على أدوات الإنتاج . لكن الاشتراكيين السلطويين يتوهمون أنهم قادرون على تحقيق ذلك من خلال تطوير و تنظيم السلطة السياسية للطبقات العاملة - خاصة بروليتاريا المدن ، بمساعدة البرجوازية الراديكالية . أما الشيوعيون الأناركيون ، أعداء كل خليط أو تحالف غير محدد أو واضح المعالم ، فيعتقدون على العكس من ذلك ، أنه يمكن تحقيق ذلك الهدف فقط من خلال تطوير و تنظيم ، ليس القوة السياسية لجماهير الشغيلة ، بل القوة الاجتماعية ، و بالتالي اللا سياسية أو المعادية للسياسة لهذه الجماهير سواء في المدينة أو الريف ، بما في ذلك كل أصحاب النوايا الطيبة من الطبقات العليا الذين بعد أن يقطعوا مع ماضيهم سينضمون بكل وضوح إلى جماهير الشغيلة و يتبنون برنامجها . من هنا تنشأ طريقتان مختلفتان . الاشتراكيون الذين يعتقدون أنه عليهم تنظيم قوة العمال ليستولوا على السلطة السياسية للدولة . و الأناركيون الذين ينظمون أنفسهم بهدف القضاء على ، أو اذا اخترنا كلمة ألطف ، تصفية الدولة . الاشتراكيون أنصار مبدأ السلطة و ممارساتها . و الأناركيون الذين يثقون فقط بفكرة الحرية . كلاهما من أنصار العلم المتحمسين ، بهدف القضاء على كل خرافة و إحلال ( العلم ) مكان الإيمان ، لكن أحدهما ينوي فرض ذلك بالقوة بينما يريد الآخر الدعوة إليه ( العلم ) لإقناع جماعات البشر بأن تتنظم و تتوحد عفويا و بكل حرية من الأسفل بإرادتهم الحرة و وفق مصالحهم الحقيقية ، لا بحسب خطة محددة سلفًا يفرضها مفكرون ذا ذكاء متفوق على "الجماهير الجاهلة" . يعتقد الأناركيون أن هناك عقلًا و روحًا عملية أكثر في الدوافع الغريزية و الحاجات الحقيقية "للجماهير" منه في الذكاء المتفوق لكل أطباء و معلمي البشرية ، الذين على الرغم من كل فشلهم حتى اليوم ، في جعلها سعيدة ، ما زالوا يستمرون بمحاولاتهم تلك . يعتقد الأناركيون على العكس ، أن البشرية قد سمحت و لوقت طويل جدأ بأن تحكم و أن مصدر كل الشرور القائمة لا يوجد في هذا الشكل أو ذاك من الحكومات ، بل في مبدأ الحكومة نفسها و في وجودها أيًا تكن . هذا التناقض الذي أصبح تاريخيًا ، بين الشيوعية التي تم تطويرها علميًا واقتصاديًا من قبل المدرسة الألمانية و التي تبناها جزئيًا الاشتراكيون الامريكيون و الإنكليز من جهة ، و البرودونية ( نسبة لبرودون ) و قد استكملت و بلغت نتائجها المنطقية و التي تبنتها بروليتاريا البلدان اللاتينية . و التي تتبناها على نفس الدرجة الشعوب السلافية عبر غرائزها المعادية للسياسة . لقد جربت هذه الأناركية و وجدت أول تعبير عنها في كومونة باريس

نقلًا عن

https://www.libertarian-labyrinth.org/bakunin-library/mikhail-bakunin-social-revolution-1871/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة