الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القبائل السياسية العراقية والديمقراطية التوافقية؟!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2022 / 6 / 23
كتابات ساخرة


حسناً فعل قادتنا العظام الذين جاءت بهم الأقدار ـ أو الصدفة أو الأمريكان.. لا فرق ـ حينما أجمعوا على جعل الديمقراطية أساس سلطتهم وجوهر نظام حكمهم، لكن بعد ـ وهذا من دواعي الاصالة ـ أن جردوا الديمقراطية من ملابسها القديمة الغير محتشمة، وألبسوها جبة وعمامة بيضاء وسبحة مائة وواحد!!

فإذا كانت الديمقراطية القديمة في كل العالم في جوهرها ـ قبل أن تلبس ملابسها المحتشمة هذه في العراق ـ تعني حكم الأكثرية أو الاغلبية، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الطائفة أو المذهب الديني وحتى السياسي.. والأكثرية في كل الديمقراطيات تعني الأكثرية السياسية، وليس الاكثرية الدينية أو الطائفية أو العرقية أو أية أكثرية من نوع آخر في كل العالم !
فالأكثرية تعني الأكثرية السياسية، لكنها في العراق الجديد ـ وقبله في لبنان ـ تعني عند ساسته أكثرية طائفية، فمارسوا الديمقراطية بهذا المعنى الطائفي في طول البلاد وعرضها!

وإذا كانت الانتخابات في كل العالم تجسد أحد أهم وسائل الديمقراطية، وإذا كان في كل انتخابات دائماً فائز وخاسر، فإن الفائز هو الذي يحكم والخاسر يذهب إلى المعارضة، أو تشكل أكثرية داخل البرلمان أو اتلافات تتوافق على ادارة البلاد فيما بينها.. لكن وفي كل الحالات، لابد من وجود قوى تحكم وقوى أخرى معارضة لها، وبدون وجود هاتين القوتين يعني لا وجود لأية ديمقراطية!!

لكن ساسة العراق المعرفون بتذليلهم للصعاب واختراعهم حلولاً اعجازية لكل معضلة مهما كان حجمها، اخترعوا حلاً اعجازياً لهذه المعضلة أسموه بــ "الديمقراطية التوافقية"!
و "التوافقية الديمقراطية" تعنى : أن الكل يحكم والكل يعارض، والكل في الحكم والكل في المعارضة بمعنى أدق، الكل يكسب والكل ينوبه من (كعكعة العراق) حصة معلومة!
****

وهذه "الديمقراطية التوافقية" العراقية تشبه إلى حد كبير "مؤامرة كفار قريش" على قتل الرسول الأعظم(ص)، فقد اتفقت قريش على قتل النبي، وعلى أن يأخذوا من كل قبيلة رجلاً، وجميع هئولاء الرجال يطعنون الرسول طعنة قاتلة واحدة، "فيضيع دمه بين القبائل" ولا تستطيع قبيلته أخذ ثأره أو المطالبة بدمه!!

و "الديمقراطية التوافقية" العراقية تعني مثل عملية الغدر هذه تماماً، فالكل في السلطة والكل في المعارضة لا سائل ولا مسؤول فيضيع دم العراق، بين هذه القبائل السياسية العراقية الحاكمة!
ولهذا سال دم العراق انهاراً ضاعت ثروته بحاراً وهدرت كرامته مراراً وتكراراً، من قبل اشقائه الصغار وجيرانه الكبار!!
فبهذه "الديمقراطية السياسية" ضاع (دم العراق) بين هذه القبائل السياسية الهمجية الحاكمة، التي لا تعرف غير السلب والنهب والغزوات والحروب القبلية!

فمن يمكنه أن يكون "ولــي دم العراق" هذا الوطن القتيل المذبوح من الوريد إلى الوريد، بأيدي من يمثلون قبائله السياسية: (القبائل الشيعية) و (القبائل السنية) و (القبيلة الكردية) واحلافهم ومواليهم وعبيدهم من القبائل الصغيرة الأخرى ؟؟
****
لكن هل في العراق اليوم من يصلح أن يكون "ولـــي دم العراق" من كل العراقيين، سواء كانوا سياسيين أو مصلحين محتملين أو كانوا مواطنين عادين.. فالشعب العراقي لا يعرف ويجهل تماماً، أي وجود لأي حزب أو أي شخص يمكن أن يضع به ثقته ويحمله مسؤولية أو معجزة انقاذ بلاده؟؟

فالأحزاب العراقية الأخرى، سواء تلك التي تمثل الوطنيين العراقيين أو القوميين العروبيين أو الماركسيين أو الشيوعيين الأمميين أو تمثل عموم اليساريين.. فهؤلاء جميعهم قد تحولوا هم أيضاً إلى قبائل وعشائر سياسية متناحرة!
وليت هئولاء بقوا ـ كما كانوا من قبل ـ قبائل كبيرة لها مكانتها الكبيرة، إنما تحولت كل قبيلة سياسية منهم إلى بطون وعشائر متعددة، وكل عشيرة منها تحولت إلى أفخاذ وحمائل لها رؤساؤها المعروفون.. فلا فرق يذكر بينه "كأمين عام" وبين أي رئيس أو شيخ عشيرة أو فخذ في أرياف العراق وبواديه إلا الاسم السياسي، أو اللافتة السياسية التي يرفعها على واجهة مضيفه.. عفواً على مقره الحزبي!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس