الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اجهل الجهلاء من عثر (بخمسة انتخابات)!

حيدر المنصوري

2022 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ان الوضع السياسي في العراق يذكرني بطرفة(نكته) عراقية قديمة كنت قد سمعتها ، هي ان :( احد السياسيين كان نائما مع زوجته في غرفة نومهما وقد سمعت الزوجة صوتا في حديقة المنزل، واعتقدت بوجود سارق ، فحاولت استنهاض زوجها السياسي : انهض ، انهض ، يوجد صوت في الحديقة ، فرد عليها.... اتركيه انه ينفعني في الانتخابات ) .
من المعلوم ان الانتخابات هي واحدة من ممارسات الديمقراطية التي تعتمد العملية الرياضية في حساب عدد أصوات الناخبين مايجعل وبكل تأكيد بعد عكس أطراف شخوص معادلة تلك الطرفة ان الكثير من السياسيين لا يهمهم من سيكون الناخب وما يعتقد او يدين او يتوجه ، ما يهمهم فقط هو جمع العدد المطلوب من الأصوات للوصول إلى العتبة الانتخابية بغض النظر من يكون صاحبها ،ومن ثم إلى البرلمان وبعدها ولوج عالم المال والسياسة وما إلى ذلك من المكتسبات الشخصية بحسب الثقافة السياسية العراقية في إدارة الدولة الحديثة وفق مبدأ فك الارتباط بين (الناخب والمنتخب) بمجرد اعلان النتائج من قبل المفوضية !!! .
ان اسوء مافي ثقافة الانتخابات العراقية ان الناخب دائما ما يسترخص قيمة صوته وهو الذي ينتج عنه كل مجريات العملية السياسية وتفرعاتها العديدة في عملية بناء الدولة ، اي انه لا يمكن لكل الفواعل السياسية مهما كانت أوزانها الحزبية او الدينية او حتى مشاربها العقائدية وغيرها أن يسيروا بالعملية السياسية دون التفويض الشعبي (الانتخابات ) ، وهي رحم ولادة النظام السياسي ومصنع انتاج الطبقة السياسية الحاكمة وغطاءها الشرعي.
إن الثقافة الانتخابية والوعي الكبير والشعور بالمسؤولية الوطنية وضبط معيار القيمة الحقيقية للصوت من قبل الناخب العراقي، بالاضافة الى ممارسته عملية الانتخاب على اساس الفهم العالي والادراك الحقيقي لأهمية لحظة الادلاء بصوته يعد الحل الوحيد لفرز طبقة سياسية وطنية يمكن لها أن تعيد صياغة النظام السياسي وفق تطلعات الشارع العراقي وما يتبعه من استقرار أمني واقتصادي ومجتمعي.
وبالطبع أن ذلك يحتاج الى توفير الظروف المناسبة والحماية الكاملة من بيئة أمنية صالحة تبتعد في مساحتها عن الظغط والشحن والتأثير النفسي الذي يسلب الارادة الحرة ويشوش قناعات الاختيار ، إلى جانب العمل على رفع درجة الوعي الكامل لدى الفرد والمجتمع العراقي حول المسؤولية والواجب الذي يجب أن يضطلع بهما باعتباره الضامن الأول والاقوى للعملية السياسية ونظامها ، وان هذه المسؤولية هي من المسؤوليات الوطنية التضامنية التي يجب ان يشترك الجميع في تحقيق اهدافها، لا سيما الفعاليات المجتمعية من مؤسسات المجتمع المدني والنخب الثقافية بكافة مشاربها والجامعات والاتحادات والنقابات بالأخص الحقوقية والقانونية منها ٠
الانتخابات هي عقد من اهم العقود السياسية الوطنية الأخلاقية المباشرة التي تحرر بين (الناخب المصوت) و (المرشح المصوت له) في صناديق الاقتراع لا مع قادة الكتل او الاحزاب السياسية التي ينتمي لها هذا المرشح او ذاك ، وتتضمن العديد من المبادئ والبنود والمواثيق والالتزامات بحسب خصوصية المحافظة واحتياجات ابنائها التي تختلف بكل تأكيد من محافظة او مدينة واخرى وبحسب الأولويات.
من هنا على من يفوز بثقة الجماهير عليه احترام عقد التصويت لا ان يفرط به بمجرد انتهاء موسم حصاد الأصوات، كما ان على المصوت ان يراقب آليات تطبيق بنود ذلك العقد في تحقيق المكتسبات السياسية والخدمية والامنية والاقتصادية وغيرها من الاحتياجات المطولبة على المستوى المحلي والوطني ، وفي ذات الوقت يجب عليه ان ينشط وان يتفاعل عندما يطلب منه بعض المواقف الجماهيرية الضاغطة بهدف تحقيق بعض المكاسب التي قد يتصدى لها ممثله في الحكومة التنفيذية او التشريعية وبعكس ذلك ستركن بنود العقد الى خلل سوف يؤثر في العلاقة التكاملية المبنية على اساس الدعم والتقديم .
ان على الناخب العراقي ان لا يرتضي ان ينتهي دوره بمجرد الانتهاء من عملية التصويت يوم الانتخابات وان لا يتنازل عن حقه باعتباره صاحب الملكية والامتياز على مجمل العملية السياسية ، بل يجب ان ياخذ موقعه الطبيعي في عملية بناء الدولة ، وأن لا يخضع للتاثير والابتزاز، وان لا يسلم لاصحاب الشعارات التي تعمل على استدرار العاطفة ونكأ الجراح وغيرها من الاساليب الممنهجة في كل عملية انتخابة وفي مقدمتها رهان الطبقة السياسية على ضعف وعي الناخب وخلق اصطفافات الشارع من أجل كسب الأصوات.
لقد ورد في قول ماثور ان :(أجهل الجهلاء من عثر بحجر مرتين) كيف وان الشعب العراقي قد عثر بحجر (خمسة انتخابات) بذات الأساليب التي انتجت ذات الطبقة السياسية مع تدوير بعض الوجوه وما اعقبها من نكث للعهود وعدم الوفاء بالوعود والتخلي عن الالتزامات بعد الوصول الى السلطة ومغانمها ،فضلا عن صراعاتها التي انهكت الدولة وأضاعت مستقبلها وبصوت الشعب!!! .
كما ان التجارب قد اثبتت بالدليل ان الكثير ممن فازوا بالانتخابات (الخمس) فضلوا مصالح ومكتسبات كتلهم على مصالح ومكتسبات ناخبيهم بل ذهبوا الى تجاهل أصوات الناخبين ومعاناتهم خلال عملية الاقتراع وقبلها من أجل الوفاء وتنفيذ قناعات قادة كتلهم .
ما يوجب على الشعب ان يتكامل وان يرفع شعار الجلد بالصوت والتغيير الكامل بإرادة حرة وطنية من خلال الوعي التام والقناعة الواضحة والاختيار الامثل المجرد من النزعات والتاثيرات بالاستفادة من دروس الأمس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال