الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات على هزيمة 1967 والتفسير الطبقي لها

عليان عليان

2022 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


بقلم : عليان عليان
أرجع العديد من الكتاب والباحثين هزيمة 1967 لأسباب مختلفة من ضمنها أن العدوان مبيت منذ عام 1957 إثر انسحاب قوات الاحتلال من قناة السويس دون أن يحقق الكيان الصهيوني أهدافه في احتواء التطلعات القومية والتقدمية لنظام عبد الناصر ، ومن ضمنها السبب المباشر ممثلاً بالوقوف إلى جانب سورية بعد عدوان السابع من نيسان 1967 عليها وتغلغل الطيران الإسرائيلي في العمق السوري وإسقاطه ست طائرات حربية سورية ما دفع عبد الناصر لتطبيق معاهدة الدفاع المشترك مع سورية ، رغم وجود خطة عسكرية بأهداف محددة وانشغال عبد الناصر بالبناء الداخلي وبحرب اليمن ضد القوى الرجعية ، ومن ضمنها أيضاً الدور الأميركي في العدوان الذي جرى الكشف عنه لاحقاً.
ما لفت الانتباه ، أن العديد من الأحزاب الشيوعية العربية والفصائل اليسارية الفلسطينية، ردت الهزيمة إلى تركيبة النظام البرجوازي الصغير في مصر وسورية – على حد ما جاء في أدبياتها- وأن بنية النظام الطبقية في مصر على وجه التحديد ، تفسر الهزيمة أمام العدو الصهيوني ، وبهذا الصدد لا بد من الإشارة إلى ما يلي :
1-ليس قدراً أن النظام الوطني البرجوازي ،غير قادر على الخوض في حرب ضد الكيان الصهيوني والظفر فيها، هذا إذا سلمنا أن نظام ثورة 23 يوليو بكليته نظام برجوازي صغير ،وهي مسألة محل نقاش نظري، فهنالك دول ذات خط برجوازي وطني انتصرت في الحروب في مواجهة أعدائها والأمثلة كثيرة على ذلك .
2-أن الأحزاب اليسارية العربية لم تقدم قراءة للتحولات الطبقية منذ بداية الثورة والصراع الطبقي في إطار تحالف قوى الشعب العامل والاتحاد الاشتراكي ، واكتفت بالحديث العام عن البرجوازية الصغيرة وفي هذا ظلم لتجربة عبد الناصر.
3-أن قراءة الأحزاب اليسارية، بحاجة للتدقيق في طروحاتها بأثر رجعي ، إذ أن معطيات الثورة تؤكد عكس ذلك ، من زاوية أن ثورة 23 يوليو 1952 من منظور عبد الناصر ومن من خلال مبادئها الستة تناقض ما ذهبت إليه الأحزاب اليسارية، ممثلةً بمحاربة الاستعمار وتصفية الإقطاع من خلال قانون الاصلاح الزراعي في سبتمبر 1952 ، والقضاء على الاحتكارات وسيطرة رأس المال على الحكم وإصلاح الجيش باتجاه وطني وتحقيق العدالة الاجتماعية وإقامة نظام ديمقراطي سليم .
وهذه المبادئ الستة تمت ترجمتها على أرض الواقع رغم بعض الثغرات ، وتم تطويرها من خلال الميثاق وقوانين يوليو الاشتراكية عام 1961 التي أدخلت تعديلات على الاصلاح الزراعي لمصلحة الفلاحين وأممت العديد من المصانع والشركات ، وأبدت انحيازاً هائلاً لمصلحة العمال والفلاحين ، وأنجزت قطاعاً عاماً اشتراكياً.


وقد أغفلت الأحزاب اليسارية العربية في تفسيرها المتعجل للهزيمة ، دور البرجوازية العسكرية البيروقراطية ، وهذه البرجوازية العسكرية تشكلت في سياق تراكمي منذ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وحتى هزيمة حزيران 1967 .
ومن المعلوم أن عبد الحكيم عامر الذي ظل يشغل موقع القائد العام للقوات المسلحة المصرية منذ عام 1956 وحتى عام 1967 ، لم يبد أي كفاءة تذكر في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ، ناهيك عن دور السلبي في مواجهة مؤامرة الانفصال السورية وضرب تجربة " الجمهورية العربية المتحدة .
وأمام هذا الخلل في أداء القيادة العسكرية ، كان يتوجب على الرئيس جمال عبد الناصر إقالة المشير عبد الحكيم عامر ، لكن الرئيس لم يقدم على ذلك ،وهذه المسألة تسجل على عبد الناصر كونه تأخر في تحجيم المشير أو حت إقالته ، وعندما أقدم على تحديد صلاحياته لاحقاً لم يكن عبد الناصر أمام شخص واحد ، بل أمام برجوازية عسكرية لها مصالحها لم يكن التخلص منها ممكناً.
وقد استعيض عن إقالة المشير عامر بصدور إعلان دستوري في سبتمبر( أيلول) 1962 يقضي بنقل السلطة إلى مجلس الرئاسة – وفق مدير المخابرات المصري الأسبق أمين هويدي في كتابه ( مع عبد الناصر ، فصل مفاتيح شخصية عبد الناصر ) ،وقد حاول مجلس الرئاسة أن يدخل التوازن بين سلطات المشير عامر ، وبين السلطة الرئاسية المتمثلة في القيادة السياسية ، وأعد قرار تحديد اختصاصات المشير ، بما يجعل سلطة تعيين قادة الوحدات في القوات المسلحة من مسؤولية مجلس الرئاسة .
ولم يحضر عبد الناصر جلسة مجلس الرئاسة ، التي نوقش فيها هذا الموضوع ، فطلب المشير تأجيل بحثه ، وانضم إليه كمال الدين حسين الذي كان يقترب من دائرة الظل ويبتعد عن المناصب التسع التي كان يستحوذ عليها ، ولكن الأغلبية وافقت على القرار وأصدرته لكن المشير عامر لم يمتثل إليه وخرج غاضباً ، وغضب لغضبه قادة القوات البرية والجوية والبحرية ، وقدم بعض كبار القادة استقالاتهم ، وحدثت حالة هياج بين قادة القوات المسلحة المقربين من المشير ، واجتمعوا في القيادة وأصروا على عودة المشير إلى موقعه.
لقد أدرك المشير عبد الحكيم عامر – حسب أمين هويدي - أنه يستمد سلطته من القوات المسلحة وليس من الشعب والدولة ، فوثق صلته بقادتها وظل يواصل العطاء والمنح لكل من يطلب ، وأصبح للمشير أظافر وأنياب ، وقد كان من الواجب حسم مثل هذه الأمور عند بدايتها ، ولكن إهمال ذلك أدى بالقيادة العسكرية لكي تشكل بروزاً ورمياً خطيراً أصبح من الصعب استئصاله، وأصبحت القيادة السياسية ينقصا القدرة وليس الرغبة ، لإزالة هذا الورم ، وهنا اهتزت كل الأمور فتغيرت طبيعة العلاقات بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية ، ثم اهتزت طبيعة العلاقات داخل القيادة العسكرية ، فهبط ميزان الكفاءة ليحل محله ميزان الولاء ، وأصبح التأمين الذاتي وليس الأمن القومي هو محل الرعاية والاهتمام....ومن ثم فإن حرب حزيران خاضتها مصر في ظل علاقة مضطربة بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية غير الكفؤة وغير المؤهلة والمسؤولة .
لقد تساءل الكثيرون : لماذا لم تعالج القيادة السياسية الموقف ؟ ربما يكون ذلك لعجز في القدرة في ضوء اختلاف موازين القوى بين القيادتين ، وربما تكون القيادة السياسية قدرت أنه لتصحيح الأوضاع لا بد من صدام ، ولكنها لم تكن مستعدة لهذا الصدام إلا على الأرض الملائمة وفي الوقت المناسب.
لقد ذهب بعض الناصريين أمثال الباحث محمد عودة في كتابه (حوار حول عبد الناصر ، بحث بعنوان :" عبد الناصر- الثورة مستمرة) إلى القول أن حرب 1967 ، لم تكن حرباً ولم تحارب مصر ، ولم تهزم ولكن سقطت القوات المسلحة بسقوط القيادة العسكرية ، وأنه ربما تكشف كل الحقائق ذات يوم ، ويعرف مثلاً دور " الحزب الأمريكي" في مصر وكان عبد الناصر يسميه أقوى حزب سياسي في البلاد ، وسوف يعرف دور " البرجوازية العسكرية" التي هيمنت على السلطة في الجيش والحكومة ، والتي كانت لا تقل عداءً لعبد الناصر عن الولايات المتحدة و ( إسرائيل) ، وقد حدث في حرب 1967 ما يندر ، وربما لا يمكن أن يحدث في أي حرب أخرى ، وقد عرف عبد الناصر بطريقة ما الخطة الإسرائيلية بتفاصيلها وموعدها ، وجمع كل القادة العسكريين الكبار وأحاطهم علماً بما لديه من معلومات، ولكنهم احتفظوا بها لأنفسهم ، ولم يبلغوا القادة الميدانيين...وكانت الكارثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل