الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضاء المستعجل وتطبيقاته في التشريع المقارن

ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)

2022 / 6 / 27
دراسات وابحاث قانونية


المادة 250 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 تقتضي ان تقف المحكمة على حقيقة عدم تنفيذ المدين التزامة وحصول امتناع منة في تنفيذ التزامة وامكانية تنفيذ الالتزام على نفقة المدين اذا كان هذا ممكنآ ولم تكن شخصية المدين محل اعتبار في تنفيذ الالتزام ويجب التثبت من امتناع المدين عن تنفيذ الالتزام كما ان الفقرة( 2 )من المادة المذكورة اجازت للدائن ان ينفذ الالتزام على نفقة المدين بدون اذن المحكمة إذا كان ذالك ممكناً .و نجد تطبيق هذة المادة في الحياة العملية في قضايا المقاولات اذ تأذن المحكمة لرب العمل اذا ابرز مايُفيد عدم قيام المقاول بتنفيذ العمل مبرزآ الادلة والمستندات التي تؤيد ذالك . ان المادة 250 تعتبر صورة من صور القضاء المستعجل. يعتبر القضاء المستعجل عملاً قضائياً بمعنى الكلمة وقد أنكر البعض عليه الصفة القضائية وقالوا باعتباره نشاطاً إدارياً إلا أن هذا الرأي لم يلقَ تأييداً في الفقه كما اعتبره البعض قضاءً ولائياً وخاصة عندما يكون بإجراءات مستقلة عن إجراءات الخصومة المتعلقة بالدعوى الموضوعية إلاّ أن هذا الاتجاه غير صحيح أيضاً . وإذا كان القضاء المستعجل يرمي أحياناً إلى توقي نزاع في المستقبل ويتشابه في هذا مع بعض الأعمال الولائية فإن هناك فارقاً بينهما فالعمل الولائي يُنشئ مركزاً قانونياً جديداً أما القضاء الوقتي أو المستعجل فيتعلق برابطة قانونية سابقة يحتمل وجودها ويرمي على ضمان حمايتها حماية وقتية.
محكمة الأمر تختص بنظر المسائل المستعجلة اذا رفعت اليها بطريق التبعية اثناء السير في الدعوى الاصلية. اما فيما يتعلق لدعاوى الاحوال الشخصية فتنص المادة 302 من تشريع المرافعات المصري على ( تتخصص محكمة الاحوال الشخصية بالحكم بصفة مستعجلة بنفقة مؤقتة او تكليف امين على محضون متنازل عن حضانته ليقوم برعايته والمحافظة فوق منه اذا نهض عندها من الاسباب مايخشى منه خطور فوري على طالب النفقة او على مكوث المحضون أسفل يد حاضنه حتى يبت في اساس الدعوى مثلما تتخصص بغير ذاك من الامور المستعجلة الداخلة في اختصاصها ). وتسري جميع الاحكام التي تطبق على الدعوى العادية على طلبات القضاء المستعجل من جهة ما يقتضي ان تتضمنه عريضة الدعوى من معلومات والاثر الناجم عن قلة التواجد فيها ويشتمل على هذا أيضاً صرف الضرائب القضائية اما فيما يتعلق لوقت البلاغ خسر نصت المادة 150 من دستور المرافعات المصري على ( يتيح المطلب المستعجل بعريضة يصل فيها المتنافس قبل الجلسة باربع وعشرين ساعة على الاقل ويرفق بها ما يعزز طلبه من الملفات ) وعلى المحكمة ان تصدر قرارها بشان المطلب في مرحلة لا تتخطى سبعة ايام.
والاحكام المستعجلة هي احكام تبحث في مسائل مستعجله يخشى عليها من فوات الوقت ولاتمس أصل الحق اذن هي احكام وقتيه وبالرغم من ذلك فهي احكام باته وملزمة للخصوم والمحكمه التي اصدرتها بشرط ان تكون الظروف التي أوجبت صدوره باقيه لم تتغير ولم يطرأ عليها اي تغيير او تبديل وبهذا قضت محكمه التمييز في قرار لها ... اذا جرى الكشف المستعجل بطلب احد طرفي النزاع فليس للطرف الآخر طلب اجراء كشف مستعجل عن الموضوع ذاته بل له الاعتراض على تقرير الخبير الذي جرى بطلب خصمه وتمييز القرار الصادر باعتراضه. وتصدر المحكمة قرارها بشأن الطلب خلال مدة لا تتجاوز سبعة ايام . وتسري في شأنه اجراءات التقاضي المقررة في هذا القانون مع مراعاة الاحكام الخاصة بالمواد المستعجلة .) وهي اشارت الى الاجراءات التي تتخذها المحكمة عند نظر الدعوى المستعجلة حيث انها هي ذات الاجراءات التي تكون امام القضاء العادي كالحضور والغياب ومن تطبيقات القضاء المستعجل منع سفر المدعى عليه من السفر وتثبيت الحالة وقطع خدمات المرفق العام تعسفاً والإقرار بالسند وسماع الشهود اخيراً فان طريق الطعن في القرارات المستعجلة اختصرها المشرّع العراقي في المادة 216من قانون المرافعات وهو طريق التمييز.
تصدر الأحكام القضائية بناءً على دعاوى يلجأ من خلالها رافعوها للحصول على حكم من القضاء يحمي مصالح حماها القانون بنصوص خاصة حفاظاً على ضمان واستقرار المجتمع والتعايش السلمي بين أفراده، ومن بين الدعاوى التي ترفع حمايةً للمصلحة الدعاوى المستعجلة التي يلجأ من خلالها وعن طريقها رافع هذه الدعوى أو الحصول على حكم مؤقت وسريع يدرأ به خطراً يُهدد مصلحته(1).
وتختص محكمة البداءة بنظر المسائل المستعجلة، بينما تختص محكمة الموضوع بنظر هذه المسائل إذا رفعت إليها بطريق التبعية أثناء السير في دعوى الموضوع (2)، إضافة إلى ذلك بينت المادة (302) من قانون المرافعات المدنية العراقي اختصاص محكمة الأحوال الشخصية بالحكم بصفة مستعجلة بنفقة مؤقتة، أو بتعيين أمين على محضون متنازع على حضانته، أو بقاء المحضون تحت يد حاضنه حتى بيت في أساس الدعوى بمعنى تمديد الحضانة(3). ويُشترط للدعوى المستعجلة توافر عنصر الاحتمال سواء بالنسبة للحق محل الحماية أو بالنسبة للاعتداء عليه:
1- احتمال وجود الحق: الدعوى المستعجلة هي دعوى مجردة لا تفترض وجود الحق أو وجود المركز القانوني وحتى تنشأ هذه الدعوى يجب أن يكون هناك احتمال لوجود هذا الحق أو المركز القانوني فإذا لم يتوافر هذا الاحتمال يجب رد الدعوى المستعجلة ويتوفر هذا الاحتمال بتوافر أمرين:
أ‌- وجود قاعدة قانونية تحمي حالاً – مما يطلب الوعي حمايته بالدعوى الموضوعية التي ترفع الدعوى المستعجلة لخدمتها . فيجب أن يكون حق الدائن من النوع الذي يحميه القانون فإذا كان يصرف النظر عن الوقائع مما لا يتمتع بحماية القانون وجب رد الدعوى المستعجلة . مثال: الدين غير مشروع.
ب‌- أن تدل وقائع القضية المستعجلة احتمالاً لوجود محل الحماية الموضوعية من الناحية الفعلية ولذلك فلا يطلب في القضاء المستعجل من المدعي اثبات الوقائع القانونية بسبب الحق بل يكفي منه أن يبين من الوقائع ما من شأنه أن يعطي احتمالاً لوجود هذا الحق.
وتطبيقاً لذلك تقول محكمة التمييز الأردنية: -1
"إنه من المبادئ الفقهية المستقرة أنه وإن كانت مهمة القضاء المستعجل عدم التعرض لأصل الحق أو صميم النزاع إلاّ أن هذا لا يمنع محكمة القضاء المستعجل من اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية حقوق الطرفين ووضع الحل الموضوعي كلمته ولها في سبيل أداء مهمتها هذه أن تتناول موضوع الحق وأن تبحث ظاهر الأدلة المقدمة من الطرفين بحثاً عرضياً عاجلاً لمعرفة أي من الطرفين أجدر بالحماية الوقتية واتخاذ الإجراء التحفظي الذي يكفل هذه الحماية وهي من خلال ذلك لها أن تتعرف حكم القانون في طبيعة العلاقة القائمة بين الطرفين والتفضيل بين الآراء الفقهية المختلفة في نطاق الدعوى المستعجلة تفصيلاً المفروض فيه أن لا يُقيِّد محكمة الموضوع ولا يحوز حجية قبلها وإنما تتحسس به محكمة القضاء المستعجل مبلغ الجد في النزاع".
2- الاستعجال – خطر من التأخير: فيجب أن يوجد خوف من احتمال وقوع ضرر بالحق الموضوعي – على فرض وجوده – إذا لم يتمكن المدعي من الحصول على الحماية الوقتية المطلوبة وينص قانون أصول المحاكمات المدنية في المادة 32 منه الفقرة (1) على ذلك: 1-
"يَحكم قاضي الأمور المستعجلة بصيغة مؤقتة بالمسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت ” . ونلاحظ أن الخشية أو الخوف يجب أن تكون خشية حالّة ولهذا فالحاجة للحماية الوقتية بواسطة القضاء المستعجل هي حاجة حالّة وليست محتملة . وهذه الخشية في الخوف من أن معنى الوقت قد يؤدي بالنظر إلى خصومة موضوعية قائمة أو مستعجلة إلى الإضرار بالحق المحتمل وذلك إما لأنه قد لا يمكن الحصول على قضاء موضوعي لصالح المدعي كما في حالة سماع الشاهد وإما لأن القضاء الموضوعي قد يكون غير مجدي كما في حالة سماع الشاهد وإما لأن القضاء الموضوعي قد يكون غير مجدي كما في حالة دعوى الحراسة القضائية. وقاضي الأمور المستعجلة هو الذي يقدر الخشية موضوعياً بالنظر إلى الظروف الموضوعية وليس بالنظر إلى اعتقاد المدعي أو رغبته أو توافقه مع المدعى عليه على وجودها .
أما الضرر الذي يخشى منه فهو محتمل . ويختلف مضمون الدعوى المستعجلة بحسب هذا الضرر إذ هذه تمنح بالقدر الكافي للوقاية منه على أنه يلاحظ أنه لا عبرة بأي ضرر محتمل بالمدعي ما لم يكن ضرراً بنفس الحق الموضوعي الذي ترفع الدعوى المستعجلة لتحقيق حماية وقتية له . ومن جهة أخرى يجب أن يكون ضرراً وشيك الوقوع وليس مجرد احتمال بعيد . وذلك كأن يكون مجرد احتمال بعيد فإن الخشية منه لا تكون حالّة . ولا تكون هناك حاجة للحصول على حماية القضاء المستعجل وأخيراً فإن هذا الضرر يجب أن لا يكون الحكم الموضوعي المحتمل كافياً لإزالته إذ لو كانت الحماية الموضوعية بصرف النظر عن تأخيرها-كافية- لم تقم الحاجة للحماية الوقتية.
3- ان المصلحة في الدعوى المستعجلة, تثبت لمن له حاجة للحماية الوقتية المطلوبة في مواجهة من يحتمل أن يكون طرفاً سلبياً في الدعوى الموضوعية ولأن الصفة ليست سوى تمييز للجانب الشخصي للحق في الدعوى ولأنه قد يتصور أن تنشأ دعوى وقتية مستعجلة لشخص(بتوافر شروطها) ولا تنشأ الدعوى الموضوعية التي تتعلق بها تلك الدعوى (مثلاً لعدم ثبوت الحق الموضوعي) فإنه يتصور توافر المصلحة لشخص في دعوى مستعجلة وعدم توافرها له في الدعوى الموضوعية.
---------------------------
2- أ. حسين سليمان محمد صالح، الحكم المستعجل - دراسة مقارنة، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2013، ص13.
2- 141 انظر قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969، المادة
3- انظر قانون الأحوال الشخصية المدنية العراقي رقم (188) لسنة1959، الوقائع العراقية، العدد 280، 30/12/1959، المواد. (3157/4/7








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس في عهد سعيّد.. من منارة -حرية التعبير- إلى -ساحة استبدا


.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر




.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة


.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا




.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة