الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تضيعوا الفرصة الأخيرة

محسن أبو رمضان

2006 / 9 / 20
القضية الفلسطينية


شكل نبأ تجميد المباحثات بصدد تشكيل حكومة الائتلاف الوطني التي طال انتظارها صدمة جديدة لجماهير شعبنا وساهم هذا النبأ بتعميق حالة الإحباط والارتباك بين أوساط شعبنا وقد تعمقت حالة الإحباط والقلق من جديد على ضوء الاحتكاكات التي تمت مؤخراً بين موكب السيد إسماعيل هنية رئيس الوزراء وبين جمهور الموظفين المضربين في باحة المجلس التشريعي ، والتي أدت ايضاً إلى ردود أفعال من حيث تسير المسيرات في الشوارع تأييداً للسيد هنية، وبالمقابل تسيير المسيرات العاكسة. .
حيث يدرك الجميع انه لا يوجد مخرج أمام كل من الرئاسة والحكومة وحركتي حماس وفتح سوى التوجه لتشكيل هذه الحكومة المبنية سياسياً على برنامج الوفاق الوطني " الأسرى " وخاصة انه لا يمكن لأحد أن يتصور أن هناك خيارات أخرى ، حيث أن الفشل هذا والذي لا يتمناه أحد وإن حدث سيفضى إلى تعميق الشرخ البنيوي في التركيبة السياسية و الاجتماعية الفلسطينية وسيدخلنا في أزمة داخلية طاحنة، وستعمل تلك الأزمة على تعميق التشرذم والانفلات وتدمير وحدة نسيج المجتمع ، كما ستعزز حالة الإرباك والشرخ في البنية الداخلية على المستويات المختلفة الأمر الذي سيعزز آليات أخذ القانون باليد والنزعات القبلية والعشائرية والاستزلام على حساب أسس المواطنة الصالحة والمتكافئة ومبدأ سيادة القانون ، وبالتالي فإن هذا الإرباك والشرخ سيعطى المزيد من الأوراق والمبررات للقوى المعادية لتنفيذ المخططات الانفصالية أحادية الجانب بحجة غياب الشريك وترسيخ مقولة عدم جدارة شعبنا لحكم نفسه بنفسه وإدارة شؤونه الخاصة عبر ضمان حقه في تقرير المصير وبناء دولته المستقلة.
لا يمكن مواجهة سياسة الانفصال أحادية الجانب أو أياً من المشاريع التي تنتقص من حقوق شعبنا بدون وحدة الصف والإرادة والأهداف ،فالانتقال من مرحلة الترقب والانتظار وصولاً إلى كسر الحصار ومحاولات انتزاع المبادرة السياسية عبر التسلح بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني والذي ينتصر في معظم جوانبه لصالح حقوق شعبنا لا يمكن أن يتم بأداء مرتبك وبشرخ بنيوي داخلي عميق وبأزمات اجتماعية واقتصادية وقانونية راسخة ، وبخطاب سياسي مزدوج.
ليس مطلوباً من أياً من القوى التنازل عن برنامجها السياسي الخاص بها،ولكن الحديث عن حكومة الوحدة الوطنية يعني الاتفاق على برنامج الحد الأدنى المشترك الذي بموجبه نستطيع مخاطبة العالم برؤية ورسالة أهداف موحدة وتجنبنا أية محاولات للاستفادة من هذا الإرباك للإجهاز على المشروع الوطني بحجج وذرائع ومبررات مختلفة .
أعتقد أنه آن الأوان للانتهاء من حالة التراشق الإعلامي عبر الفضائيات والتحركات الشعبية عبر المظاهرات والتحركات المضادة لأن مثل هكذا تراشق أو تحركات لن تساهم في توفير الأجواء الصحية و النقية الملائمة لتنفيذ مهمة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والتي هي ليست الهدف بحد ذاتها ولكنها الأداة الأنسب لمواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة على الصعد السياسية والاقتصادية والقانونية ، فإضافة للمأزق السياسي عبرا لحصار الظالم المفروض على شعبنا هناك تصاعد غير مسبوق في معدلات الفقر والبطالة وهناك ازدياد لحالات الجريمة وأخذ القانون باليد وتعميق لمظاهر الانفلات الأمني وبصورة متسارعة في نفس الوقت .
وعليه فإن الانتظار والتردد سيعمق من حالة الإحباط وسيدفع المواطنين للتفكير بالخلاص الفردي، وذلك إذا أخفقت مساعي تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، تلك الحكومة التي يجب أن تشكل المدخل لإعادة بناء وإحياء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس جديدة من المشاركة والديمقراطية لتضم الجميع، بوصفها البيت المعنوي والممثل الشرعي والوحيد لشعبنا .
نستطيع وبنوايا طيبة أن نشرع بتشكيل اللجان المهنية والمتخصصة لتذليل كافة المعيقات وحل كافة المشكلات التي تواجه الحكومة القادمة وبعقلية بعيدة على التسيس المطلق، وبرأي من المناسب المباشرة بتشكيل لجنة مهنية مستقلة لتدارس آليات إعادة هيكلة عمل الوزارات بما يشمل الوصف الوظيفي والمهمات والصلاحيات الواضحة وبما يضمن وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب ، وإتباع آليات شفافة للتوظيف المهني بمعزل عن التأثير السياسي ، حيث أن مؤسسات الدولة يجب أن لا ترتبط بطبيعة الحزب الحاكم، الأمر الذي إذا ما حدث سيعني تهميش وإقصاء القديم وتقدير وتثمين الجديد وهذا من غير المضمون أن يستمر إذا سرنا في مسيرة التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الدورية ، حيث أن الجديد سيصبح قديم وسيكون مرشح للإقصاء والإزاحة إذا تسلم حزباً سياسياً مختلفاً عن حزبه الذي عينه في منصبه، وعليه ومن أجل تجنب التجاذبات الوظيفية فنحن بحاجة إلى مثل هكذا هيئة مستقلة وذات طابع مهني تضع المعايير الوظيفية المناسبة دون الارتباط بالأبعاد السياسية فالموظفون يفترض أن يكونوا متخصصون في مجالات عملهم أما الانتماء السياسي فهذه قضية شخصية يجب أن لا تقحم بالوظيفة أو تكون شرطاً من شروط العمل .
كما نستطيع تعميم نموذج مثل هكذا هيئة مقترحة لإعادة هيكلة العمل بالوظيفة العامة على أسس من المهنية والشفافية على باقي المرافق وخاصة الأمنية والقضائية ، حيث ان هكذا نموذج سيساهم في إنهاء حالة التجاذب السياسي وسيعمل على ترسيخ أسساً مهنية للعمل المؤسساتي لكي تتحول تلك المؤسسات إلى أنوية رئيسية لمؤسسات دولة تعمل على أن تكون مستقلة وذات سيادة، وهذا يتطلب العمل المؤسسي المبنى على المهنية ومعايير الشفافية والنزاهة وليس المبني على الواسطة والمحسوبية أو المحاباة، ولصالح وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب دون تمييز وعلى قاعدة المساواة .

أعتقد أنه يجب العمل وبسرعة على استئناف المباحثات الرامية لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ويجب عدم النكوص أو التراجع عن هذا الجهد وذلك حرصاً على قضية شعبنا التي تتعرض إلى محاولات الإقصاء والتهميش والتعامل معها بوصفها قضية إنسانية واغاثية وليست سياسية بامتياز .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة