الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التطبع و التطبيع -7-
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
2022 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية
يثير الكلام المتداول في هذه اليوم عن حلف " ناتو " عربي ، و اعتراف بعض زعماء دول عربية بالتعاون القائم و المستمر بين جيوشها و بين قوات حلف الناتو ، باشكال مختلفة ابتداء من التجهيز و التدريب و التسليح ، مرورا بالمشاركة في مناورات دورية ، وصولا إلى الإضطلاع بادوار قتالية بالتنسيق مع قيادة حلف الناتو ، مخاوف كبيرة في ظل الأوضاع المعيشية الخانقة التي يعيشها الناس في بلدان العرب عموما و في بلاد ما بين النهرين و بلاد الشام خصوصا .
فيتساءل المرء عن الغاية المتوخاة من الخطوات المتسارعة التي تتم في موضوع تطبيع العلاقات بين دولة إسرائيل من جهة و بعض الدول العربية خصوصا الخليجية منها من جهة ثانية ، لا سيما أن هذه الدول جميعا مرشحة لعضوية حلف عسكري رديف لحلف الناتو الغربي ، أو تحت إشرافه ، إلى جانب دول عربية غير خليجية تقيم علاقات طبيعية ، علنية أو غير علنية ، بينها و بين اسرائيل . فيحق لنا إزاء هذا كله أن نفترض وجود علاقة تربط بين هذا " الحلف العسكري " الجاري الإعداد له و ذاك " التطبيع " المُستعجَل ،هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فيمكننا أن نفترض أيضا أن مثل هذا الحلف العسكري " الناتو العربي " سيتولى الأمن و الدفاع في البقعة العربية تحت أشراف " الناتو الغربي " و سيحاكي الدور الذي يؤديه هذا الأخير على المسرح الأوروبي ، و تحديدا في أوكرانيا في مواجهة روسيا .
بالعودة إلى مسألة التطبيع تستوقفنا أحداث كثيرة مثيرة للحيرة و الجدل .من البديهي أننا لن نفرد لها هذا البحث كاملا و لكن سنقتضب تذكيرا ببعضها .
ـ يُقال أن الوسيط الدولي في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و فلسطين ، مزدوج الجنسية الاسرائيلية ـ الأميركية ، فهو مولود في اسرائيل و خدم في جيشها أثناء غزو لبنان سنة 1982 . ينهض السؤال هنا عما إذا كانت الحكومة في لبنان " تطبع " علاقتها بإسرائيل بحسب مفهومية التطبيع بما هو اعتراف و صلح .
ـ يُقال أن لبنان سيستورد الغاز من مصر مرورا بالأردن و سورية شرط موافقة الولايات المتحدة على رفع قانون قيصر جزئيا عن سورية . ( كيف جر الغاز من مصر إلى الأردن ). السؤال هنا يتعلق بمعرفة المطبع من غير المطبع و بالعلاقة فيما بينهما .
ـ يُقال أن أن الرئيس السوري دُعي لزيارة دولة الإمارات التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل و تقوم بينهما علاقات وثيقة ، شبيهة بتلك القائمة بين إسرائيل والمملكة المغربية، تتجاوز في أغلب الظن حدود بلديهما . السؤال إذن ، عما جرى خلال هذه الزيارة بين سورية التي لم تتطبع من جهة و بين الإمارات المطبعة ، ذات الدور الإقليمي .
من البديهي أننا لا نملك إجابات على هذه الأسئلة ، فهذه يعرفها المعنيون بالتحركات التي ألمحنا إليها . و لكن هذه الأخيرة تعكس على الأرجح مفهومية للتطبيع مغايرة لتلك التي روّج لها تمهيدا لتمرير إتفاقيات التطبيع ، في كامب دافيد و أوسلو . يحسن التذكير بأن الغاية المعلنة لهذه الإتفاقيات هي إحلال اجواء من السلام ملائمة للحوار بحثا عن حل لقضية فلسطين على اساس قيام دولة لكل من الإسرائيليين اليهود و الفلسطينيين غير اليهود .
تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الإتفاقيات بقيت حبرا على ورق و لم تشكل بوجه عام ، عائقا في العلاقة بين الحكومات التي أعلنت عن قبولها التطبيع مع اسرائيل من جهة و بين حركة الإخوان المسلمين و بعض فروعها من جهة ثانية بالرغم من أن الأخيرة ما تزال تعبر في أدبياتها عن تمسكها بحل جذري للقضية الفلسطينية لا يتساوق مع تواجد دولة إسرائيل .
من المعلوم في هذا السياق أن التسليم بطبيعة هذه الدولة الإستعمارية الإستيطانية العنصرية لا يجعل فكرة إلغائها مقبولة في الأوساط العالمية التقدمية ، كونها غير واقعية استنادا إلى أن ثمن إقامتها على أرض فلسطين ، على حساب الفلسطينيين الأصليين كان باهظا على الصعد الإنسانية و الثقافية ، بينما سيترتب على محاولة تحطيمها كدولة نتائج كارثية إقليميا وعالميا لا يمكن التنبؤ بمداها ، ناهيك من أن هذه المحاولات تكاد أن تكون مستحيلة . و بالتالي لا مفر من النضال من أجل معالجة مضارها إقليميا و عالميا ، إلى أن تبرأ من نزعاتها الإستعمارية والعنصرية و من التعايش معها بالرغم من المخلفات و التشوهات التي ستنتج عن ذلك .
مجمل القول ليس مستبعدا أن الهدف من التطبيع الذي يتحقق في الراهن بين بعض الدول العربية من جهة و إسرائيل من جهة ثانية هو دمج أراضي هذه الدول و ثرواتها في السيرورة الإستعمارية و إقامة حلف عسكري فيما بينها لحفظ الأمن و الدفاع عنها ضد معسكر غير المعسكر الغربي ، محاكاة لنموذج التطبيع في الضفة الغربية إنطلاقا من اتفاقية أوسلو ، المتمثل بحلف امني بين السلطة واسرائيل يوفر الظروف الملائمة لمصادرة أراضي الفلسطينيين وحرمانهم من المياه الجوفية .
لا بد في الختام من الإشارة إلى ان "التطبيع " الجاري تحقيقه ، يستثني بعض الدول العربية لان وجودها لا يتساوق مع الأهداف المبتغاة من ورائه و يستثني ايضا ، على الأرجح بعض شرائح المجتمعات العربية ، لا سيما تلك التي تشكل بالقوة بيئات محتملة لإنبات حركات وطنية . لذا يعتبر التطبيع و إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وجهان لنفس العملة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهداف مناطق عدة في قطاع غزة
.. ما الاستراتيجية التي استخدمتها القسام في استهداف سلاح الهندس
.. استشهاد الصحفي في إذاعة القدس محمد أبو سخيل برصاص قوات الاحت
.. كباشي: الجيش في طريقه لحسم الحرب وبعدها يبدأ المسار السياسي
.. بوليتيكو تكشف: واشنطن تدرس تمويل قوة متعددة الجنسيات لإدارة