الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السذاجة السياسية والإرهاب الفكري

وداد فاخر

2003 / 5 / 24
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



MAY . 22 . 2003
 / المنظمة الوطنية للمجتمع المدني وحقوق العراقيين

مثل أي تغيير سياسي جذري يحصل كان لا بد لأصوات عديدة أن ترتفع في الساحة السياسية ، بعضها كان صامتا طوال ثلاث عقود ونصف ، والبعض الآخر كان صوته خافتا ، وقسم كبير يحاول أن يستعيد بعض أمجاد الماضي بعد أن ذوت وأصابها النسيان ، وجزء آخر استطاع تجيير مآسي الشعب العراقي وإخضاعها ضمن محصلة الظرف الراهن ، ونصبها سلعة تجارية راح يزايد بها .
وقد برزت على السطح السياسي الكثير من الممارسات الخاطئة ، والعنتريات السياسية المشبعة بتطرف ديني لا عقلاني ، ممزوجا بالإرهاب الفكري ونفي الآخر ، في محاولة للاستحواذ على الشارع العراقي وتطبيق مقولة البعث الفاشية " من لم يكن منا فهو ضدنا " .
فلو تمعنا جيدا في بعض التصريحات والممارسات السياسية الانفعالية ، لهالنا ما يحصل على الساحة العراقية من  تصرفات وتصريحات غير مسؤولة أقل ما يقال عنها إنها متطرفة وتحمل نزعة سياسية طفولية والبعض منها موجه بدقة من الخارج ، إضافة لتشبعها بروح عدوانية صرفة.
فبعد ثلاث عقود ونصف  من التغييب السياسي لجميع الأطياف السياسية على الساحة العراقية مصحوبة بكم لا يصدق من عمليات القتل والتدمير المبرمج ، وعند بزوغ شعاع بدء العمل من أجل الحرية التي انتظرها الشعب العراقي طوال تلك الحقبة المظلمة وإقامة المجتمع الديمقراطي ، يأتينا من يشمر عن ساعديه ليوؤد ما انتظرناه سنينا طويلة ، بحجة تطبيق الشريعة الإسلامية ، متجاهلا عن عمد ما جرته التجربة التي يريد استنساخها من دمار فكري واقتصادي وثقافي للدولة صاحبة التجربة ذاتها أي إيران .
وقد عرف ما يقارب المليون عراقي من الذين عاشوا تلك التجربة عن قرب مدى فشلها ومردود النتائج العكسية التي خرجت بها ، وعانى الكثيرون منهم الكثير من تداعياتها ، والدليل على فشلها هبوط قيمة عملة ذلك البلد وانخفاض سعره بأكثر من مائتي مرة من سعر صرفه السابق بالنسبة للدولار .
وحتى نكون أكثر صراحة فقد كان سعر صرف التومان الإيراني أيام الشاه المقبور أربعة لكل دولار واحد ، وسعر صرفه اليوم 900 تومان لكل دولار واحد ، ومقدار قوة اقتصاد بلد ما ، يقاس بقيمة عملته ، وإذا تحجج البعض بالحرب التي مضى على توقفها خمسة عشر عاما ، فذلك قول مردود ، بسبب معرفتنا بأن إيران دولة نفطية ، مضافا لها ما يأتيها من موارد كبيرة من تصدير السجاد الإيراني الشهير والفستق ، ناهيك عن كون الاكتفاء الذاتي بالنسبة للصناعات الخفيفة ( سيارات – إعادة تجميع – وأدوية ومعدات صناعية عديدة ) ، هذا عدا المنتجات الزراعية التي يتم تصدير معظمها لدول الخليج العربي .
ولو تم أقلمة إيران مع العالم لكانت سوقا سياحية رائجة كسابق عهدها ، ففي إيران من الأماكن والمواقع السياحية الكثير كونها بلد شاسع الأطراف وفيه أربعة فصول في نفس الوقت ، لكن كل هذه الميزات لم تستغل وانشغلت إيران بالتطبيل الثوري ، والقمع السياسي ومعادات الآخرين واستفزازهم مع قمع منظم لكل الأصوات الإيرانية المطالبة بحرية الرأي .
فهل يريد منا من ينادي بنفس الشعارات الإيرانية من المتأسلمين أن نعيد تطبيق الممارسة الإيرانية في عراق المستقبل الذي انتظرناه طويلا ؟ ، وكيف يريد منا هذا البعض أن نفصل الدولة العراقية المقبلة على رأيه وحسب مزاجه ورب العزة يخاطب نبيه الكريم قائلا ( وما أنت عليهم بوكيل ) و( لست عليهم بمسيطر ) ويخاطب الناس بقوله الكريم ( إن أحسنتم احسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) . بينما يقول إمام المتقين علي ابن أبي طالب ( لا تعلموا أولادكم على عاداتكم ، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم ) ، فهل يريدنا دعاة الأسلمة المتسيسين أن نرجع القهقري للوراء بعد أن قطعت البشرية أشواطا عديدة إلى الأمام في سبيل رقيها وتقدمها .
لذلك فإن تصريحات مثل ما ردده الشيخ الفرطوسي وأمثاله من الذين تهجموا على بعض القوى والشخصيات الوطنية العراقية التي كان لها تأريخ نضالي معروف على الساحة السياسية ، يدخل في باب الإرهاب الفكري وينم عن سذاجة سياسية بالتغيرات الفكرية في خارطة العالم ، ويؤجج روح التناحر في المجتمع الواحد الذي يريده الجميع مجتمعا تقدميا تسوده روح النقاش الهادئ السليم ، وفق ضوابط علمية وإنسانية وبعيدا عن روح التطرف ونفي الآخر ، بعد أن تنفس الناس الصعداء بزوال أشرس نظام شوفيني قمعي عرفته البشرية .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدم المنازل الفلسطينية وتوسيع المستوطنات.. استراتيجية إسرائي


.. مجدي شطة وا?غانيه ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. قتلى واقتحام للبرلمان.. ما أسباب الغضب والاحتجاجات في كينيا؟


.. الجنائية الدولية تدين إسلامياً متشدداً بارتكاب فظائع في تمبك




.. فرنسا.. أتال لبارديلا حول مزدوجي الجنسية: -أنت تقول نعم لتما