الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلج

مزن مرشد

2006 / 9 / 20
الادب والفن


ركض مسرعا في عتم الطريق ،صوت خطواته يمزق الصمت ، يصل إلى مسامعه مخترقا جدران الذاكرة ،في هذا الشارع ،عند هذا المفترق التقيا يوما ، صدفة عجيبة جمعتهما ، و في نفس المكان ،كان لهما الموعدالأول .
ما زال راكضا ، مسرعا ،كأنه يلاحق المستحيل .
صوت خطواته ما زال يكسر حاجز الصمت، ما زال يستدعي ذكرياته القريبة الغالية، شئ ما يفتت ، ما تبقى من قلبه .
بالرغم من الثلج المتساقط على وجنتيه إلا أنه لا يشعر بالبرد ، نادرا ما تثلج سماءنا ، لكنه يوم مميز ، لا بد أن يكون مميزا في كل شئ .
مننذ سنين كانت تثلج أيضا ، الناس تتراكض هاربة من زخات ثلج غير متوقعة ، المواصلات مزدحمة ، وقد تأخرت ، لا تحب مزاحمة الآخرين في سباقهم نحو السيارات أو الباصات ، وقفت عند المفترق ،احتمت بظل إحدى الشرفات ، و انتظرت ، أعجبه منظرها ، واقفة بعيدا عن زحمة الشارع ، شعرها الطويل تبلل بالماء و علقت عليه بعض من ندف الثلج ، على عكس الناس لم تكن تحمل مظلة و لم تكن ترتدي أي غطاء يحمي شعرها ، لم يكن يبدو عليها الانزعاج من الجو أو من الماء الذي يقطر من جسدها، شئ غريب شده إليها ، لم يكن شكلها هو الشكل المفضل لديه من النساء ، لكنه أحسها تقبع داخله منذ زمن بعيد ،لا بد أنها ولدت معه في نفس اللحظة ، اقترب منها :
تنتظرين سيارة تقلك …؟
أشاحت بوجهها و لم تجبه
-لا تتوقعي أن تجدي مقعدا فارغا واحدا في أي وسيلة للنقل في مثل هذا الجو ،إن كنت قد تأخرت عن عملك عودي لمنزلك و اعتبريه يوم إجازة
-*-تأخرت نعم ، لكن عن الامتحان و ليس عن العمل .....ثم ما شأنك أنت؟!!!
لا يدري كيف وافقت أن يوصلها سيرا تحت الثلج ربما هو القدر كي لاينسى هذا اليوم أبداً ، يومها تأخر عن عمله ، تشاجر مع مديره ، وعلى عكس شجاراته السابقة لم ينزعج منه أبداً ، كانت مشاعر غريبة تعتمل في صدره ، تسيطر على حياته تجعله يشعر بالرأفة والحب تجاه كل البشر .
صار الشارع شارعهما ،.يعبرانه يوميا ، يشهد معهما لحظات، نادرا ما تتكرر في الحياة، ذهب الثلج أشرقت الشمس اخضر الشجر، و اخضر معه الحب ،قالت له يوما :
-إياك أن تتركني.
تعاهدا ألا يفترقان أبدا ،ألا ينظر لأية امرأة سواها ،وأن تبقى له وحده لا يفرقهما إلا الموت .
عاد المطر يغسل الطرقات ، يغسل الحارات العتيقة و يرافق خطواتهما ، يرافق أحلامهما و آمالهما ، عاد المطر أكثر من مرة ليجدهما كما تركهما لا يجمعهما إلا الحب ولا يفرقهما إلا الموت ، طوال تلك السنوات تمنى لو يجمعهما بيت واحد و قدر واحد ، لكنها ليست مستعدة للزواج الآن ، لم يناقشها ،أحب أن يكون كل شئ كما تريد ، واثقا كل الثقة من مشاعره ، و كله ثقة بقرارها ، قالت له يوما:
_ أريد أن أكون شيئا مميزا في حياتك أكره أن أكون قصة مكررة ، لا بد أن تكون علاقتنا غريبة ،أسطورة في كل شئ ، في سعادتها كما في حزنها
لم يفهم ما قصدته .
الحزن ؟
وكيف يكون الحزن مع الحب إلا في الفراق ،لكنها قالت :
- لن يفرقنا إلا الموت …..
ما زال الثلج يتساقط بغزارة فوق رأسه ، غطى كتفيه و بلل شعره ، تسللت المياه المثلجة إلى جسده .
حتى الآن لم يشعر بالبرد ، مسرعا، مهرولا ، يحاول سبق الزمن ليصل قبل أن تخرج ، صوت الموسيقى عاليا جدا يملأ الفضاء يصل حتى آخر الشارع ، وحده لم يكن يسمعه …..
غدا لن يراها واقفة تنتظره عند المفترق ، لن ينتظر هاتفها في الخامسة ، و لن يسمع رنة واحدة من جرس الهاتف قبل أن تنام أي ( تصبح على خير )
سيصبح غدا على قهر ، ببساطة لن تكون موجودة ، ستكون محلقة ، مهاجرة إلى وطن جديد ، بجانب رجل جديد ، لتبدأ حياة جديدة .
غدا سيشعر بالبرد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها


.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف




.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب