الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية العرض المسرحي

عطا درغام

2022 / 6 / 30
الادب والفن


من الشائع أن يلتمس الفنانون في فكرة خلود أعمالهم عزاء عن حقيقة الفناء، فنجد هوراس يؤكد أن قصائده أطول عمرًا من البرون/ز بينما يعزي شكسبير حبيبته بأمل التجدد يومًا رغم ما يبدده الزمن.
لكن العرض المسرحي- الذي يُعد أعمق أشكال التعبير الفني تأثيرًا وحدةً وكثافةًـ وأيضًا أقصرها عمرًا- لا ينتمي إلي هذا الطراز من الفن الذي يعده مبدعوه أثرًا خالدًا؛فهو من تبدعه الجماعة لا الفرد، وهو فن يظل جوهره العرض الحي والتلقائية،وعدم الخلود حتي وإن حفظناه في أشرطة السينما والفيديو-كما نفعل الآن- إلي ماشاء الله.
إن هذا الكتاب : (نظرية العرض المسرحي) الذي ألفه جوليان هلتون ؛ترجمة: الدكتورة نهاد صليحة، يسعي إلي دراسة فن الأداء وظاهرة العرض المسرحي.
لا يتناول بالتحليل عروضًا بعينها،وإنما ينكب علي فحص الطبيعة التوليدية للعرض المسرحي، فيحلل طبيعة الزمان والمكان والفعل فيه، ويطرح نموذجًا لوصفه وتشيحه ويفحصه باعتبار صيغة من صيغ الاتصال، ويطرح رسائل قد تيسر لنا فهم هدفه الثقافي الشامل.
وفي كل الأحوال يظل الهدف الرئيسي الذي ينتظم الكتاب في مجموعته، هو محاولة سبر أغوار المفارقة المحورية في فن المسرح واستكشاف جوانبها.وتتلخص المفارقة في قدرة المسرح علي شحذ رؤيتنا للواقع وإدراكنا له رغم أنه وسيلة تعبير تتميز بالاصطناع الواضح والافتعال والزيف.
إننا نستطيع في المسرح أن نشهد بالضبط عملية التحول التي يمر بها المؤدي- سواء كان ممثلًا او راقصًا أو مغنيًا- ليخلق دوره، فنشاهده وهو يرتدي ملابس الشخصية ومكياجها ثم يدلف إلي عالم زائف علي الخشبة.
كذلك قد ندرك يقينًا أن كل حركات المؤدي وإيماءاته قد تم التدرب عليها من قبل وأن نبرات الحزن والفرح في صوته لا تعدو أن تكون تمثيلًا،ورغم ذلك ما أن نشاهده يؤديها في العرض المسرحي حتي نعتقد بأن ما نراه حقيقة وليس تمثيلًا.
وتطرح الدراسة تساؤلًا .. فإذا كان العرض المسرحي هو فن الأداء الحي التلقائي العابر، فهل يمكن دراسته؟ وهل من المطلوب دراسته؟
يمكننا بالطبع دراسة فن العرض المسرحي بوسائل عدة منوعة مثل التردد علي المسارح كجزء من برنامج دراسي،أو توظيف أساليب التدريب الفنية المستخدمة في البروفات وتقنيات المعامل المسرحية وإدماجها في عملية التدريس.
وقد أتاحت لنا السينما والفيديو إمكانية تسجيل العروض بل وتحليلها أيضًا تحليلًا تفصيليًا عميقًا بصورة قد لا تتأتي لنا عند مشاهدة البروفات الحية للعرض مفسها.ونحن لا نغفل هنا بالطبع الاختلاف الكيفي الواضح بين الحدث نفسه وبين صورته المسجلة. لكن تطور أساليب التسجيل وتقدمها كفيل بتضييق الفجوة بين العرض الحي والعرض المسجل.
وتتضمن دراسة فن العرض البحث في أمرين ثقافيين هامين: فهي تقودنا أولًا إلي استكشاف كيفية تحول الخيال، أو ما يفوق الخيال إلي واقع،وهي تدفعنا ثانيًا إلي استكشاف العلاقة بين الواقع وبين الصور المخالفة التي نعرض من خلالها هذا الواقع.
إن تحويل فكرة ما أو شخصية خيالية إلي كيان حي ملموس يعني تجسيدها؛ فهو فعل تجسيد يحول الفكرة أو السطور المطبوعة إلي أصوات وحركات.
ونحن عندما ندرس فن العرض والأداء إنما ندرس في حقيقة الأمر كيف نمتع أنفسنا بصورة أفضل كمؤدين ومتفرجين، دون أن نغفل البحث عن المتعة لا يعفينا بالضرورة من العمل الشاق والانضباط في الدراسة الدقيقة،
ودراسة فن الأداء والترفيه تتطلب كل هذا من المؤدي، فإذا أجاد كل مؤدِ فنه- سواء كان راويًا أو حكواتيًا او لاعبًا في سيرك أو مبارزًا أو موسيقيًا أو مشعوذًا أو ساحرًا- فلا ضير عليه من نقد النقاد ولن تصيبه سهامهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم


.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع




.. هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية