الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا هرب الفيل من العراق؟

حسام علي

2022 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


في يوم هرب الفيل من الغابة، فسألوه لماذا يا فيل هربت؟ قال: لأن الأسد قرر أن يقتل كل زرافة في الغابة. قالوا له: لكنك فيل ولست زرافة. أجاب: نعم، أعلم ذلك، لكن المشكلة أن الأسد قد كلّف الحمار بمتابعة الموضوع. الحكمة: حين تتولى الحمير إدارة البلاد.. اهربوا أو اطلبوا اللجوء، والعاقل يفهم.
كلما أكرر قراءة أبيات د.محمود الدليمي، يعتصرني الألم وتتغورق عيناي بالدموع على بغداد، إذ يقول:
قفْ نادِ بغداد واستمطر مآقيها واسكب دموع الأسى من عين باكيها
قف صوب بغداد وانشد رسم قافية كانت قديما بها أحلى قوافيها
سقطت بغداد بعد دخول القوات الامريكية إليها صباح التاسع من ابريل نيسان 2003، يومها كنت أرقب تلك اللحظة من شباك البيت، وكان الخوف ينتابني والفرح يغمرني، لا أدري ما الذي سيحل وما الذي سيكون فيما بعد. سقطت بغداد دون مقاومة تذكر، وذاك الجيش العراقي الذي كان مضرباً للأمثال في فلسطين وسوريا، بالاضافة في العراق، قد تهاوى، بل اختفى من ساحة الاحداث، بعدما أوكلت مهمة حماية بغداد بالحرس الجمهوري واستبعاد وزارة الدفاع من أي تدخل عسكري، خاصة وأن قصي صدام المشرف الاعلى على الحرس الجمهوري هو الذي تولى قيادة العمليات العسكرية، فكانت تلك، واحدة من المهازل التاريخية، حين يستثنى قادة كبار في وزارة الدفاع العراقي ويمنعون من التدخل أو على الاقل باستشاراتهم عسكرياً نتيجة الخبرات الكبيرة التي يتمتعون بها، فيحل بدلاً عنهم شاب مراهق ربما لا يميز بين معنى فصيل أو سرية في الجيش أو لم يسمع في حياته بإيعاز "عادة قف" أو "عادة سرّ".
قبيل قرار دخول القوات الامريكية بغداد، تشكل آخر مؤتمر لما تسمى بالمعارضة العراقية في فندق هيلتون ميتروبوليتان وسط العاصمة البريطانية لندن أواخر عام 2002 بحضور أكثر من 350 مدعواً من عراقيين وغير عراقيين، وكان على رأسهم مبعوث من الادارة الامريكية وممثل عن وزارة خارجيتها وآخر عن الدفاع وآخر عن جهاز الأمن القومي الامريكي وممثلون عن سفارات فرنسا والصين وبلجيكا واليونان. من العراقيين كان هوشيار زيباري وعبدالعزيز الحكيم وجلال طالباني واحمد الجلبي واياد علاوي وعزالدين سليم ومسعود بارزاني وآخرون ممن كان لهم دور خطير في العملية السياسية بالعراق.
ومنذ تلك الايام واللحظات، طغت عمليات تقسيم الحصص بوضع الاعتبارات الطائفية والعنصرية على طاولة النقاشات بعد تحقيق الاطاحة بنظام صدام، والتي تركزت في أن تكون بصالح الفئات الثلاث المكونة للعراق وهي الشيعة والسنة والأكراد. وبعد سقوط بغداد الحبيبة، وعلى عكس ما انتظره العراقيون أو تأملوه في أن يحل ببلدهم نظام سياسي جديد يعوضهم مآسي النظام السابق، بدأ سيناريو الأوضاع غير المستقرة وغير الآمنة يلوح في الافق يوماً بعد يوم، ابتدءَ بمطاردة الكفاءات العلمية من أساتذة جامعات أو أطباء أو علماء أو أدباء أو طلاب جامعات، عن طريق الاغتيالات المستهدفة. ثم بدأت الصفحة الثانية وهي التفجيرات المتلاحقة والقتل على الهوية الذي تفاقم بشدة عام 2006. وأضحت بغداد بالتحديد، تعاني الإنهاك والارتباك في الاوضاع، فكانت خطة انقطاع التيار الكهربائي منذ السنوات الاولى للسقوط وحتى اليوم هي من البرامج الحقيرة التي وضعت ضمن جدول الاعمال لإشغال الشعب وفرض السيطرة والاحكام. كما تزامن مع ذلك، شيوع حالات الفساد المنظم في أغلب قطاعات البلد وشيوع الفوضى وانعدام القانون، حتى احتل العراق حينها ما يخص الفساد المالي مرتبة متقدمة جداً في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم. وحسب منظمة الشفافية الدولية فأنه ومنذ عام 2003 وللآن فقد اختفى من العراق أكثر من 500 مليار دولار والمبلغ قابل للزيادة والارتفاع بسبب توسع أعداد حيتان الفساد وتمدد استحواذاتهم.
كما كشف تقرير أمريكي نشر عام 2014 عن قائمة تضم أغنى 17 شخصية سياسية بالعراق، حيث تصدر نوري المالكي القائمة وبتفوق واحتل المركز الثاني مسعود البارزاني أما المركز الثالث فكان من نصيب أسامة النجيفي وجاء في المركز الرابع أياد علاوي أما عمار الحكيم، فاحتل المركز الخامس واحتل مقتدى الصدر، المركز السادس، وآخرون أمثال صالح المطلك وحسن السنيد وهوشيار زيباري وحلبوس الحلبوسي وبرهم صالح، وربما قد طرأت تغيرات في تبادل المراكز لعام 2022 والله اعلم.
وفي هكذا أحوال، صارت الهجرة أو بالأحرى الفرار من البلد، هي السبيل الوحيد الذي فتح أوسع أبوابه أمام العراقيين. خاصة وأن أوضاع العراق السياسية لم تعد تبشر بخير قادم أبداً، فالخدمات العامة لم تتحسن، وتوفير فرص العمل هي الأخرى لم تشهد تغيراً ولو ملحوظاً، والمواطن العراقي قد ملّ الوعود والخطابات التي يدعي من خلالها مؤلفوها بتعويض ما فات. حتى أن خبراء في هيئة الأمم المتحدة قد اكدوا بأنه لم يحدث في الشرق الاوسط منذ أكثر ستين عاماً أي منذ هجرة الفلسطينيين عن ديارهم، هجرة مأساوية كالتي تحصل اليوم للعراقيين.
فحكومة لا تهتم كيف يقتل شعبها وكيف يغتال وكيف يهجر أو يُسلب، إنما همها الوحيد هو كيفية تقاسم الخيرات وتوزيع المميزات ونيل الملذات والمستحبات. هكذا حكومة لا تشعر بمآسي فقير أو مريض أو مسكين أو بمعاناة أبرياء، هي حكومة تستحق بكل تأكيد المحاسبة والمحاكمة واحداً تلو الاخر دون تفريق أو تمييز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت