الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتصار منزوع الدسم - ثمن النصر هو الهزيمة. تعقيدات 30 يونية.

احمد حسن

2022 / 6 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


3 - من 30 يونيو إلى 25 يناير .. المسار المعكوس
من منشورات (اليسار الثوري).
----------------------------------------------
في يوم 30 يونيو تجسدت نتيجة كل العوامل في أحداث سريعة التكاثف والتتابع، فالغضب الشعبي المتراكم نتيجة الأزمة الاقتصادية والإحباط من أحلام الاستقرار التي داعبها الإخوان ولم تتحقق، وتحريض القوى السياسية ومؤسسات الدولة، وعنف الإخوان وعزلتهم، كل هذه المقدمات رسمت شكل التحركات الجماهيرية ليوم 30 يونيو والتي ضمت قطاعات مختلفة، أكثر اتساعاً من تلك التي شاركت في 25 يناير، يجمعها كلها الرغبة في التخلص من الإخوان، كان رد فعل الإخوان قد بدأ بعنف في بعض المحافظات في يوم الجمعة 28 يونيو الذي شهد تحركات تمهيدية لليوم المنتظر في 30 يونيو، واستمر العنف واشتباكات محدودة في بعض المناطق طيلة الأيام الثلاث بين مظاهرات 30 يونيو وعزل مرسي في 3 يوليو، كان التحرك الجماهيري متجاوزاً لكل التوقعات، كانت الجماهير خرجت تحارب كل مخاوفها ووساوسها وأزماتها، ولم يكن للثوريين أي دور ملموس في قيادة المشهد أو صياغة شعاراته، كان يوم 30 يونيو، والذي مثل لحظة من أكثر اللحظات الجماهيرية حيوية، يمثل في الوقت ذاته قمة عجز العامل الذاتي لهذه الجماهير بالذات، فالجماهير التي خرجت ضد مرسي والإخوان لم تكن تعرف طريقاً لإزاحتهم إلا انتظار تدخل من الجيش يشبه تدخله في 11 فبراير ضد مبارك، لم تُقَدَم رؤى أخرى، أو قُدِمَت على استحياء وضاعت في صخب المشهد، وتدخل الجيش، بعد تصعيد درامي عبر البيانات المتتالية، في مشهد درامي هزلي ظهر فيه وزير الدفاع مع شيخ الأزهر والبابا وممثلاً عن لسلفيين والبرادعي ممثلاً عن جبهة الإنقاذ.




سيكون من العبث فصل تدخل الجيش يوم 3 يوليو عن التحرك الجماهيري الضخم في 30 يونيو، فالجماهير المنهكة، والمشحونة في نفس الوقت، لم تجد سبيلاً آخر أمامها، فحمل المشهد سمات الانتفاضة الشعبية جنباً إلى جنب مع سمات الانقلاب العسكري، كان 3 يوليو نتيجة منطقية ليس فقط لـ 30 يونيو لكن لتناقضات الثورة التي تحدثنا عنها، كان نتيجة منطقية لتطور وتجذر الأزمة الثورية والوضع الثوري دون أن يرافق هذا وجود المنظمات الجماهيرية الثورية، كان نتيجة منطقية للتناقض بين العاملين الموضوعي والذاتي في الثورة المصرية، فتصبح أكثر اللحظات جذباً للجماهير، لحظة الإطاحة بالوجه الثالث للنظام، بعد مبارك ومجلسه العسكري، هي نفس اللحظة التي تسعى قطاعات واسعة من الجماهير للنظام ذاته بحثاً عن حل لأزمته.




بالتأكيد كانت حيوية الحركة الجماهيرية تمثل خطراً على الدولة ومؤسساتها بقدر ما كانت تشكل فرصة تسعى هذه المؤسسات لاستغلالها، وهذا يفسر مشهد عزل مرسي الدرامي الذي قام ببطولته وزير الدفاع، كانت الدولة تتحرك بثقة لكن على استحياء وبعد اختبار الأرض ورد الفعل الجماهيري قبل كل خطوة، فانتقلت السلطة بشكل "دستوري" لرئيس المحكمة الدستورية، وتشكلت وزارة ضمت رموزاً من جبهة الإنقاذ، وأكد وزير الدفاع في كل خطبه تجرده وعدم رغبته في منصب رئيس الجمهورية. كان الملعب الجديد لم يختبر بعد ولم تكن الخطوات الكبيرة، ناهيك عن الركض، ممكنة قبل أن تتضح تفاصيل الملعب، قبل قياس رد فعل الجماهير ورد فعل القوى السياسية، التي لعبت على ضعفها دوراً مهماً في حشد الجماهير، وقبل قياس رد فعل الإخوان وأتباعهم، ورد فعل القوى الدولية شرقاً وغرباً.




مع اعتصام الإخوان وتعالي نبرتهم التهديدية والتلويح بالسيناريو السوري، وهي تلويحات وإشارات شكلية، بدأت الخطوات تتسع، فخطر الإرهاب أضحى أداة رئيسية في يد الجيش لكسب الجماهير وانتزاعهم تدريجياً من أي تأثيرات أخرى، وبدأ اختبار هذه الأداة تدريجياً، عن طريق الإعلام، ثم عن طريق طلب وزير الدفاع للجماهير أن تتحرك لتفويضه في 26 يوليو، تدريجياً بدأت المؤسسة تزيح الجماهير ودورها الفعال من المشهد، لتصبح هي الدرع والسيف اللذان سيدافعان عن الجماهير المفزوعة والتي لن يكون عليها سوى التفويض، بكلمة أخرى بدأت المؤسسة عملياً في نزع سمات الانتفاضة الشعبية والاكتفاء بسمات الانقلاب العسكري، مع الاستمرار في تملق الجماهير والمبالغة في تعظيمها وتعظيم وطنيتها، واللعب على مخاوفها ورغبتها في الاستقرار، وتغليف هذا المزيج بغلاف شوفيني يحمل شعارين براقين "الوطنية" و"الحرب على الإرهاب".




بدا من الواضح أن الحركة الجماهيرية التي وصلت لذروتها في 30 يونيو تبدأ في الانحسار، وأن الثورة تنحسر معها، أو تسير في مسار معكوس، فالجماهير المنتصرة أضحت مذعورة من الإرهاب وفاقدة لثقتها في ذاتها، وعمق هذا رد فعل الإخوان وأنصارهم العنيف والطائفي، والذي كان يمنح الوقود لاستمرار وتجذير هذه العملية، بينما تشتت القوى السياسية، التي ظهرت في المعركة في مواجهة الإخوان، أمام تعقيد المشهد ولم تستطع التجاوب معه، فارتمت جبهة الإنقاذ في أحضان الجيش مقدمة له التنازل المجاني تلو الآخر ومستجيبة لابتزاز شعارات الوطنية ومواجهة الإرهاب، وعلى الناحية الأخرى وقفت قوى أخرى موقف في مواجهة الجيش ووزير الدفاع باعتبارهما الثورة المضادة مع إشارة ثانوية لعنف الإخوان وطائفيتهم، كلا الموقفين خسر الجمهور، فمن تنازل طوعاً للجيش تخلى عن جمهوره وسلمه بيده ليصطف خلف وزير الدفاع، ومن أعلن أن العسكر هم الخطر الأعظم خسر الجمهور المذعور بحق من الإخوان.




كانت المؤسسة العسكرية هي الرابح الوحيد على حساب الانتهازيين وعلى حساب الثوريين، تعززت شعبية وزير الدفاع وضاعت الثورة وصوتها في قلب ضجيج الحرب على الإرهاب، فتم فض اعتصامات الإخوان في ميداني النهضة ورابعة بمذبحة حقيقية بتأييد من قطاعات واسعة من الجماهير، وتم فرض حظر التجوال، ثم إصدار تشريعات لتجريم التظاهر. واستعادة الداخلية من جديد وضعها كأداة قمع لا تحاسب وتفرض إرادتها فوق الجميع، بل فوق القانون ذاته، جماعة الإخوان التي تعرضت لهذه الهجمة العنيفة حققت بعض المكاسب على مستوى تعاطف جمهورها وعلى مستوى التشهير الإعلامي بم وصفوهم بالانقلابيين، لكن المكسب الأهم بالنسبة لهم هو تصوير ما حدث كله باعتباره هجوم الثورة المضادة عليهم هم ممثلي الثورة.




أضحت الثورة تسحق بين مطرقة العسكر وسندان الإخوان في عملية متصاعدة، بلغت أوجها في الذكرى الثالثة للثورة 25 يناير 2014، التي حلت في قلب هذه المعركة المشتعلة، حشد العسكر أنصارهم وجماهير عادية في ميدان التحرير، وحشد الإخوان أنصارهم في مسيرات، وحاول الثوريون حشد أنصارهم في مسيرة سرعان مما تم تشتيتها وإطلاق النار عليها، ثم سحل واعتقال مئات من الشباب الذين كان يشار لهم بالبنان منذ أعوام ثلاث، كان من الواضح أن الثورة في عيدها الثالث تفتتح أقصى مراحل جزرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم


.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني




.. أنصار الحزب الاشتراكي الإسباني وحلفاؤه بالحكومة يطالبون رئيس


.. Politics vs Religion - To Your Left: Palestine | فلسطين سياس




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي