الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جموحاتٌ في آفاقِ الحنينِ، إهداء إلى الصَّديق نعيم إيليّا

صبري يوسف

2022 / 7 / 1
الادب والفن


جموحاتٌ في آفاقِ الحنينِ
إهداء: إلى الصَّديق العزيز القاص والرِّوائي السُّوري نعيم إيليّا

أحنُّ إلى ذاتي
إلى أمِّي وهي تلملمُ باقاتِ الحنطةِ
إلى أبي وهو يحرثُ أرضَنا بالفدَّانِ
مركّزاً سكَّتَهُ في أجنحةِ الأرضِ
زارعاً بذارَهُ في خطِّ الأمانِ
يحصدُ في نهايةِ المواسمِ أشهى ثمارِ الخيرِ!

أحنُّ إلى ظلالِ البيتِ العتيقِ
إلى نعيم إيليّا
صديقٌ من نكهةِ الفرحِ
لا يستسلمُ لأيِّ خصمٍ من الخصومِ
يجابهُ بمهارةٍ عاليةٍ لاعبي الشَّطرنجِ ..
ويجابِهُ كلَّ مَنْ ينحو مناحي الاعوجاجِ!

نعيم إيليّا صديقٌ من شهقةِ المطرِ
لونُ القصيدةِ في أصفى بزوغِها
أنغامٌ مجنَّحةٌ نحوَ رحابِ الصَّفاءِ
الصَّداقةُ حرفٌ مندَّى باخضرارِ الرُّوحِ
دمعةٌ سخيةٌ أثناءَ الوداعِ
حكايةُ شوقٍ مبرعمةٌ في حنايا القلبِ
رسالةُ حبٍّ إلى طينِ الحياةِ!

هرَّ أصدقاءٌ في منتصفِ الطّريقِ
هرَّ بعضُهم في بدايةِ الطَّريقِ
هرَّ بعضُهم قبلَ أنْ تدوسَ أقدامُهم مرامي الطَّريقِ
هرُّوا لأنّهم لا يفهمونَ معاني الطَّريقِ
ولا يفهمونَ أصولَ العبورِ في انبعاثِ
مذاقِ تجلِّياتِ الصَّديقِ!

الصَّداقةُ عهدٌ مقدَّسٌ في دنيا من حجرٍ
هبةٌ منبلجةٌ من ثغرِ النَّسيمِ
ضياءُ الرّوحِ في ذروةِ سطوعِ القمرِ
حلمٌ مكتنزٌ ببهجةِ العبورِ
في أحضانِ الفرحِ
رقصةٌ متماهيةٌ معَ بسمةِ الصَّباحِ
قلوبٌ متناغمةٌ معَ منعرجاتِ الحياةِ
جموحٌ صادحٌ بزقزقزاتِ العصافيرِ
عهدٌ مندَّى بأشهى ثمارِ المحبّةِ
عناقٌ من نكهةِ حبورِ السّماءِ
قصيدةُ عشقٍ مبلَّلةٌ بزخَّاتِ المطرِ!

زارَني أمس الصَّديقُ نعيم إيليّا باسماً
زارَني في أعماقِ الحلمِ
رسمَ فوقَ مروجِ الحنينِ عناقيدَ عِنَبٍ
ذكَّرني بعناقيدِ دالياتٍ مسترخيةٍ
في أحضانِ الكرومِ
ذكَّرني برفرفاتِ الحنينِ إلى طينِ الكرومِ
آهٍ يا كرومي
يا صديقةَ ليلي وصباحي
يا مهجةَ الرّوح ِوالقلبِ
نعيم إيليّا قصيدةُ حبٍّ
من مذاقِ سهولِ القمحِ!

أينَ أنتَ يا نعيم؟!
يا صديقي الملظّى في غربةِ هذا الزَّمانِ
أريدُ أنْ أهمسَ في أذنيكَ همسةً من نكهةِ الكرومِ
همسةً منبعثةً من شهقةِ القصيدةِ
همسةً مضمَّخةً بأريجِ النَّرجسِ البرِّي!

هل ما تزالُ يا صديقي
تحملُ فوقَ منكبيكَ أوجاعَ العمرِ؟
هل ما تزالُ مندهشاً من شراساتِ الافتراسِ؟
افتراسِ بعضِ البشرِ لبني البشرِ
هل ما تزالُ تشكِّكُ بانسانيّةِ الكثيرِ مِنَ البشرِ؟
هل ما تزالُ تكتسحُ بفِيلةِ وأحصنةِ الشَّطرنجِ
آثارَ القبْحِ المستفحلِ على وجنةِ الحياةِ
هل ما تزالُ في أشدِّ الشَّوقِ
أنْ تمحقَ شراهاتِ الطُّغاةِ؟!
كم مرّةً تمنَّيتَ أنْ تُزالَ أقبحُ قباحاتِ البشرِ
كي يصبحَ الكونُ أكثرَ صفاءً وبهاءً!
كم مرةً همسْتَ لي بصوتِكَ الهادئِ
إلى متى سيزدادُ جنونُ البشرِ تفشِّياً؟!

هل تتذكّرُ اللَّقبَ الَّذي أطلقَهُ والدي عليكَ؟
أسأله، هل زارَني اليومَ أحدٌ يا والدي؟!
يجيبُني، أيوه زارَكَ صديقُكَ شَعرُ "القچِّ" "alqjje"!
قاصداً صاحبَ الشَّعرِ المنفوشِ!
أسألُكَ بربِّ العبادِ: هل مشّطْتَ شَعرَكَ مرةً واحدةً
عندما كنَّا ندرِّسُ معاً في ثانويَّةِ الطّليعةِ للبناتِ؟!
هل مشَّطْتَ شعركَ مرةً واحدةً طوال عقودِ التَّدريسِ،
وتريدُ أنْ لا يطلقَ الوالدُ "الكوهنبرُّ" عليكَ
شَعرَ "القچِّ" "alqjje"؟!
ألَا تحنُّ إلى هذا اللَّقبِ الطّريفِ؟!
ألَا تحنُّ إلى فكاهيّاته وهو يستعرضُ لكَ
مهاراتِهِ في إعدادِ وجباتِ غنمتهِ من "ريسيّاتِهِ"
الّتي فرشَها تحتَ ضياءِ الشَّمسِ؟!

أحنُّ إليكَ يا صديقي
مثلما أحنُّ إلى مداعباتِ والدي! ..
والدي يغفو منذُ عقودٍ في جفونِ الأرضِ
وما تزالُ مداعباتُهُ ترفرفُ في مهجةِ العمرِ!

نعيم إيليّا لونٌ مفهرسٌ باللِّيونةِ
ملمٌّ بأسرارِ الصَّداقةِ المتناغمةِ معَ هديلِ السَّلامِ
لا يقبلُ القسمةَ على أجيجِ النَّارِ
يمقتُ الحروبَ والعنفَ وكلّ أنواعِ القهرِ
يحملُ رايةَ الوئامِ كأنّهُ من فصيلةِ اليمامِ
نعيم إيليَّا حرفٌ معرَّشٌ في خصوبةِ الأرضِ
يرفرفُ عالياً في صفاءِ السَّماءِ ..
هل تحنُّ يا صديقي مثلما أحنُّ أنا الآخرُ
أن تسمعَ صوتَ والدي وهو يجيبُ عن تساؤلي:
أيوه .. زارَنا اليومَ صديقُكَ شَعرُ "القچِّ" "alqjje"؟!

*هوامش: ريسيّات: أعشاب مجفَّفة، تُقدَّمُ كعلفٍ للحيواناتِ، وكان والدي معروفاً بإعدادِ الرّيسيّات من العشبِ البرّي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح


.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال




.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل


.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع




.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو