الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السبهلله (25)

محمد أبو قمر

2022 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


في يوم 21 مايو 2012 تم افتتاح قلعة الاخوان الارهابيين في المقطم ، وأظن أن قلب القاهرة كان في هذه اللحظة يخفق بسرعة كأنها في لحظة احتضار ، كانت لافتة المبني مكتوب عليها " المركز العام للإخوان المسلمين " ، وكانت حروف هذا العنوان تلمع بابتسامة عريضة كأنها تسخر من الشعب المصري كله.

المبني ضخم كأنه حصن والطريق إليه مُعبّد ، وشباب الاخوان مصطفون علي جانبيه للتأمين والحماية وتنظيم دخول المهنئين بيوم الافتتاح .

قبل أربع شهور فقط من يوم الافتتاح هذا كانت هذه الجماعة التي شيدت هذا المبني الفخيم كانت محظورة ، لكنها طوال أربعين عاما منذ تحالفها مع السادات لضرب معارضيه مرورا بقتله وطوال فترة حكم مبارك حتي اشتعال ثورة يناير 2011 لم تتوقف هذه الجماعة عن العمل رغم كونها رسميا محظورة ، إذ كان السادات قبل اغتيالهم له قد هيأ لها الساحة المصرية لكي لا يقف في طريق نشاطها قانون أو أي أفكار مناهضة ، كان قد غير الدستور ، وأدار وجه مصر للخلف ، واتخذ لقب الرئيس المؤمن ، وابتدع شعار " دولة العلم والإيمان " ، وفتح مصر علي مصراعيها لمؤامرة الصحوة ليظهر في أرجاء المعمورة نوع من المشايخ الرديئة الذين يتميزون بعدم الضمير والكذب والتدليس والنصب والاحتيال ، باختصار فتح المجال لشيوع الخرافة والتدين الشكلي ، وغمس المصريين في جو يبدو دينيا لكنه كان حالة من الدروشة التي فصلتهم عن العالم تماما.

كانت مصر في تلك الأيام قد صار ظهرها للعالم ، كانت وكأن الحياة قد توقفت فيها ، لاشيء كان ينتظره الناس تحت ضغط المشايخ سوي الموت بلا ذنوب للفوز بالجنة والاستمتاع بمضاجعة الحور العين ، روح أكتوبر ماتت ، ورجال أكتوبر اختفوا ، وانزوي المفكرون ، ولم يعد في ساحتها غير الانتهازين ورجال الدين الذين لم يعد من الممكن معرفة من منهم ينتمي للمؤسسة الدينية الرسمية ، ومن منهم سلفي ، ومن منهم يخبيء الارهاب تحت عمامته بينما يبدو للعامة وكأنه رجل الاعتدال والوسطية والانصاف .

في أجواء الضياع هذه انتقلت السلطة إلي مبارك الذي لم تتجاوز معارفه السياسية حدود كون القاهرة عاصمة المحروسة ، كان هذا الرجل الطيب الذي قاد سلاح الطيران المصري في حرب الكرامة يتعامل مع منصب الرئاسة كأنه منصب السفير الذي كان يتطلع إليه قبل اختيارالرئيس السادات له ليصبح نائبه ، أظنه لم يكن يدرك حينذاك أن مصر تتهاوي ، كانت تتفكك وهو لا يدري ، كان الدعاة والمشايخ قد فسخوها وتقاسموا أجزاءها فيما بينهم ، كانوا يحطمون كل قوائمها ، كان الشيخ يقول عبر تلفزيون الدولة إن المرأة ما هي إلا مجرد مصرف لتصريف شهوة الرجل الجنسية ، كان يحرم علاج المرضي ، وينفي الشهادة عمن يموت دفاعا عن وطنه ، كأننا كنّا نعيش في خرابة ، كان المشايخ جميعهم قد أفقدونا الإحساس بمدلولات الأحداث التي تجري ، فُجرت كنيسة الاسكندرية وتمزقت في الانفجار جثث الضحايا ولم يشعر أحد أن ذلك مقدمة لمصيبة كبري ، تم تكفير فرج فوده من أحد أساتذة المؤسسة الرسمية ولم يلفت ذلك نظر أحد ، تم قتل الرجل في وضح النهار ولم يستطع أحد تفسير شهادة الشيخ محمد الغزالي في محاكمة القتلة ، وكان الشيخ الذهبي قد تم اختطافه تحت شعار " الاسلام هو الحل " الذي كان مرفوعا أمام أعين المصريين في كل أرجاء البلاد ، ولم تكن حادثة الكلية الحربية منفصلة أبدا عن أحاديث ودروس الدعاة والمشايخ في المساجد .

كنّا في أيام مبارك كأننا كنّا لقطاء اضطرت أمنا لتركنا بجوار أحد المساجد فكأننا بلا عائلة وبلا هوية وبلا وطن وصارت مصائرنا بين ايدي الدعاة الذين التقطونا من جوار الحائط ، فلا تعليم ، ولا أخلاق ، ولا حتي الإحساس بأننا شعب تطل عليه شواهد تاريخه العظيم من كل مكان نذهب إليه ، كان المشايخ قد سفهوا لنا كل شيء ، كل شيء ، كل شيء ، حتي المرأة أمهاتنا وأخواتنا وحبيباتنا أخرجوهن من معادلة الوجود كله وحولوهن إلي بضاعة ، إلي قطع من اللحم الجنسيي المقتطع من فخدة الشيطان .

لم يكن يوم 21 مايو عام 2012 يوم افتتاح المركز العام للاخوان الارهابيين في قلب القاهرة منفصلا عن كل ما سبق ، كان هذا اليوم أكثر سوادا من يوم وقوف مرسي في ميدان التحرير وهو يلقي القسم كرئيس للخرابة ، مشهد الملايين التي كانت تهتف له في الميدان لم يكن أكثر وبالا من مشهد كبار النخبة السياسية المصريين والرموز الثورية الجعورية ناصريين ويساريين وليبراليين وأونطجيين وهم يتبادلون القبلات والأحضان مع قادة الارهاب مهنئين لهم بافتتاح قلعتهم التي كانت تبدو حينئذ وكأنها خازوق هائل يحمل مصر فوق جبل المقطم .

هل كان يدرك هؤلاء النخبويون والرموز الفخيمة أن هذا المبني كان يعلو في المقطم بينما كانت مصر تسقط ، وأن هذا المبني كان يجري تأسيسه من دم المصريين وعلي حساب مستقبلهم؟ ، هل كان يعرف هؤلاء الذين يمثلون الآن كريمة المعارضة وجاتوه السياسة الذين سيشتركون بعد أيام قليلة في الحوار الوطني الذي سيحدد مصير المصريين هل كانوا يعرفون أن هذا المبني كان يتم تزويده بالأضواء الملونة بينما كانت الظلمة تخيم بأجنحتها علي ربوع الوطن كله وتفصله عن العالم المضيء؟ ، هل كان يعرف هؤلاء المحترمون أن أصحاب المبني الذين كانوا يتبادلون معهم القبلات والأحضان والأحاديث الجانبية الضاحكة قد أطفأوا كل بصيص نور في البلاد وأرسوا قواعد الكراهية وضيعوا بالتعاون مع مشايخ الصحوة أخلاق البلاد وأخرجوها كلية من حسبة التاريخ؟.
أنا لا أعرف ما الذي سيقوله الواحد منهم في الحوار الوطني ، وهل في إمكان كل منهم أن يمحو قبلة المرشد من علي خده وهو يتحدث عن مستقبلنا.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص