الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سِباق التعرُّج 9

علي دريوسي

2022 / 7 / 2
الادب والفن


صباح النور يا أصدقاء،

أكثر ما أخشاه في الحقيقة أن يكون ما أكتبه لكم عن متغيرات حياتنا بعد ورقة اليانصيب الرابحة سطحياً وخادشاً لمشاعركم، أرجو المسامحة إذا كان الأمر كذلك.

ثمة ظاهرة تستحق الوقوف. وصلتنا رسائل عديدة في الأيام الأخيرة، قاسمها المشترك الأكبر هو الحاجة للمال، وهذا أمر بديهي. رسائل تدعونا لعمل الخير لوجه الله، رسائل تحضنا على الاهتمام بالأيتام والمسنين وإعالة أسر فقيرة، رسائل تطلب منا التبرع بمنح مالية للدراسة في الجامعات الغربية، رسائل تسألنا المساعدة في تأمين فرص وعقود عمل، رسائل ترجونا دفع تكاليف إجراء عمليات جراحية في المشافي الألمانية لحالات مرضية مستعجلة ورسائل تحثنا على رصد جوائز مالية تشجيعية للمتفرغين في مجالات الكتابة والترجمة والرسم والموسيقى.

من أمتع الرسائل التي وصلت بريدنا رسالتان.
الأولى مهذبة جداً فيها رجاء قلبي للتضامن المالي مع فريق عمل عربي يسعى لمقاضاة أصحاب أغان قديمة من مثل: أغنية "يسمعني حين يراقصني"، "عيناك وتبغي وكحولي" وكذلك "شنطة سفر" بحجة أن هذه الأغاني قد لعبت دوراً سلبياً في رفع سوية المزاج الرومانسي الماسوشي في المجتمعات الناطقة بالعربية.

أما الرسالة الأخرى فقد جاءت من مجموعة شباب سوريين متحمسين لإعادة إنتاج الماضي، ينوون رفع قضيتين قانونيتين في محاكم أوروبية:
الأولى لمحاسبة بعض اليساريين المتطرفين من الصف القيادي الماضوي، بحجة أن أطروحاتم السياسية غير الناضجة قد ساهمت بعرقلة وفرملة عجلة التطور المجتمعي الثوري.

في القضية الثانية ارتأوا محاسبة النظام السوري متمثلاً بمستشاري الرئيس حافظ الأسد الذين اقترحوا عليه فكرة السجن للمعارضين الإسلامويين واليساريين المتطرفين بدل نفيهم بطريقة محترمة إلى الباكستان، أندونيسيا، أفغانستان، كوبا، فنزويلا وكوريا الشمالية وتزويدهم بمنح مالية لدراسة علوم الاجتماع والسياسة والدين. معللين ذلك بالقول : "إذا كان من الصعب على المسلمين المتشددين بناء دولتهم الإسلامية المنشودة على امتداد أراضي بلدهم ـ وهذا حق لهم بالمعنى الديمقراطي ـ فهذا لا يمنعهم أبداً من المشاركة في بناء هذه الدولة في رقعة جغرافية أخرى، والأمر ذاته ينطبق على اليساريين المتطرفين".

أصدقائي الأعزاء،
نريد استثمار أموالنا قبل أن نتبرع بها لليتامى والمساكين والأرامل والمرضى والراغبين بالدراسة والتسكع. ثم أنه كما تعرفون لا يجوز لنا التباهي بأعمال الخير، إلا أننا نجد انفسنا في هذه اللحظة مضطرين لإخباركم ببعض إنجازاتنا، لعل ما قدمناه ما زال قليلاً جداً، طاقة البؤس في مجتمعاتنا تفوق طاقتنا الفردية بأضعاف مضاعفة. وكما قال الشاعر: "لا تكن حلواً فتسترط ولا مرّاً فتعقى".

من يعمل بجد وصدق وأخلاق لا يكفيه الوقت لإنجاز وظيفته وبلوغ هدفه. هذا ما دفعنا لتوظيف ثلاثة أشخاص: السيدة المصرية ـ الألمانية ليلى (متزوجة من رجل ألماني يعمل في الزراعة) بصفتها إمراة قانون، السيد الألماني كلاوس (متزوج من طبيبة سورية) بصفته أخصائي في إدارة المشاريع والسيد الألماني يورغن المختص بالمحاسبة المالية والضرائب.

أول عمل مشترك أنجزناه هو تقديم منحة دراسية لمدة سنة واحدة لعشرة أشخاص سوريين من الشريحة الدنيا تم اختيارهم بدقة. بعد انقضاء مدة السنة الأولى وتعلمهم للغة الألمانية سيحصل هؤلاء عندنا على فرص عمل طلابية (حوالي عشرين ساعة عمل في الأسبوع) في مجال البناء والزراعة وسيكونون بذلك قادرين فيما بعد على تمويل دراستهم ذاتياً. سنسعى بأقصى جهد لنا على ترميم إحدى البنايات التي اشتريناها في مدينة لايبتزغ واستثمارها للسكن الطلابي. أرجو ألا تقلقوا لأن عدد المنح الدراسية سيزداد بالتأكيد مع البدء بالاستثمار وجني الأرباح.

أما المشروع الثاني الذي دخل في طور الإنجاز بعد الدراسة والتخطيط له بعناية والترخيص فهو افتتاح المقهى الألماني السوري للأدب والموسيقى والفنون. المقهى ـ كما تعلمون ـ هو المكان الذي يريد الإنسان أن يكون فيه بمفرده، لكنه يحتاج إلى صحبة من حوله وبرنامج ثقافي ليفعل ذلك ويعيش الطقس. لا نريد أن يجلس إنسان في مقهانا يشرب خمره وشايه وحيداً حزيناً تائهاً، منتظراً حدوث معجزة كأن يتكلم القمر إليه، كأن تشتكي الكأس من أصابعه أو كأن يموت شريك حياته. سنفتتح للمقهى فروعاً في أنحاء سوريا. في نهاية الشهر القادم سيبدأ العمل في فرع مدينة جبلة وبعد ذلك بأيام في فرع مدينة حلب.

سأوافيكم بالمزيد من التفاصيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا