الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


30 يونيو 2013 ... أسئلة وأجوبة .

أحمد فاروق عباس

2022 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تمر هذه الأيام الذكرى التاسعة ليوم خالد من أيام مصر ، وهو انتفاضتها ضد الإخوان وتنظيمهم ، وتفضيلهم للدولة علي الجماعة ، والوطن على التنظيم ..

وقد أثيرت حول هذا اليوم من جانب الإخوان ادعاءات كثيرة ، حاولوا بها صرف نظر الناس عن مغزاه الحقيقي ، وطبيعة المعركة المحلية والإقليمية والدولية التى خاضها المصريون فى مثل تلك الأيام منذ ما يقرب على عقد من الزمان ، فماذا قال الإخوان وانصارهم عن هذا اليوم ؟

سأحاول أن أضع ما أريد قوله فى صورة سؤال وجواب ..

السؤال الأول :
هل ٣٠ يونيو ثورة ام انقلاب ؟

تنبأنا خبرة الانقلابات فى العالم كله ، أن الانقلاب العسكري هو قيام مجموعة مغامرة من جيش معين بالاستيلاء على السلطة بتدبير خفى ، وتحرك بعيد عن العيون ، يضع الجميع أمام الأمر الواقع في لحظات ، ويلقى أحدهم - ووراءه مجموعة العسكريين الذين قاموا بالتحرك - البيان رقم واحد وراء ميكروفونات الإذاعة - كما كان يحدث قديما - أو أمام شاشات التلفزيون ، ويضع الجميع شعبا وطبقة سياسية أمام الأمر الواقع فجأة ، كل ذلك والشعب مازال هناك بعيدا ، يشاهد ويتفرج على هذا الصراع الدائر علي السلطة ..

فهل هذا هو ما حدث يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ؟!

إن الاستعدادات لنزول جماهير الشعب يوم ٣٠ يونيو كانت معروفة قبلها بشهرين تقريبا ، أى منذ نهاية شهر أبريل ٢٠١٣ ، عندما قامت حركة تمرد تدعو المصريين جميعا لتجديد ما حدث فى ٢٥ يناير والتخلص من حاكم حالى كما فعلوا من سنتين مع حاكم سابق ، وكان الطلب ديموقراطيا تماما : انتخابات رئاسية مبكرة ، كما يحدث في كل الدنيا فى حالة الانسداد السياسي ، حيث الرجوع إلى الطرف الأصيل وهو الشعب ليقل كلمته ، إما بتجديد التفويض للحاكم وإبقاءه فى منصبه أو تغييره ديموقراطيا ..

وحدث أن تم جمع ملايين التوقيعات استلهاما لروح ثورة ١٩١٩ وجمع تفويضات لسعد زغلول وصحبه ، ثم جاء يوم الثلاثين من يونيو ، واستجاب المصريون وخرج عشرات الملايين في كل أنحاء مصر ، من أقصاها إلي أقصاها ..

رفض الإخوان المطلب الديمقراطى بالتغيير عبر إنتخابات مبكرة ، وتمسك رئيسهم حتى اللحظة الأخيرة بالكرسى والمنصب ، وتعاموا عن هدير عشرات الملايين في الشوارع والميادين ، وكان الاختبار أمام الجيش قاسياً ، حاول - خوفاً من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية - أن يقنع من بيده السلطة التحرك خطوة أمام مطالب الحشود الثائرة ، ثم انذره قبلها بأسبوع كامل فى نداء علنى أن البلاد داخلة على منعطف خطير ، ثم انذره مرة ثانية قبلها ب ٤٨ ساعة لعل وعسى ..

وعندها - وطبقا لمسئولياته الدستورية فى حماية البلاد خارجياً من العدوان ، وحماية البلاد داخلياً من التفتت والحرب الأهلية - قام بعزل الرئيس ، مستجيباً للمرة الثانية خلال عامين لصوت الشعب ( كانت الاولي فى ٢٥ يناير ٢٠١١ ) واجبار الحاكم المتمسك بكرسيه على التنحى جانبا ..


السؤال الثانى :
هل ٣٠ يونيو ثورة قامت بترتيب من المخابرات ، أو ممن يسمونه الدولة العميقة ؟!

لا أعرف حقيقة ما هى الآلية التى قامت بها المخابرات أو الدولة العميقة بإقناع عشرات الملايين وانزالهم من بيوتهم إلي كل شوارع مصر يوم ٣٠ يونيو وأيام ١ ، ٢ ، ٣ ، ٢٦ يوليو ؟!
هل أعطتهم نقودا لكى ينزلوا للتظاهر ؟ ومن أين لها بالمليارات التى أنفقت على نزول عشرات الملايين من الناس إلي الشوارع ؟!
وكيف تم إعطاء النقود لكل هذه الملايين ؟!
أفى منازلهم قبل نزولهم للتظاهر ؟
وكيف لها أن تمر على مئات الآلاف من المساكن لتوزع عليهم النقود ، وكيف عرفت أصلا من سينزل فى ذلك اليوم من عدمه ؟!
أم تم إعطاءهم الأموال فى الشوارع أثناء التظاهر ، وكيف لم يشاهد أحدا رجال الدولة العميقة تلك وهو يوزعون مئات الملايين على الناس علنا فى الشوارع ؟!
واين كانوا يضعون ألاف الحقائب والشنط التى تحوى كل هذه الأموال التى سينفقونها على المتظاهرين ؟!
هل مثلا فى شاحنات كانت تمر فى كل مدن وساحات وميادين مصر ؟!!
ولماذا لم تفعل المخابرات والدولة العميقة ذلك أيام مبارك ، وتقنع بضعة آلاف من المصريين - بالاقناع أو بالأموال - أن ينزلوا دفاعا عن بقاء الرئيس ، ألم يكن رئيس المخابرات أحد رجاله المقربين منذ سنوات طويلة ، ومعه قائد الجيش وكل قياداته ، وكان مبارك نفسه رجلا عسكريا ؟!!

السؤال الثالث :
هل خرج الناس ضد الإخوان بسبب البنزين والكهرباء ؟

هناك من يقول أن الدولة العميقة ليست بهذا الغباء حتى تذهب إلى الناس فى بيوتهم توزع عليهم الأموال للخروج للتظاهر ، أو تنتظرهم في الشوارع لتعطى كل واحد منهم " المعلوم " !
فربما وجدت بعضهم - كعادة أغلب المصريين - يفاصل فى المبلغ المطلوب مع رجل الدولة العميقة ويحرجه ويكشفه ..
ولكن ما فعلته تلك الدولة العميقة فعلا هو حبس البنزين عن الناس ، وقطع الكهرباء عن المنازل ، وكانت النتيجة أن خرج الناس - ولم يكن أمامهم بديل آخر - طلبا لتنحى الحاكم ، حتى يرجع البنزين وتعود الكهرباء ؟!!

والجواب : أن رئيس الدولة وكل وزراءه كانوا من الإخوان ، وكذلك كان المحافظون ونوابهم ، فما هى الآلية التى استطاعت بها الدولة العميقة أن تحبس البنزين وتقطع الكهرباء عن كل عموم مصر دون أن يعرف الإخوان وهم من كانوا يسيطرون على الوزارات وعلي المحافظات ؛ ورجالهم وانصارهم في كل مكان ..

كيف لم يقبض الإخوان على واحد من هؤلاء ؟
ألم يكن وزير البترول ووكلاء الوزارة من الإخوان في سنة حكمهم ، فلماذا لم يستطع - وكل قطاع البترول وشركاته ومحطات البنزين فى كل أنحاء مصر تحت سلطته - أن يقيل من يشك في ولاءه ، ولماذا لم يفعل وزير الكهرباء نفس الشئ ؟!
وهل رجال الدولة العميقة هؤلاء رجال خارقين للعادة ؟ مجموعات من الاشباح لا يستطيع أن يراهم أحد ؟!
هل هم كسيدنا الخضر ، لا يرى الناس شكله ولكن يرون أفعاله !!
ولماذا لا يقبض على واحد منهم ويقدم للمحاكمة ؟!
إن مرسى استطاع بعد شهرين فقط من الرئاسة إقالة وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش ورئيس المخابرات بجرة قلم ، فكيف لم يستطع إمساك واحد من رجالهم ؟!

ثم - وهو الأهم - منذ متى تقول الثورات والتغيرات الكبري في حياة الامم بسبب عدم توفر البنزين او انقطاع الكهرباء ؟

أن المصريين ثاروا عام ١٩١٩ لأخراج الانجليز من مصر وليس بسبب الفقر ، مع أن أغلبية الشعب كانوا من المعدمين ( لم يكن هناك بنزين وقتها ، فقد كانت الدواب هى وسيلة المواصلات الوحيدة ، ولم تكن الكهرباء قد دخلت بيوت ٩٩% من المصريين ) ..
إن نزول الشعوب إلي الشوارع يكون نهاية طريق طويل ، وهى ترى الأمور على غير ما يرام ، وتخرج طالبة التغيير السياسي الحقيقي ، وقصاري ما يفعله انقطاع الكهرباء والبنزين هو تذمر المئات هنا وهناك وينتهى الأمر ، وتكون شعاراتهم مطلبية وليست سياسية ..

السؤال الرابع :
هل ٢٥ يناير ثورة بينما ٣٠ يونيو انقلاب ؟!

إن ما حدث يوم ٢٥ يناير ٢٠١١ هو نفسه ما حدث يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ..
جماهير الشعب خرجت فى الحالتين تطالب بإسقاط الحاكم ، واستجاب الجيش فى الحالتين وأبعد الحاكم عن منصبه ، وأعطى الشعب بداية جديدة ، بل كان الأمر أوضح فى ٣٠ يونيو ، فقد إنتهت ٢٥ يناير ووزير الدفاع ومعه المجلس " العسكري " هو من يحكم مصر ، ولكن ما حدث فى ٣٠ يونيو أن الجيش أزاح الحاكم وأعطى الحكم كاملا لسلطة مدنية ، كان رئيس الدولة الجديد رئيسا لهيئة قضائية مرموقة ( المحكمة الدستورية العليا ) ، ورئيس الحكومة رجل اقتصاد مرموق ورئيس حزب سياسي مهم ( هو الدكتور حازم الببلاوى ) ومعه مجموعة من اقطاب العمل السياسي في مصر ( محمد البرادعي وزياد بهاء الدين وحسام عيسي وجودة عبد الخالق وكمال أبو عيطة وغيرهم ) وكلهم مدنيون ومشهورون فى مجالاتهم ، ومع ذلك يسمى الإخوان ٢٥ ثورة بينما تسمى ٣٠ يونيو انقلاب ؟!!

إن الفرق الوحيد بين ٢٥ يناير و ٣٠ يونيو هو مشاركة الإخوان في الاولي وعدم مشاركتهم في الثانية ( لأنها كانت ضدهم ) ، ومعنى ذلك ببساطة أن تعريف الثورة يصبح كالآتى :
الثورة هى - فقط - التى يشارك فيها الإخوان ، فإذا شاركوا فيها فهى إذن ثورة وإذا لم يشاركوا فيها فهى - على طول - انقلاب !!!

وهو تعريف جديد فى علم الثورات لا أعرف هل دخل فى مناهج العلوم السياسية ام لا ، وهى مفاهيم جديدة في علم السياسة لابد أن تلتفت إليها جامعات العالم المرموقة ، حتى لا تفوتها تلك الاضافات العظيمة التى أضافها الإخوان وأنصارهم إلى العلم !!!

السؤال الخامس :
ألم تكونوا قادرين علي الإنتظار ٣ سنوات حتى ينتهى حكم مرسى ؟!

إن الناس لم تنتظر على مبارك ٨ شهور فقط عام ٢٠١١ ( كانت فترته ستنتهى فى سبتمبر ٢٠١١ ) وطلبت ذهابه فورا ، ولم تتقبل منه أى أعذار أو وعود ، فلماذا تستكثرون على مرسي ( أمامه ٣ سنوات ) ما طلبه من مبارك ( ولم يكن أمامه سوى ٨ شهور ) ؟
هل لأن مبارك كانت وراءه ٣٠ سنة بينما مرسي لم يكن وراءه سوى سنة واحدة ؟!
يسأل فى ذلك الشعب الذي تحمل ٣٠ سنة لمبارك بينما لم يستطع تحمل الإخوان سوى سنة واحدة ..

هل لأن مرسى كان منتخبا بالصندوق ؟
ولكن ألم يكن مبارك منتخبا بالصندوق هو أيضا ، إن إنتخابات الرئاسة عام ٢٠٠٥ شارك فيها أمام مبارك نجم المعارضة الأول وقتها أيمن نور ( مدعوما من الامريكان ) ورئيس أكبر حزب معارض فى مصر نعمان جمعة رئيس حزب الوفد ..

هل كانت الانتخابات وقتها مزورة ؟
ربما ( أو أكيد ) ولكن هل كان يحتاج مبارك إلى ذلك فعلا ؟ بمعنى أن التزوير بالطبع وارد ولكن هل لو لم يتم التزوير كان الفوز من نصيب أيمن نور أو نعمان جمعة ؟!
وإذا كان مبارك قد قام بذلك عام ٢٠٠٥ فما القول فى قرائن التزوير فى انتخابات عام ٢٠١٢ بين مرسى وشفيق ، إن عشرات ألالاف من بطاقات التصويت المزورة والتى خرجت من بعض عمال المطابع الأميرية الذين غلبوا ولائهم التنظيمى والسياسى على واجبهم الوظيفي وجدت بصورة غير مفهومة في صندوق الانتخابات تعطى صوتها لمرسى ، وقد تكلمت عن ذلك لجنة الانتخابات بلا لبس ، وما حدث من منع المسيحيين من التصويت في بعض المدن وفى قرى بأكملها بعد اخافتهم ، وخاصة فى محافظة المنيا !!
ألا يعد كل ذلك تزويرا ؟!

السؤال السادس :
لماذا خرج الناس إذن ضد الإخوان فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ، وما هى الإسباب الحقيقية لنزولهم ؟

الحقيقة دائما بسيطة ، ولهذا يتوه عنها كثيرون ممن يدعون العمق ..
خرج الناس ضد الإخوان لاسترداد بلادهم ..
لقد فهم الشعب - أو أغلبه - أن مصر كدولة وكهوية مهددة فى ذاتها بواسطة هؤلاء ، لقد كشفت سنة حكم الإخوان بما لا يدع مجالا للشك أنهم من طبيعة مختلفة عن طبيعة المصريين شعورا وروحا ..
إن تربية الإخوان فى تنظيم تعلى من قيمة جماعتهم على كل شئ ، وتجعل الولاء لها مقدم الولاء للدولة ، وهو ما جعل لهم شعورا مختلفا عن سائر المصريين ..

وأنظر ماذا يحب الإخوانى من الفنون ( اذا احب شيئا منها ) وانظر ماذا يحب المصري العادى ..
أنظر ماذا يقرأ الاخوانى ولمن ، وماذا يقرأ المصري العادى ولمن ..
أنظر نظرة الاخوانى إلى تاريخ مصر الحديث والقديم وأنظر نظرة المصري العادى لنفس التاريخ ..
أنظر ولاء الاخوانى يكون لأى دولة وأنظر ولاء المصرى العادى لمن ..

لم يكن شعور المصريين فى سنة حكمهم أن تلك هى بلادهم ، لقد تغير شئ ما فى مصر أعمق ألف مرة من مجرد تغيير سياسي عابر ، لقد كان احساس الناس أن شيئا ما فى روح مصر وهويتها وتركيبتها يتغير أمام أعينهم ، وظهر أمام الناس كلام غريب وأفكار غريبة وشخصيات أغرب ..

لم يكن الأمر أن بعض الناس جاءوا إلى الحكم وسيذهبون غدا إلى حال سبيلهم ، كما جاء غيرهم وذهبوا ، كان الأمر أكبر وأخطر ، كان تنظيما غامضا ، جاء فى لحظة داخلية ملتبسة ، وفى مناخ عالمى له مطالب خطرة من مصر ومن العرب ، وفى جعبته مشروعات جديدة وخطط جديدة بل وخرائط جديدة ..

كان تنظيما يستخدم الدين فى غير محله ، وله بالخارج صلات غامضة ، مع دول ومع تنظيمات ، ولا أحد يعرف بالضبط نهاية ما يريده بمصر ..

وهنا كان خوف الناس على مصر ذاتها قبل أى شئ ، ورأى الناس العاديين - حزب الكنبة كما يسمى - أن صوتهم هذه المرة لابد أن يكون حاضرا ومسموعا ..
وهنا كان الشلال الهادر الذي ملأ مصر كلها فى مثل هذا اليوم من تسع سنوات ، وهو نفس الاحساس الذي جعلهم يتحملون ظروفا قاسية بعد ذهاب الإخوان ، فقد فهموا حقيقة ما كان مطروحا علي مصر من خيارات ، وحقيقة ما كان ينتظرها مع هؤلاء لو استمروا فى الحكم ، وحقيقة ما كان ينتظرها منهم لو عادوا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على