الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة الصادرات بالتنمية الاقتصادية

محمد رضا عباس

2022 / 7 / 2
الادارة و الاقتصاد


موضوع تحدث عنه جملة من الاقتصاديين العالميين والمحليين ولكن ما زال الاتفاق عليه بعيد المنال . هناك دول نجحت بالانتقال من مرحلة الفقر و الوجع الاقتصادي الى دول بمصاف الدول المتقدمة بفضل قطاع الصادرات , فيما بقيت دول أخرى تترنح وتعاني من الفقر والاعتماد على المعونات العالمية. قطاع الصادرات نقل كوريا الجنوبية , الصين , سنغافورا الى دول متقدمة اقتصاديا , فيما بقيت دول افريقيا وامريكا اللاتينية تعاني من الفقر . الدول النفطية , وان مرت بسنوات من الفائض المالي , الا انها لحد الان لم تستطع بناء نموذج اقتصادي يكفيها من الاعتماد على الصادرات النفطية , حيث ان انهيار سوق النفط خلال جائحة كورونا 2019 كشف عورات هذه الدول والتي اضطر بعضها بالاقتراض وأخرى بتأجيل انجاز مشاريع اقتصادية بسبب نقص الإيرادات المالية من التصدير.
على العموم , يفترض انصار " الصادرات محرك التنمية الاقتصادية " ,ان الصادرات تساعد الدول على الاستيراد ما يحتاجونه من سلع وخدمات , خاصة السلع الرأسمالية والتي قد لا يكون باستطاعتها انتاجها . الصادرات تفرض على الدول المصدرة على التركيز على انتاج البضائع التي لها فائدة مقارنة و زيادة الإنتاجية , و تقليص كلفة الإنتاج لمجابهة المنافسين له.
يلاحظ , القائلين بنظرية "المحرك" لا يفرقون بين أنواع السلع المصدرة , مواد خام , منتجات زراعية , او سلع مصنعة , وهذا ما اعتقد أساس الخلاف بين الاقتصاديين المهتمين بالتنمية الاقتصادية . لقد اثبتت الوقائع والمعلومات الإحصائية , ان الدول التي يعتمد صادراتها على المنتوجات الزراعية عانت ومازالت تعاني من التذبذبات في نسب التنمية بين سالب وموجب, حسب الموسم الزراعي . اما الدول المصدرة للمواد الخام مثل الحديد و القصدير و النحاس فقد استطاعت تقليص التذبذبات في اقتصادياتها وذلك عن طريق التعاون مع بقية المنتجين والسيطرة على الأسعار وكمية الإنتاج . ومع هذا فان هذه الدول ما زالت تعاني من الاعتماد على الأسواق الخارجية وعدم استطاعتها من ربط قطاع التصدير بالاقتصاد الوطني . بكلام اخر بقى قطاع التصدير مستعمرة داخل اوطانها , وظيفتها بيع مواد الخام وتزويد حكوماتها بالمال المتأتي من التصدير.
اما في الدول النفطية , فعلى الرغم من ان هذه الدول مرت ببحبوحة مالية ضخمة ولفترة زمنية طويلة , الا انها فشلت في استخدام مواردها النفطية في تعجيل التنمية الاقتصادية وتقليص الاعتماد على بيع النفط . انتاج النفط ما زال الأكبر في الإنتاج الوطني في هذه الدول , والقطاع الأكبر في التصدير, والمورد الأكبر لميزانيات الدول . هذه الدول مع اخواتها من الدول المصدرة للمواد الأولية الخام فشلوا من تطوير ما لديهم من مواد خام الى تصنيعها , وبذلك تزداد أرباحها , وتزداد فرص العمل فيها, ويزداد الدخل لمواطنيها , والاهم من ذلك زيادة المعرفة وانتشارها بين المواطنين.
قطاع صادرات السلع المصنعة المربح ( صناعة الحديد, البتروكيماويات, الالمنيوم ) يؤدي الى زيادة في الاستثمارات المحلية والأجنبية فيه , وذلك من خلال مراحل الإنتاج . كما وان توفر مواد الخام بشكل كبير يشجع الشركات الأجنبية بالاستثمار الكثيف , خاصة اذا كانت هناك قوانين تشجع على ذلك وان الظروف السياسية والأمنية مستقرة. اضافة الى ذلك , فان وجود كميات كبيرة من المواد الخام يزيد من تدفق التكنلوجيا الحديثة الى البلد , وبذلك يزداد الإنتاج وتقل تكاليفه ويصبح الإنتاج منافسا قويا في الأسواق. و لا ننسى ان قطاع الصادرات يؤدي الى زيادة المصاريف الاستهلاكية , حيث ان الصادرات تسمح للدول باستيراد البضائع الأجنبية وتقديمها الى المشترين , وهذا ما يلاحظه المتبضع في الدول المصدرة للنفط , حيث ان الأسواق مكتظة بالتجهيزات المنزلية و الوظيفية مثل الأجهزة الكهربائية على اختلاف أنواعها وعلى الأثاث المنزلي و الاجهزة الالكترونية .
وهنا لابد من الإشارة الى شيء اخر تجاهلته معظم دراسات التنمية الاقتصادية , وهو الاستفراد بالسلطة وخاصة في الدول النفطية , وهو على عكس الدول المصدرة للسلع المصنعة . في الدول المصنعة للسلع يبقى المواطن من يقرر قيادة البلاد , فيما ان المواطن في الدول النفطية ليس له الخيار , القيادة تفرض عليه فرضا , اما بصفة ملك, رئيس بانقلاب عسكري, او رئيس منتخب بانتخابات غير منصفه . بكلام اخر في الدول المصدرة للسلع المصنعة هناك تقارب بين الحاكم والمحكوم , فيما ان هذه العلاقة غير متوفرة في الدول المصدرة للنفط. قيادة المجموعة الأولى تحتاج المواطن وتعمل بكل طاقتها لا رضاءه وكسب عطفه, فيما ان المجموعة الثانية تحاول بكل جهدها الابتعاد عن المواطن لأنها لا تحتاجه, الموارد النفطية كافية لتسيير امورها , واكثر من ذلك شراء ذمم من ليس له ذمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 26-4-2024 بالصاغة


.. أمين عام -الناتو- يتهم الصين بـ”دعم اقتصاد الحرب الروسي”




.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو


.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج




.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة