الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جهات غير رسمية تبحث عني.. لماذا؟

كمال جبار

2022 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


جهات غير رسمية تبحث عني...لماذا؟

قبل ثلاثة أسابيع علمت من بعض الوطنيين في الاجهزة الأمنية ومن قبل بعض الناشطين الثقاة الذين تم أعتقالهم من قبل قوة مسلحة غير رسمية وكالعادة بدون أوامر قضائية وبتهم مزيفة, بأني مطلوب لهذه القوات بتهمة ناشط سياسي.

جميع الأهل والأصدقاء الذين جربوا غدر وقساوة الاجهزة الأمنية لنظام صدام وأغلب شباب تشرين الذين جربوا غدر وقساوة هذه الجهات غير الرسمية, نصحوني بالإختفاء لضمان سلامتي من أذى وغدرهذه القوات الخارجة عن سلطة وسياقات وأخلاقيات مؤسسات أي دولة وطنية سليمة رغم إدعائاتها الزائفة بأنها قوات رسمية تابعة للدولة العراقية وتأتمر بأمرها.

في الوقت الذي أشكر فيه جميع الأحبة من الأهل و الأصدقاء و شباب تشرين الأبطال على نصحهم لي بالإختفاء, أقول أن الإختفاء ليس الحل و بشكل خاص في هذه الاوقات العصيبة جداً التي يحتاج فيها العراق نزول جميع أبنائه الشرفاء المخلصين الى ميادين العمل السياسي والتنظيمي والاحتجاجي لإيقاف نزيف ومعاناة العراقيين ولإنقاذه من سطوة وجشع وقباحة الاحزاب الحاكمة وغدر ميليشياتها وسلاحها المنفلت الخارج عن سلطة القانون. كثوار أحرار واعين لمسؤلياتنا تجاه شعبنا و كناشطين تشرينيين منظمين, إختفائنا مكسب لقوى الشر والفساد وتنصل عن وعودنا التي قطعناها لشهداء تشرين والعراق بأننا سنكمل مسيرنا في "طريق الحق الموحش لقلة سالكيه".

من هذا المنطلق, أكتب التالي للقوات الغير رسمية التي تبحث عني:

- أنا عراقي حَلم وعَمل كل حياته من أجل عراق أجمل و حياة حرة كريمة لكل العراقيين. رغم كل الظروف القاهرة التي عشتها, لم و لن أتوقف عن العمل من أجل تحقيق هذا الحلم الجميل, حِلم والدي و حِلم كل شهداء وشرفاء العراق.

- كعائلة, قارعنا دكتاتورية وغدر نظام صدام, أستشهد والدنا تحت التعذيب في قصر النهاية السيء الصيت, صودرت أملاكنا, جميعنا (والدتي واخوتي وزوجتي وأنا) عشنا حياة الضنك والمطاردة والإعتقال والتعذيب والإختفاء والنضال في الأهوار ومدن الجنوب والفرات الأوسط وسهول وجبال كردستان.

- مضمخين بالجراح, في أواخر 1991, مكرهين غادرنا العراق الى الجارة ايران ومنها الى شتات الغربة. في 2004 عدت للعراق لكي أساهم مع الخيرين من العراقيين بأي جهد لبناء عراق مدني ديمقراطي حر يحترم ويقدس الإنسان. للأسف الشديد, تعمد أوغباء السياسات الأمريكية أوصلت الى السلطة أحزاب الفساد والطائفية والمحاصصة والجهل والخراب (ومنهم أنتم و مسؤوليكم) ومنعت الشرفاء والمخلصين من بناء العراق وخدمة العراقيين. شخصياً, منذ 2010 فقدت الثقة بحكام العراق الجدد ولم أعد أنتظر أي خير منهم ومن مجمل العملية السياسية التي أوصلتهم لسدة الحكم.

- مثلما قارعت ظلم ولاعدالة نظام صدام منذ السبعينات, في شباط 2011 ساهمت بتأسيس حركة "كفى" وبدأت المشاركة الفاعلة في تنظيم المسيرات والإحتجاجات ضد ظلم ولاعدالة الأحزاب والحكومات والبرلمانات الحاكمة, وكان لي شرف المساهمة الفاعلة في الإنتفاضة الشبابية السلمية في تشرين 2019, هذه الإنتفاضة المجيدة التي سنحولها عاجلاً أم أجلاً, شاءت الاحزاب الحاكمة أم أبت, الى ثورة سلمية شعبية عارمة تعيد للعراق ألقه وتحقق الأمن والسلام والعيش الكريم لجميع العراقيين بما فيهم عوائلكم وأبنائكم وأحفادكم.

- بدلاً عن التحقيق مع الناشطين التشرينيين عن عنوان سكني, اليكم عنواني: رغم ملاحقتي من قبل الأجهزة الأمنية لنظام صدام, حينها أواني وأطعمني وحماني بعض الاخوان البعثيين الشرفاء. واليوم, بفخر أقول أني أسكن في قلوب ومنازل الكثير من العراقيين الشرفاء ومنهم منتسبين سابقين وحاليين في "قواتكم الغير رسمية", ممكن جداً أنهم من عوائلكم وأقربائكم المخلصين للعراق وأبنائه البررة وأنا منهم. كل هؤلاء الاخوة وعوائلهم الكريمة الطيبة من زمن النظام السابق أو الحالي, يعرفون حقاً المواقف الوطنية لي ولعائلتي وشهدوا على تضحياتنا الكبيرة من أجل خير العراق والعراقيين. عليه, ان كنتم صادقين في إدعائاتكم بحب العراق والعراقيين أدعوكم الى مراجعة ملفات الأمن العامة وأجهزة مخابرات نظام صدام لتتعرفوا على حقيقة تاريخي النضالي المشرف منذ السبعينات وليومنا هذا من أجل عراق أجمل لكل العراقيين وأنتم منهم.

- بإختصار, بعد ما ذكرته أعلاه إذ بقيتم مصرين على ضياع جهودكم في ملاحقتي, فإعلموا أنتم الخاسرون مثلما خسرت الاجهزة الامنية لنظام صدام في ملاحقة عراقيين وطنيين غيارى وأنا منهم, وسيلعنكم التاريخ مثلما لعن رجال أمن نظام صدام. والدي الحبيب وكأنه يعلم بأنه سيعتقل ترك لي رسالة داخل علبة الحلاقة الخاصة به, كتب فيها: (نقل عن أحد الحكماء "البحر يعلو فوقه جيف وفي أقصى قاعه تستقر الدرر". يا ولدي تنطبق هذه المقولة على العراق, فهو مليء بالدرر, لكن لإيجادها يتوجب عليك العناء والغوص عميقاً الى قاع البحر. إن لم تختار وتتحمل مشقة الوصول للدرر والعمل معهم لبناء العراق, ستعيش مكرهاً ومهموماً مع الجيف التي تطفوا على السطح). بفخر أقول لكم, بأني رغم كل الصعاب التي عشتها نفذت وصية والدي ووصلت الى درر العراق وعملت معهم ولا أزال من أجل خير وخدمة شعبي وعراقي الغالي علينا جميعاً.

- أخيراً, إذ كنتم صادقين على أمن وسلامة وخدمة العراق والعراقيين, إذاً نحن في خندق واحد, ويتوجب عليكم حمايتي و حماية شباب تشرين الابطال بدلاً من ملاحقتنا وإعتقالنا. الأيام كفيلة بيننا, والحياة مواقف, و"كل نفس بما كسبت رهينة". وإذ لم تصدقوا, فإعلموا بأني لن أختفي, وسأبقى مع كل العراقيين الخيرين وفي مقدمتهم شباب تشرين الغيارى أواصل العمل بكل ما أستطيع من أجل عراق جميل خالي من أحزاب الفساد والمحاصصة والطائفية والاسلام السياسي والجهل و التخلف. جميعاً سنواصل العمل وحناجرنا تصدح "ستعجزون ولن نعجز, سترحلون ولن نرحل" , ولسان حالنا يقول:

هنا على صدوركم باقون كالجدار
وفي حلوقكم كقطعة الزجاج, كالصبار
وفي عيونكم زوبعة من نار
نجوع, نعرى, نتحدى, ننشد الأشعار
نملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات
و نملأ السجون كبرياء
و نصنع الأطفال جيلاً ثائراً وراء جيل
كأننا عشرون مستحيل
إنا هنا باقون
فلتشربوا البحر
نحرس ظل التين والزيتون
و نزرع الأفكار كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنم حمراء
إذا عطشنا نعصر الصخر
و نأكل التراب إن جعنا, و لا نرحل
و بالدم الزكي لا نبخل, لا نبخل, لا نبخل
هنا لنا ماض و حاضر و مستقبل
(توفيق زياد)

ختاماً, أوجه سؤالي إلى:
السادة رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس المحكمة الإتحادية,
1- إستمرارعجزكم عن حماية العراقيين الوطنيين الشرفاء وفي مقدمتهم شباب تشرين الشجعان من مضايقات وملاحقات وإعتقالات وإغتيالات الأجهزة الأمنية الغير رسمية كهذه القوة التي تسأل وتبحث عني, هو مثلبة وضعف وفشل يجب أن يتوقف فوراً وتبدأ أجهزة الدولة الرسمية بالعمل المهني الحقيقي لتوفير الحماية الكاملة لجميع العراقيين.

2- أقرؤوا كتب التاريخ لتتأكدوا أن سلوك سياسة مطاردة وترهيب وتغييب وإغتيال أصحاب الرأي كانت بداية السقوط لكل الأنظمة.
3- أحملكم أنتم لا غيركم المسؤولية في حال تغييبي من قبل الميليشيات الخارجة عن سلطة الدولة مثلما فعلوا مع الكثيرين من الوطنيين قبلي. ولكي يعلم عراقيي الداخل والخارج وطلاب الحرية والسلام والديمقراطية في العالم ما يتعرض له أقرانهم الناشطين في العراق من مضايقات وتهديدات وأذى مباشر, سأنشر رسالتي هذه على مواقع التواصل الإجتماعي وأوصلها لمفوضية حقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة في العراق.

بغداد
في 30حزيران 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة يدعو الدول العربية لاتخاذ موقف كالجامعات الأمريك


.. 3 مراحل خلال 10 سنوات.. خطة نتنياهو لما بعد حرب غزة




.. جامعة كاليفورنيا: بدء تطبيق إجراءات عقابية ضد مرتكبي أعمال ا


.. حملة بايدن تنتهج استراتيجية جديدة وتقلل من ظهوره العلني




.. إسرائيل تعلن مقتل أحد قادة لواء رفح بحركة الجهاد