الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اجتماع اللجنة العليا

حامد تركي هيكل

2022 / 7 / 4
الادب والفن


وردتْهُ رسالةٌ نصيّةٌ على هاتفه النقّال من رئيسه قلبتْ كيانه رأساً على عقب. لا يدري ما الذي عليه فعله. نزلتْ على رأسه كالصاعقة. يا ويلي! صاح. ثم ضحك، وانهمرت الدموع من عينيه، ثم بكى! الذين رأوه تلك الساعة ظنّوا أنه قد جُنَّ.
احضر غداً لاجتماع اللجنة العليا في المقرّ الساعة التاسعة صباحاً
يا ويلي! قال. وكاد ينهارُ من الصدمة! اللجنة العليا مرّةً واحدة! يا ويلي! صرخ. سيلتقي بهم وجهاً لوجه! سيستمع اليهم وهم يتحدَّثون! وسيستمعون اليه! يا ويلي! ولطم رأسه. وأحسَّ بحلقه يجفّ، وبركبتيه ترتجفان، وبمغصٍ مؤلمٍ في بطنه يقطّع أمعاءه ويطرحه أرضاً. ماذا سألبس؟! ماذا سأقول؟! كيف أتصرَّف؟! إنهم مهمّون! يا ويلي!
لم ينمْ ليلته تلك، ولم يهدأ. كانت ليلةً جنوبيّةً صيفيّةً حارّة ورطبة. ولكنّه تدبّر أمرَه على أيّةِ حال وذهب الى الاجتماع مختنقاً بربطةِ عنقٍ لم يعتدْ ارتداءها، وحذاءٍ جديدٍ يعضُّ على أصابع قدميه بلا رحمة، وبدلةٍ رسميّة راحتْ تراكمُ الحرارةَ على قلبه.
حين وصل المقرَّ، واقتاده أحدُ العاملين الى قاعة الاجتماع، وأجلسه الى مائدة مستطيلة طويلة تحيط بها كراسي فخمة ويتوسطها حوضُ زهور بلاستيكية ملوّنة، كان على وشك أن يموت هلعاً. اللجنة العليا كلُّها هنا! يا ويلي! قال في نفسه. وسرت في جسده رعدةٌ لم يعهدها من قبل. أحسَّ وقتها أنه في مركز الكون، وأن كل قوى الجذب والضغط الموجودة في الكوكب قد سُلِّطت عليه، تكادُ تسحقه. جال بنظره في الوجوه، وحاول أن يفهم. لكنّه سرعان ما بدأ يبرد، رويداً رويداً، وراح ريقه يعود رطباً، وقلبه المضطرب يعود لطبيعته، وعرق جسمه يجفّ، واختفت الطبول الصاخبة التي كانت تقرع في رأسه. واستعاد توازنه. أرخى ربطة عنقه، ومدَّ يديه وفكَّ خيوط حذائه. ثم راح يكابد لحبس انفجار ضحكته! فقد تأكَّد أن الجالسين معه (أعضاء اللجنة العليا) ما هم الا جذوع أشجار قديمة ميتة نتنة متجهمة القسمات! وُضِعت هناك!ِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صراحة مطلقة في أجوبة أحمد الخفاجي عن المغنيات والممثلات العر


.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24




.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع


.. عوام في بحر الكلام - د. أحمد رامي حفيد الشاعر أحمد راي يتحدث




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يوضح محطة أم كلثوم وأح