الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المجتمع المصري والثقافة الغربية للدكتورمحمد رجب تمام
عطا درغام
2022 / 7 / 5قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
شهدت مصر مع مطلع القرن التاسع عشر تحولًا وتغيرًا في الحياتين الثقافية والاجتماعية، عندما شرع محمدعلي في تغريب مصر وتغيير ثقافتها الشرقية، والأخذ بمظاهر الحضارة الغربية؛ فمع توافد الغربيين علي مصر بدأ المصريون يشاهدون ويحتكون ويقلدون كل ما يرونه ،ويتخلون عن عاداتهم وتقاليدهم القديمة؛ لينهلوا من هذا الجديد بشغف.
وقد شجعت ظروف مصر السياسية منذ القرن التاسع عشر المصريين علي قبول المؤثرات الثقافية الغربية وتشَّربها حتي صارت ثقافة المجتمع ، ثم ظهرت هذه المؤثرات بوضوح مع مطلع القرن العشرين.
وتبدأ الدراسة إلي عام 1798 ، وهو تاريخ الغزو الفرنسي لمصر؛ فقد كان مجيء الحملة الفرنسية كانت بمثابة الصدمة الأولي التي أطلعت المجتمع المصري علي أنماط جديدة من الثقافة الغربية،واتضح – مع مرور الوقت- التغير الثقافي الذي بدأ حقيقة خلال حكم محمد علي والخديو إسماعيل،والذين استعانوا بالغرب في تحديث المجتمع في المجالات كافة، ثم فترة الاحتلال البريطاني لمصر، الذي فتح الباب علي مصراعيه أمام الأجانب وشرغ في نجلزة المؤسسات المصرية ،وتضاعفت خلال تلك الفترة أعداد الجاليات الأجنبية في مصر،وكانت في احتكاك يومي مع المصريين تؤثر فيهم وتتأثر بهم.
ولذا تتبعت الدراسة رحلة المؤثر الثقافي الغربي منذ نشأته وخلال تطوره حتي تمام تغلغله في المجتمع المصري، وانتهت إلي عام 1952 وهو العام الذي قامت فيه ثورة يوليو التي أحدثت تغيرًا سياسيًا واجتماعيًا واضحًا ، وبدأ الأجانب بعدها في مغادرة مصر ؛ أي أنها كانت بداية واضحة لمرحلة تاريخية جديدة.
وفي هذه الدراسة عن المجتمع المصري والثقافة الغربية 1798 – 1942، تناول الباحث المؤثرات الثقافية الغربية في سلوكيات المجتمع المصري وعاداته، وفي الأدب والفنون واللغة والتعليم، ولم تقتصر في دراسة المؤثرات الثقافية علي الجاليات الأجنبية المُقيمة في مصر ، بل توسعت لتتناول أثر الغرب عامة سواء انتقل هذا الأثر بصورة مباشرة أم غير مباشرة، وكانت الدراسات السابقة تركز علي وضع الأجانب في مصر ونشاطهم الاقتصادي دون أن توضح الأثر الثقافي لهذه الجاليات في المجتمع المصري.
واستخدم الكاتب في معالجة الدراسة مناهج عدة ؛ منها المنهج التاريخي والمنهج التحليلي الوصفي والمنهج المقارن في توضيح صورة المجتمع المصري قبل التعرض للمؤثرات الغربية وأثناء تعرضه للمؤثرات حسب المقتضيات المنهجية فيي تناول كل فصل.
وتتكون الدراسة من تمهيد وخمسة فصول وخاتمة، وكان التمهيد ضرورةً منهجية؛ وأوضح فيه الباحث المقصود بالثقافة والمقصود بالغرب والمقصود بالمجتمع المصري وكيفية انتقال المؤثرات الثقافية الغربية إلي المجتمع المصري.
والفصل الأول: عنوانه : المجتمع المصري في مواجهة المؤثرات الثقافية الغربية هو تناول هذا الفصل الحملة الفرنسية ، ودورها في نقل المؤثرات الغربية إلي مصر، ودور محمد علي والخديو إسماعيل في تحديث مصر علي غرار النموذج الغربي والاحتلال البريطاني وانفتاح المجتمع المصري علي الغرب .
وتناول الفصل الظواهر المادية للثقافة الغربية في المجتمع المصري، مثل تزويد مصر بالمياه والكهرباء وإقامة الميادين والحدائق العامة والبريد والتلغراف والنوادي والأزياء الغربية وأدوات الزينة وأدوات المائدة والأطعمة والمشروبات الغربية ،ثم المؤثرات السلبية الغربية في المجتمع المصري، مثل التبشير والبغاء والخمور والمخدرات والقمار والربا والزواج من الأجنبيات ، ثم الدعوات والأفكار الغربية في المجتمع المصري، مثل الدعوة إلي تحرير المرأة المصرية، والدعوة إلي فصل الدين عن الدولة والدعوة إلي العامية ، ثم يتناول الفصل المؤثرات الاقتصادية الغربية، وأثرها في تحديث المجتمع المصري.
والفصل الثاني: عنوانه: المؤثرات الثقافية الغربية في مجالي الأدب والفنون، وتناول الفصل المؤثرات الثقافية الغربية في الأدب، واستعرض الفصل المؤثرات في الشعر والنثر(الرواية والقصة والمقال) ، والصحافة ودورها في نقل المؤثرات الثقافية الغربية في مجال الأدب، وحركة الترجمة عن الغرب ودورها في ازدهار الحركة الأدبية في مصر.
أما عن المؤثرات الغربية في مجال الفنون ، فتناول الفصل تاريخ مجموعة من الفنون التي نشأت- أو تطورت- نتيجة الاحتكاك بالغرب،مثل المسرح والسينما والإذاعة وفن التصوير والفنون التشكيلية،وفن العمارة والموسيقي والمعارض الفنية.
والفصل الثالث: عنوانه: المؤثرات اللغوية في المجتمع المصري، واستعرض الفصل كيف تأثرت اللغة العربية باللغات الغربية؛ فنتيجة التعامل مع الحضارة الغربية،وعدم وجود أسماء للأشياء التي أفرزتها الحضارة الغربية ، بدا الاتجاه إلي تعريب هذه الكلمات الغربية وإدخالها إلي اللغة العربية بلفظها الغربي، لكن بحروف عربية.
ورصد الفصل عددًا كبيرًا من المفردات الفرنسية والإيطالية والإنجليزية، وإن كانت الصعوبة التي لم يستطع الباحث تجاوزها- علي حد قوله- هي عدم وجود معجم تاريخي للعصر الحديث يوضح : متي دخلت هذه الكلمات إلي اللغة العربية؟ ولذا اكتفي بأن برجع كل كلمة إلي اللغة التي جاءت منها ، وكتابتها بحروفها الأصلية،مُستعينًا فيها بعدد ضخم من المعاجم والموسوعات والقواميس.
والفصل الرابع: عنوانه: المؤثرات الثقافية الغربية في مجال التعليم، وتناول الفصل صورة التعليم الأولي في مصر، المتمثل في الكتاتيب وبداية دخول المدارس الغربية إلي مصر، في مطلع القرن التاسع عشر،والدور الثقافي الفرنسي في مصر في مجال التعليم وسياسة بريطانيا تجاه التعليم في أثناء احتلالها لمصر،والتنافس الثقافي الأنجلو فرنسي،ودور الغرب في ذيوع تعليم البنات وافتتاح الجامعة المصرية، وعُرضت نماذج من المؤثرات الغربية في مجال التعليم مثل المؤثرات الإيطالية والفرنسية والإنجليزية، وكيفية أثر دخول التعليم الغربي في المجتمع المصري.
والفصل الخامس:عنوانه: المؤثرات الثقافية الغربية في الفكر السياسي في المجتمع المصري، وتناول الفصل دور الغرب في ظهور فكرة الوطنية الاشتراكية والماركسية والشيوعية والفاشية والنازية والفابية والليبرالية والديمقراطية والماسونية، ثم المؤثرات الغربية في القانون والقضاء المصريين، وكيف اعتمدنا علي القوانين الغربية وتركنا الشريعة الإسلامية.
ثم عرض الفصل المؤثرات الغربية في الحياة النيابية المصرية، ، وكيف عرفت مصر دواوين السلطة والمجالس النيابية المصرية والدستور والأحزاب السياسية عن الغرب، وخُتمت الدراسة بعرض لأهم ما توصلت إليه الدراسة من نتائج.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. اجتماع العقبة ..أي أهمية للأردن والمحيط الإقليمي لسوريا؟
.. طائرة شحن روسية تغادر قاعدة حميميم في سوريا إلى ليبيا
.. هل ينتقل سيناريو سوريا إلى العراق؟ | #ملف_اليوم
.. صور حصرية توضح اعتراض شاحنات المساعدات عند نقطة تفتيش جديدة
.. استئناف العمل بميناء اللاذقية التجاري