الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع الاستاذ سعدي احمد عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني

توفيق التونجي

2022 / 7 / 6
مقابلات و حوارات


لقاء مع عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني الاستاذ سعدي احمد پيرة



الاستاذ سعدي احمد پيرة مناضل وصديق قديم وشارك منذ ريعان شبابه في الحركة الكوردية. كان احد القياديين النشطين بعد انهيار الثورة الكوردية عام ١٩٧٥ باتفاقية جزائر المشؤومة. انتقل للعمل خارج الوطن الى اوربا وكان احد القيادين اللذين ناضل ومنذ تاسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني مع مناضلي الدرب المرحوم مام جلال الطالباتي وفؤاد معصوم و المرحوم عادل مراد وآخرين. بعد انهيار النظام العراقي عاد الى الوطن وتبوء عدد من المناصب الرسمية والحزبية في اقليم كوردستان. التقيته اليوم بعد فراق دام اكثر من ثلاثة عقود لاجري معه هذا اللقاء حول مجمل قضايا الوطن العراقي واقليم كوردستان في ضروف تاريخية حرجة تمر بها البلاد والحالة السياسية الغير مستقرة في البلاد.


اهلا ومرحبا بك استاذ سعدي في هذا اللقاء بعد زمن
طويل لم التقي فيها بكم بعد ايام الجامعة في الثمانينات في النمسا وهذا طبيعي جدا بعد ان كثرت مسؤلياتكم تجاه الوطن والشعب الذي بقيتم دوما مخلصين لهم ولقضاياهم.
 
اتسائل كما يتسائل الكثيرون مثلي اليوم  عن تقيمكم للوضع السياسي الحالي في العراق بالدرجة الاولى وفي الاقليم بالدرجة الثانية بعد كل هذا الانسداد السياسي بعد فرز نتائج الانتخابات ٢٠٢١؟

في كلا المستويين ثمة اختناق سياسي، ناتج عن سبب واحد، هو عدم التزام القوى السياسية بمستويين من التعهدات: البرامج التي طرحتها على الجمهور العام، حيث اعتبرت ذلك فقط بمثابة خطاب، وليس برنامجاً تفصيلاً واجب التنفيذ. والشيء الآخر هو عدم الالتزام بالتوافقات فيما بين الأحزاب المتحالفة. هذا الأمر أفقدنا ثقة الجمهور العام، وصرنا أيضا غير على تجديد توافقات القوى السياسية فيما بينها. حاولت مختلف القوى إلقاء اللوم على الاحتلال أو التدخلات الإقليمية أو الإرهاب، لكن ظهر بوضوح أن جوهر الانسداد هو سوء أداء والتزام القوى السياسية، ودون مواجهة هذه الحقيقة وتفكيكها، سيبقى هذا الانسداد السياسي لفترة أطول مما نعتقد.
 

التعداد السكاني لسكان العراق معلق في الوقت الحاضر وهو احد مفاتيح الحلول الجذرية لتحديد حدود الاقليم الجغرافية  والتركيبة السكانية وكانت احد شروط المادة ١٤٠ من الدستور التي مر عليها الزمن من ناحية التطبيق ولكنها مادة قانونية دستورية ينص عليها الدستور. هذه المادة خلافية من ناحية التطبيق بين الحومة المركزية والاقليم وقوى سياسية اخرى.


دعني أقول أولاً إن الدستور في كل دول العالم، بالذات في الأنظمة الديمقراطية، لا يمكن له أن يكون محل خلاف بين أية قوى سياسية، ولا حتى محل مناقش، الدستور يُقر ليطبق، لأنه يُمثل جوهر تعاقد مواطني الدولة وتوافقهم الأكثر رصانة. لكن مع الأسف هذا لا يحدث في العراق غالباً، والمادة 140 من الدستور العراقي أكبر دليل على مدى ميل وسعي القوى السياسية العراقية المركزية للتصرف بمبدأ الغلبة، الذي يُعلي من سُلطة الأغلبية العددية والسلطة المركزية على قوة الدستور وهوية العراق التوافقية في العراق الجديد. غياب إرادة الالتزام بعراق ديمقراطي توافقي فيدرالي، بذا فأن المسألة ليست خلافاً سياسياً أو فكرياً، المسألة فقط هي غياب الالتزام بتلك المعايير، من قِبل جهات اعتبرت نفسها أكبر وأقوى من الدستور.

 مسالة رئاسة الجمهورية رغم رمزيتها كمنصب اصبحت مسالة خلافية رغم ان المنصب محصور لابناء الشعب الكوردي، ما تصوراتكم لهذا المنصب في المستقبل؟

 
منصب رئاسة الجمهورية، منذ أن تولاه القائد الراحل مام جلال، كان بمثابة تعبير سياسي رمزي على سيادة قيم المواطنة والمساواة القومية بين أبناء الشعب العراقي. فذلك الموقع الذي بقي محل استقطاب تاريخي طائفي وقومي في العراق، تمكن المام جلال من تحويله إلى بيت فسيح للعائلة العراقية.

راهناً، نعتقد إن شرط المنصب يجب أن يبقى في ذلك الإطار، كمركز رمزي يمثل كل العراقيين، ويحافظ على التوافقات السياسية والشراكة العليا بين المكونات والأطراف السياسية في الدولة العراقية. لو عبرت القوى السياسية عن التزامها بتلك المعايير، سيعود المنصب لتحقيق مراده وأهدافه التي كانت، وسيغادر مكانة شرط التصارع الراهن.

 
العلاقات الكوردية مع جميع القوى والاطراف القومية والعقائدية والسياسية في المركز  القرار كانت وستصل مهمة جدا لاستقرار الحالة السياسية في العراق وضمان استمرارية الشراكة في الحكم التي نص عليها الدستور العراقي. ما هي توجهات الحزب في هذا المظمار؟ 

توجهات الاتحاد الوطني الكردستاني تأخذ أربعة معايير في الأداء والسلوك والعلاقات السياسية، اليومية التنفيذية، والعُليا الاستراتيجية.

هذا المعايير هي اولاً فهم العراق ككيان مُركب وحديث الديمقراطية، وتالياً حاجته المُلحة لأن يكون توافقياً. ثانياً العراق دولة ومجتمع يعاني من معضلات استراتيجية جوهرية، اقتصادية وبيئية واجتماعية، وبذا لا بد من الالتزام ببرنامج اصلاحي استراتيجي ذو رؤية وقابلية للتطبيق. ثالثاً اعتبار العراق ضحية للتطرف بكل اشكاله، القومي والديني والطائفي، وبذا الميل مطلقاً لمعايير الديمقراطية، وليس فقط الممارسات الانتخابية. أخيراً، فأن الاتحاد الوطني، بحُكم رمزية مام جلال في تاريخ العراق الحديث، يجد نفسه صاحب المسؤولية والإرث القادرة على جمع العائلة العراقية الكبرى، على مختلف قومياته وأديانه وطوائفه ومناطقه.

 

البيت الكوردستاني اليوم اكثر استقرارا وهدوء وهناك جيل شبابي جديد بدا في الانخراط في العملية السياسية من ناحية ومن ناحية اخرى في ادارة الاقليم بعد ان انهى الجيل القديم مهمتم وبنجاح في تمتين البناء الداخلي للاقليم. هل نرى في المستقبل القريب اي تطورات وتغيرات عملية بهذا الشان؟

أرى أن أبناء الإقليم، وبحُكم التجربة وتعاقب الأجيال، قد راكموا خبرة سياسية لا يمكن التقليل من شأنها. دون شك ثمة معضلات هنا وأخرى هناك، لكن القوى الكردستاني أثبتت قدرتها على خلق مساحة واسعة للحوار والتوافق والتوصل لحلول تخدم الصالح العام.

صحيح كان ثمة محاولات لمغادرة ذلك الإطار أو تجاوزها، لكن الواقع الموضوعي، وعبر الكثير من التجارب خلال السنوات الماضية، أثبت استحالة قدرة أية قوى كردية للعيش خارج شروط البيئة السياسية الكردستانية.

 

دول الجوار والاقليمية مهمة في مجمل الحركة السياسية في العراق وفي الاقليم ومن الطبيعي ان التطورات السلمية في العراق سيؤدي حتما الى استقرار المنطقة باكملها. هناك تفهم لمخاوف ايران وتركيا و بالتحديد لما يجري على ارض الاقليم. كيف ترون العلاقات مع دول الجوار في المستقبل؟
 

نرى أن المشكلة في العلاقات  العراقية مع دول الجوار مركبة، تتحمل مسؤوليتها بالتساوي تلك الدول والقوى السياسية العراقية. فهذه الدول الإقليمية، ما تزال بالكثير من سياساتها وتوجهاتها تعاني من عُقدة الذاكرة الامبراطورية، حيث يُستصعب عليها الاعتراف الذاتي بالعراق ككيان مستقل وذات سيادة وقدرة على التصرف بندية واحترام مع تلك القوى، التي ما تزال ترى في العراق مجرد ملعب وساحة.

مع الأسف، العديد من القوى السياسية العراقية تعزز بتصرفاتها وشبكة علاقاتها مع تلك القوى الإقليمية ذلك الإحساس وتلك السياسة الإقليمية. أن نخلق إيماننا الذاتي بسيادة وحقيقة الكيان العراقي أولاً، وأن نعزز من كل متطلبات أمننا القومي الداخلي، من اقتصاد وبيئة وحياة سياسية سليمة، هو الشرط الوحيد والمطلق لبناء علاقات جوار سليمة مع هذه القوى الإقليمية.

 

لقد مر ما يقارب العقدين من الزمن على سقوط النظام الدكتاتوري الفاشي السابق وهي مدة كانت كافية لتبلور حياة سياسية ديمقراطية تعددية و قوى سياسية تحترم الراي الاخر و عراق مستقر. لكننا اليوم امام لوحة سياسية غير متناسقة والكثير من النقد والاتهامات بالفساد. غياب  القاسم المشترك بين الاحزاب السياسية وهناك تحالفات وتاثير خارجي واقليمي  على جميع القرارات السياسية. يتسائل المواطن العراقي  في هذه الضروف الى متى نبقى نضرب على وتر تركة و ارث النظام السابق واشلاء بقاياه؟

 

ستبقى هذه الحالة حتى تحقيق الشروط التقليدية للكيان الحديث، والتي نص عليها الدستور العراقي وبني حسبها العراق الجديد في مرحلة ما بعد سقوط النظام البائد. شروط الكيان الحديث المتمثلة بالالتزام بمعايير الديمقراطية العالمية، بما في ذلك خلق مناخ للحياة المدنية والمساواة بين النساء والرجال وتأسيس طبقة وسطى واقتصاد انتاجي. هذه الأمور التي لم تلتزم بها القوى السياسية العراقية في مرحلة ما بعد صدام، فظلت أسيرة بعض الشعارات.

العطب بهذا المعنى هو في جوهر ما تقوم وتعتقده النخبة السياسية العراقية، فهي أمام خيارين لا ثالث لهما، أما العراق كيان ديمقراطي حديث، بكل شروطه، أو العراق كيان مثل باقي الدول والأنظمة الشمولية، وتالياً البقاء في هذا المأساة التي يدفع المواطنون العراقيون ثمنها غالياً، ويومياً.
 

العلاقات العربية مهمة جدا في دولة تقع في محيط اسلامي عربي كيف تقيمون العلاقات مع الدول العربية؟
 

لن يكون غريباً لو قلت مثلاً أن علاقات القوى السياسية الكردية مع الكثير من البلدان والقوى السياسية في العالم العربي أفضل من علاقات الكثير من القوى العربية العراقية مع ذلك المحيط. يجري ذلك، لأن القوى الكردية صاحبة تجربة تاريخية في فهم شرط علاقة العراق مع الفضاء العربي الأعم، الكامن في الاستقلال السياسي والسيادي، مع أعلى درجات الاندماج الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والروحي.

الكثير من القوى العراقية ونظيرتها العربية في المحيط لا تعي ذلك التوازن، لذلك يحدث نوع من التوتر أحياناً. لكني متيقن أن علاقة العراق مع المحيط العربي هي بمنطق "لا يصح إلا الصحيح"، وتالياً لا يمكن للعراق إلا أن يكون فاعلاً في الفضاء العربي، وهذا الفضاء العربي لا يسعه إلا أن يحترم ويقدر الخصوصية والخيارات العراقية الخاصة.

 

  شهد الاقليم تطورا كبيرا من ناحية البناء التحتي والعمارة لكن هموم المواطن العادي يتعدى هذا المضمار ولا تزال هناك الكثير من العمل من ناحية الخدمات ومسالة رواتب الموظفين والبطالة وامور اخرى . كيف ترون الحلول لتك المشاكل في ضوء المشاكل المالية.

 
أرى الحل في كردستان في ثلاثة مستويات، يمكن وضعها ببساطة كثلاثة بنود: يجب أولاً الاستفادة من التجربة العراقية المديدة، وتالياً فصل العمل والبرنامج الحكومي الاستراتيجي عن المماحكات السياسية بين الأحزاب. المسألة الأخرى كامنة في ضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد في كردستان ليكون إنتاجياً ومتجاوزاً لمرحلة الاقتصاد الريعي النفطي. المسألة الأخيرة كامنة وجوب التزام الأحزاب السياسية بمسؤوليتها التاريخية التقليدية تجاه المجتمع، بالذات الطبقات الأكثر ضعفاً وهامشية في الحياة الاقتصادية والمتن العام، العمال والفلاحين والقرويين والمواطنين الأقل تعليماً، لرفع سويتهم وطاقاتهم ومساهمتهم في الاقتصاد والحياة العامة.
في ختام لقائنا هذا نقدم الشكر الجزيل للاستاذ سعدي احمد بيره لسعة صدرة واجابته على اسئلتنا متمنين له الموفقية والنجاج.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات