الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النجاحات العسكرية للمقاومة الإسلامية في لبنان وتداعياتها الأممية

نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)

2006 / 9 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


ما من شك أن صمود حزب الله اللبناني في المعارك العنيفة التي دارت رحاها في جنوب لبنان على مدى أكثر من شهر ، والقصف الصاروخي الذي طال مدناً إسرائيلية بعيدة بالقياس إلى حزب يعتمد حرب عصابات من نمط جديد ، ما من شك أن كل هذا سوف يترك آثاراً استراتيجية أممية على المدى البعيد.
على مستوى الحرب التي خاضها حزب الله في لبنان كان هناك تنويعة من الأساليب القتالية تعتمد على المجموعات الصغيرة وعلى الكرّ و الفرّ وعلى التخفي تحت الأرض والتخفي المدني ، وكان هناك تدريبات شاقة وقاسية للمقاتلين وهناك تعبئة روحية عالية ، إضافة إلى خبرة بالعدو المهاجم؛ هي نتاج أكثر من عشرين عاماً من المواجهات المباشرة، وهناك رصد دقيق لإعلام العدو الإسرائيلي ولقيادته وشكل سلوكها ولأنواع أسلحته القديمة والجديدة ورصد لنقاط قوته وضعفه . إضافة إلى خبرة في الإعلام وقت القتال عبر تصوير الفيديو ، وهناك مصداقية في الخبر، وقدرة على حجب بعض الأخبار التي تضر بسير القتال من مثل حجب أخبار عدد مقاتلي الحزب الذين سقطوا في المعارك الخ.. وهناك قضية حاسمة في حرب العصابات وهي تبدو غير مرتبطة بها وهي علاقة العصبة المقاتلة مع محيطها من السكان والجماهير ؛ وعلاقة حزب الله مع أهل الجنوب هي علاقة أهل وقرابة وطائفة وثقة بالنصر المجرب من قبل ، وعلاقة إخراج الشيعة في لبنان و أهل الجنوب عموماً من التهميش والغبن الذي لحق بهم تاريخياً . إذا أضفنا إلى كل ذلك العمق الجغرافي والسياسي الاستراتيجي الذي تشكله سوريا كنصير وكمَعْبر للدعم العسكري و اللوجستي ، وإذا أضفنا الوضع السياسي الإيراني بعد الثورة والدعم العسكري والمالي والروحي والسياسي من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية نرى أن حزب الله اللبناني في وضعية مثالية وقياسية لإحراز نصر عسكري وسياسي على إسرائيل في الحرب التي انتهت للتو.
لكن نصر حزب الله الذي مزج في حربه أشكالاً متفاوتة من القتال الحديث والتقليدي لحرب عصابات مع استخدامه أحياناً لحركة عودة النازحين في تعميق وتعزيز حربه أي استخدامهم لإعادة "احتلال " الأرض والتشبث بها كما حصل عام 2000 وكما يحصل اليوم من دخول للنازحين والمهجرين وكأن حركتهم جزء من المعركة ؛ أي دخولهم قبل أن يكمل الجيش الإسرائيلي سحب فلوله ، حزب الله الذي مزج كل ذلك ومارسه ببراعة يبقى مع ذلك قلقاً ومربكاً بالمعنى التاريخي : مربكاً وقلقاً بما يخص شكل ارتداداته على الواقع اللبناني والواقع السوري والعربي عموماً. أولا في لبنان لا يستطيع حزب طائفة بعينها أن يهيمن على المجتمع اللبناني، وبالتالي لا يستطيع أن يسيطر بشكل كامل على سلطة الدولة ، وثانياً هو حزب بورجوازي صغير بالتصنيف الاقتصادي/ السياسي والتاريخي، وبالتالي فهو لا يطرح مشروعاً تاريخياً نقيضاً وجذرياً للرأسمالية كنمط إنتاج ، بالتالي فهو ما يزال يلعب على الكف الرأسمالي. إضافة لذلك فإن انتصاراته تقلق الكثير من الديمقراطيين المتعاطفين معه كون ارتداد انتصاره قد يكون مزيد من التهميش والعزلة السياسية لهم .
إضافة لكل ذلك فإن صمود حزب الله لا يترافق بنمو في الحركة السياسية العامة في المنطقة العربية بل هو جاء نتيجة لجذرها التاريخي كحركة قومية عربية . من هنا القلق والإرباك. ومع كل ذلك لابد لصمود حزب الله اللبناني الأخير ولأشكال التكتيكات وفعالية السلاح ضد التقنية العسكرية الأميركية، وأشكال التخفي من أن يترك آثاراً استراتيجية أممية على الحروب القادمة خاصة الحروب ضد الغزو الأمير كي الإمبريالي .
أولا سوف ينعكس هذا في الثقة بالنصر في حرب عصابات أو جماعات مقاتلة ضد الأميركيين في أميركا الجنوبية والعراق وأفغانستان ، وسوف ينشط نجاح حزب في تحويل الهجوم الإسرائيلي إلى هزيمة شيعة العراق ويحرك عند البعض خاصة في الجنوب في البصرة الرغبة بتجريب حظهم في مواجهة الاحتلال. وإذا تم ذلك سيكون سابقة خطرة وكارثية على المشروع الأميركي في العراق خاصة، والشرق الأوسط عامة .
ثانياً سوف تسعى الكثير من الجماعات المقاتلة إلى استخدام بعض أساليب التخفي التي اتبعها حزب الله وسوف تستخدم أسلوب الدمج بين عدة أساليب قتالية في نفس الوقت . لكن الذي يجمع كل هذه الحركات أن برنامجها الاجتماعي الاقتصادي للمستقبل إذا استثنينا أميركا اللاتينية سوف يكون نقطة الضعف القاتلة بالنسبة لمستقبل أي صراع ونتائجه الطبقية والاجتماعية. ومع ذلك فإن أهم نتيجة محتملة ذات طابع استراتيجي هو أن هذه المواجهة سوف تفتح معركة الاشتراكية في العالم من جديد ، وسوف تشجع الكثير من الحركات ذات الإيديولوجيات الاشتراكية على إعادة النظر في الهدنة التي فرضها التفوق التقني الأميركي الساحق والانسحاب السوفييتي المحبط في كولومبيا وأكراد تركيا والسلفادور والفيليبين الخ.. وهنا سوف تكون نتائج حرب حزب الله اللبناني مع إسرائيل مفارقة من جهتين أولى هي تنشيط التيارات والحركات اليسارية المقاتلة خاصة الشيوعية، وثانياً إظهار القصور التاريخي للحزب الديني أو الطائفي في المعركة ضد الإمبريالية الرأسمالية؛ هذه الإمبريالية الرأسمالية وعلاقتها وسياساتها القائمة هي السر الذي يحل لغز اللعنة التي تلفُّ شعوب الأرض . فبعد أن كانت التقنية قوة إنتاج بناءة زمن صعود الطبقة البورجوازية 1600- 1871 باتت هذه التقنية مع نمو ونضج الظاهرة الإمبريالية في الرأسمالية؛ باتت هذه التقنية قوة هدم وقتل للشعوب التي همشتها أصلاً آليات اشتغال الإمبريالية الرأسمالية في كل مكان .
كنا دائماً نقول إن النكوس الديني في العصر الحديث هو علامة انحطاط ؛ انحطاط المشاريع الاشتراكية والقومية ، وقبل ذلك وأساس ذلك انحطاط الرأسمالية كطبقة عالمية سياسياً وأيديولوجياً وأخلاقياً ، مترافقة مع أزمة البيروقراطية الاشتراكية في روسيا ، حيث شكلت الثورة الإيرانية عبر قيادتها الدينية أحد تمظهراتها الأممية . لذلك أريد أن أربط هنا ظاهرة حزب الله في لبنان وفلسطين بقيام ثورة إيران الشعبية 1979 بقيادة طبقة (البازار) القومية ومثقفيها من رجال الدين الشيعة تلك الطبقة المعادية للغرب الرأسمالي والمعادية للإمبريالية وللصهيونية ضمن حدود عداء طبقة متوسطة و بورجوازية صغيرة قومية .وضمن حدود ثقافتها الإسلامية المعادية لليهود ولدولة إسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ