الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الكادراج السينمائي
عطا درغام
2022 / 7 / 6الادب والفن
إن الكلمة الفرنسية كادراچ التي هي اشتقاق من كلمة كادر(إطار الصورة). لا تعني في هذا الكتاب عملية التأطير بالمعني الضيق والكاميرا، بل تتناول كل العمليات التي تدخل في التصوير السينمائي كالضوء والعدسات والكاميرا وعمل المصور والمخرج ومهندس الصوت ومهندس الديكور..وغيرها بالإضافة إلي كثير من الاختراعات في مجال معدات التصوير والفيلم الخام واجهزة تسجيل الصوت.
والسيدة دومنيك فلان مؤلفة الكتاب تولي اهتمامًا خاصًا بالوقوف علي أسرار العلاقة بين الكادراچ والإخراج باعتبار الكادراچ عاملًا حاسمًا في عملية الإخراج، قامت السيدة دومنيك فيلان بعمل استقصاء بين المخرجين والمصورين والفنيين والعمال تسألهم عن دورهم في عملية الكادراچ، وعن كيفية التعاون مع المخرج حول مفهوم الكادر،وهل هناك قواعد ثابتة لتكوين الكادر؟ وما هو دور المعطيات التقنية في عملية الكادراچ ؟.
ثم تأتي بنماذج عملية فتقوم بتحليلات ثلاثة من الأفلام ذات الأهمية في مجال الكادراچ: آلام جان دارك إخراج كارل دراير، الحيل، النافذة الخلفية من إخراج هتشكوك ومؤلفة الكتاب التي تدرس مادتي المونتاج وجماليات الفيلم بجامعة باريس، وتعمل في نفس الوقت كمونتيرة في السينما والتلفزيون .
حاولت ألا يبدو الكتاب صارمًا شأن كل كتب التكنيك ؛ لذا عمدت إلي الحوارات والآراء ووجهات النظر لعدد كبير من المخرجين والمصورين والفنيين : آيزنشتاين ، جان رينوار، أورسون ويلز، جودار..وغيرهم..زكل هذا بالإضافة إلي اعتمادها علي التاريخ العام للسينما ومذكرات المخرجين والفنيين وآراء النقاد خاصة من يكتبون بمجلتي كاييه دي سينما، سينما توجراف وعلي رأسهم الناقدين الكبيرين كلود بيليليه وجان ناربوني ، كل ذلك وفق منهج نقدي يطرح كل الآراء متجاورة وبلا تعسف الأمر الذي يفسح المجال للقاريء لكي يستخلص النتيجة بنفسه، بل يشارك أحيانًا برأيه، ولأن عمليتي الإبداع والنقد هما كطرفي المقص لا يمكن أن يعمل أحدهما بدون الآخر، تبدو فائدة الكتاب لكل من المبدع ( المخرج أو المصور) والناقد والقاريء علي السواء.
وجدير بالذكر أن موضوع (الكادراچ السينمائي) هو الموضوع الشامل الأشمل لكل دراسات فن الفيلم، بدءًا بالحرفية التقنية، وانتهاءً بأحدث نظريات الفيلم وعلم الجمال السينمائي، الأمر الذي يجعلنا نقر بوضوح، أنه لا تكفيه مجلدات للبحث والتحليل والشرح..ومع ذلك تبرز أهمية تقديم الكتاب الذي يطرح مفاتيح التعرف علي مداخل الموضوع من شتي زواياه.
وفي الكتاب تبرز مشكلة التعريب لمصطلح الكادراچ السينمائي، وهي مشكلة شبيهة بأمثالها من مصطلحات فن السينما إلي تحمل كل منها العديد من الأبعاد والمستويات التي تُشير إليها من حيث المعني، بحيث يصعب عادة حصرها في ترجمة تكون كفيلة بالإشارة إلي نفس هذه المستويات مثل مصطلح المونتاج السينمائي الذي لم يصمد أمامه المصطلح المعرب باعتباره التوليف،بل إن مسمي الفيلم نفسه أو حتي السينما، ظلت كل منها الأكثر انتصارًا بالشيوع وسهولة الاستخدام..
وهو ما يترك لنا مساحة من إمكانية القبول باستخدام المنطوق الأجنبي لمصطلح(الكادراچ) السينمائي، طالما أنه يحمل جدلياته الداخلية الخاصة فيما يُشير إليه، ولا ينقص في هذه الحالة إلا إشاعة الفهم الحقيقي للمصطلح.
ويأتي هذا الكتاب في أوانه بعد أن ساد وانتشر الادعاء بالتبسيط،وأصبح جائرًا علي حتمية السيطرة التكنولوجية الواعية لدي فنان الفيلم، وهي وحدها التي من شأنها أن تحقق الممقصود البسيط؛ إذ يبقي المعني الحقيقي لهذا التبسيط مرهونًا بطبيعة العمل الفني/ الفيلم بحيث تتحقق له وحدته وتجانسه طوال زمن العرض الفيلمي أو سردياته، وليصبح الفيلم الواحد عالم واحد وليس عالمين أو عدة عوالم ، كما أن تحقق هذه الوحدة هي ذاتها ببساطة.
وبالمقابل ؛ فإن السيطرة التكنولوجية علي الكادراچ السينمائي ، هي كما يري الدكتور مدكور ثابت: إنجاز لوحدة عالم العمل الفني؛ أي أنه بالكادراچ يتم إنجاز للعالم الخاص، والمتفرد بذاته في كل فيلم سينمائي علي حده، وهو التفرد الذي يحمل سمات تميزه التي تجعل منه عالمًا خاصًا هو غير عالم الواقع ، وله خصوصية الفن عبر كونه صورة منجزة بالكادراچ السينمائي في حالة الفيلم.
وتركز مؤلفة الكتاب علي عنصر الصوت عمليًا وجماليًا في الكادراچ السينمائي بنفس تركيزها علي عنصر الصورة عمليًا وجماليًا أيضًا، بل ومثلما أنها تُشير إلي أن تحديد الكادر لا يتم في المكان وحسب كما كنا نعتقد نتيجة لاستخدام شريط المتر في البلاتوه، بل يتم في الزمان أيضًا.
وبسبب مقتضيات تقسيم العمل السينمائي، لابد وأن تلتبس لدي البعض مسئولية تحقيق الكادراچ السينمائي؛ إذ علي المستوي المهني المباشر ، فإن الكادراچ هو عمل المصور علي ماتذكره المؤلفة في استهلال تحت عنوان ممارسة الكادراچ ، حيث تستطرد وعندما يكون المصور والمخرج شخصان مختلفان، لا يكون معروفًا من هو المبدع الحقيقي للكادر.
ومن ناحية أخري لا يمكن أن نعتبر أن أحد الجوانب الُمثيرة للفن الحديث أنه في السينما يفلت العمل ممن لا يمسك الكاميرا بيده، فالكادراچ قبل كل شيء مسألة تعاون.
وهكذا وفي هذا العمل الجماعي تلجأ المؤلفة لما اعتبرته التعريف الرسمي لوظائف المصور كما يحددها بيير برار: هو أحد الفنيين يعمل تحت السلطة المباشرة لمدير التصوير ،ولكنه يعمل أيضًا بالتعاون مع المخرج، خاصة فيما يتعلق بضبط حركة الكاميرا اللازمة للإخراج ،والمحافظة علي هذا التوازن مهما كانت حركة الموضوع الأساسي واستعادته عند الحاجة، بخلق حركات ظاهرة للموضوع بتحريك الكاميرا حركات محسوبة وتحريك الكاميرا هذا يجب أن تحكمه ردود فعل عضلية فائقة يحددها الأول عن التشغيل الميكانيكي للكاميرا. بالإضافة إلي الوسائل الميكانيكية الأخري التي تستخدم في تحريك الكاميرا أثناء التصوير،ولا بد أن تتوفر للمصور ذاكرة بصرية ومرونة وقوة تحمل.
وفيما يتعلق بتصوير الكادر السينمائي ؛ فإن الكتاب دائرة موسوعية بارعة في التأريخ للمعلومات التقنية ورصدها حتي لحظاتها المعاصرة سواء فيما يتعلق بالكاميرا ومكوناتها أو ملحقاتها ، إلا أن البراعة لا تكمن في مجرد الرصد المعلوماتي ،وإنما للقدرة التحليلية للاستخدام الجمالي المتضمن في كل منها.
الكتاب دراسة غنية بمعلوماتها الفنية التي تتعلق ب الكادراچ السينمائي وتكنيكه، وعمل الكادر ،وكذا كادراج الصوت، وماهو واقعي وماهو مصور وتأثيره علي الممثل ومسألة الواقعية وكيف تري الكاميرانودراسة تطبيقة من خلال : هيتشكوك ، رينوار، كوكتو.
وفي التكوين والتحليل وعلاقته بالكادراچ، وتختم المؤلفة بدراسة ثلاثة أفلام: من خلال (اللقطة الكبيرة في فيلم"آلام جان دارك" – والتصوير في فيلم"الحبل"،و الكادراچ في فيلم"النافذة الخلفية")
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الفنان السوري سامر المصري يهنئ الشعب السوري
.. الفنان السوري جهاد عبدو يهنئ السوريين بسقوط نظام الأسد
.. منى زكي باكية فى مهرجان البحر الأحمر: المرض وحش.. وتجربة فيل
.. 311 الناس الحلوه مجدى عفيفى و محمد زكى العشماوى ومحمد السنع
.. فيلم الحريفة 2 يحصد 11 مليون جنيه خلال يومي عرض بالسينمات