الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكولونيالية الجديده

منقذ ابو عطوان

2006 / 9 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


استنفذ الاستعمار ( أمريكا وحلفائها ) ما في جعبته من أكاذيب ملفقه حول الحريات وحقوق الإنسان بترويجه للديمقراطية الغربية . هذه الديمقراطية التي أثبتت التجربة العلمية المحسوسة هشاشتها وزيفها حتى في قعر بيتها ، فلم نجد السود في أمريكا يعاملون كمواطنين حقيقيين ، ولم يأخذوا حقوقهم كما تنص دساتير هذه الدول ، بل استمر الاضطهاد بحقهم وظلت الجريمة مرتبطة فيهم كما هو الحال في أمريكا . كذلك الأمر بالنسبة إلى أوروبا ؛ نجد أن الأقليات بين الحين والآخر يعبرون عن غضبهم ويكشفون زيف ادعاءات هذه الأنظمة التي تدعي الديمقراطية من خلال نضالهم ضد التمييز في هذه البلدان وخير مثال على ذلك ما حدث في فرنسا قبل عدة اشهر .
هذه الدول ( الاستعمار ) سعت من خلال هذه الكذبة ( الديمقراطية ) إلى إعادة فرض هيمنتها وسيطرتها على الدول الضعيفة والصغيرة خاصة الدول العربية والإسلامية في الشرق من أجل تسهيل عملية السرقة والنهب لخيرات ومقدرات هذه الدول بعد ان تعامل معهم بشكل خياني واضح زعماء هذه الدول ، والذين يشكلون طبقة من الكمبرادوريين ( الوسطاء ) همها الوحيد تنامي أرصدتها وحساباتها والصرف والبذخ على حساب شعوب هذه المناطق وكرامتهم ، مستغلة ظرفا سيء تمثل في غوص هذه الشعوب في الجهل والتخلف الذي أوجده الاستعمار نفسه، والذي يسعى اليوم إلى التبشير الديمقراطي له من خلال إعادة التسلط لمجموعة من المرتزقة وبطريقته الخاصة.
وطالما أن هذه الدول الاستعمارية لم تكن ديمقراطية في الأصل ، بل ان أنظمتها عنصرية في الأساس والجوهر فإن ما حاولت استنساخه من ديمقراطية في هذه الدول الضعيفة ، اخرج صورة مشوهة وأكثر سوءا من الصوره الأصل في بلادها طالما ان الأصل كما ذكرنا سابقا سيء فكيف إذن صورة هذا النظام ( الديمقراطية ) المستنسخ في الدول الضعيفة ؟ الصورة واضحة في كل أنظمة الحكم العربي والإسلامي . هذه الدول جميعها تدعي أنها دول ديمقراطية ، تنهب الشعوب بشكل ديمقراطي ، أمير في إحدى دول الخليج يبذر أموال طائلة لقضاء ليلة مع إحدى الغانيات بطريقة ديمقراطية ، نظام جمهوري في سوريا يصبح ملكيا يورث فيه الحكم ، ومصر أيضا يمهد الحكم فيها لخليفة الرئيس ( جمال مبارك ) ، وجمهورية ليبيا التي تتصف بأكبر اسم لما فيه من أوصاف وكذب وغير ذلك الكثير الكثير مما يحدث في الممالك والجمهوريات العربية كل ذلك يحدث في أنظمة ديمقراطية . هذه الصورة المستنسخة عن نظام سيء في الأساس ، أوجد شكلا جديدا أكثر سوءا وتخلف لان الحدث كما يقول روبرت يانج لا يكرر نفسه والصورة لا تشبه الأصل .
إن حديثنا ليس عن الديمقراطية الغربية او ما شابه ولكن فضلت ان أوطد للقاريء قبل الدخول في لب موضوعنا وهو الكولنيالية الجديدة للحالة التي أوصلتنا لهذه المرحلة ، خاصة أن الكولنيالية جاءت لفرض الاستعمار بالقوة العسكرية من جديد بعد ان بدأت تتكشف زيف ادعاءاتها الاستعمارية من خلال الفتح الديمقراطي والدمقرطة.
بعد ان كشف زيف ادعاءات الدول الاستعمارية المتمثلة بصون حقوق الإنسان والديمقراطية التي أخذت كقناع تستتر من خلفه أنياب متوحشة وأمعاء متلهفة لسرقة كل خيرات منطقتنا العربية خاصة البترول ، وبروز ظاهرة المقاومة لهذه الأطماع والسياسات الاستعمارية المستترة خلف شعارات رنانة ، كسف الاستعمار وجهه الحقيقي ونواياه الخبيثة للقاسي والداني فاضحا تلك الزمرة المطبلة له والخانعة والمروجة لأطماعه وسياساته الخبيثة من خلال تواجده العسكري المكثف في المنطقة ، وما يحدث وحدث من تدمير وتهجير في أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين...و ... و الخ . لخير دليل على تلك الأكاذيب الأمريكية والغربية .
ان الهيمنة والسيطرة التي سعى الاستعمار لفرضها على هذه الدول المقهورة بمساعدة عملائه ( الأنظمة الحاكمة ) ولدت كما يقول جرامشي هيمنة وسيطرة مضادة على اعتبار ان الفعل يولد رد فعل . هذه الهيمنة المضادة أوجدتها المقاومة المسلحة لهذه المشاريع الاستعمارية . ولهذا نجد ان في غالبية هذه الدول توجد ثورات وردات فعل غير منتظمة تجاه المشاريع الاستعمارية والدولة التي تحمي هذه المشاريع كما يحدث في السعودية ومصر والأردن وسوريا والمغرب والبحرين ...الخ .
هذه المقاومة المسلحة للمشاريع الاستعمارية نجحت في بعض الدول من خلق تشكيلات عسكرية منتظمة ونجحت في مواجهاتها أيضا مع الاستعمار كما حدث مع تنظيم القاعدة وضربه العمق الأمريكي في الحادي عشر من أيلول عام 2001 ، وكانت قد نجحت قبل ذلك في فلسطين ( الانتفاضة الأولى والأعمال الإستشهادية ) ، ونجحت أيضا في العراق ، ونجد ذلك في عمليات المواجهة اليومية مع الجيش الاستعماري الأمريكي وتكبيده الخسائر بشكل يومي . كما أنها نجحت أخيرا في لبنان وخير مثال على ذلك نتائج الحرب الأخيرة والتي أطلق عليها عملية الوعد الصادق.
هذه الأشكال من المقاومة لم تستطع آلة الكذب اليومي التي تبثه شاشات أنظمة الحكم العميلة في المنطقة من احتوائه ، الأمر الذي جعل من الاستعمار تجاوز هذه الانظمه بعد ان شعر في عجزها وعدم قدرتها على تأمين سرقته ونهبه لخيرات هذه البلدان ، جعلت منه ان يأتي عسكريا لحماية مشاريعه الاستعمارية وفرض هيمنته وسيطرته بالقوة العسكرية ، وبالتالي فإن عجز وسائل الاستعمار البراقة والمتمثلة في شعارات الديمقراطية جعلت منه العودة إلى استخدام وسائله القديمة والأصلية ( القوة العسكرية ) ومن هنا فأننا نلاحظ إعادة بعث للكولنيالية من جديد في المنطقة.
إن الوجود العسكري المكثف للدول الغربية في أفغانستان والعراق والسودان ومؤخرا في لبنان لم يكن بهدف حماية هذه الدول كما تدعي الدول الاستعمارية ؛ فلو أخذنا على سبيل المثال العراق لوجدنا أن عدد الشهداء العراقيين الذين قتلوا على أيدي هذه القوات أضعاف مضاعفة لعدد العراقيين الذين قتلوا في حرب إيران فالحماية لمن إذن ؟ للإنسان العراقي أم للبترول العراقي ؟ . أما فلسطين فحدث عنها بلا حرج فدولة إسرائيل المصطنعة على أنقاض الشعب الفلسطيني الذي هجرته بمباركة الدول المصدرة للديمقراطية وحقوق الإنسان ، تعتبر ( إسرائيل ) اليد الطولا للاستعمار في المنطقة ، فهي البعبع والعصا التي تلوح به أمريكا لهذه الأنظمة والشعوب . فإسرائيل هي التي قصفت مدرسة بحر البقر في مصر ، وهي التي قصفت المفاعل النووي العراقي ، وهي التي تقصف وقصفت سوريا ولبنان ، وهي التي تلوح بها أمريكا تجاه إيران وغيرها .
ان أكثر ما يظهر صحة مقولتي بأن هناك انبعاث للكولنيالية الجديدة في المنطقة هو ما تقوم به ما يسمى بمنظمة الأمم المتحدة في لبنان اليوم وفي أفغانستان والعراق . فلبنان دولة صغيرة تم الاعتداء عليا وتدميرها بشكل شبه كامل بمباركة أمريكا وارويا وحلفائهم من الأنظمة العربية ، ولعدم قدرة إسرائيل من النيل من قدرات حزب الله الدفاعية بشكل خاص والمقاومة ألبنانية بشكل عام ، فزع ( تجمع ) العالم الغربي لتأسيس قوة عسكرية تحت ما يسمى قوات اليونيفيل . هذه القوات لم تكن موجودة أصلا لحماية لبنان وشعبه ، فلقد رأينا كيف اسهمت هذه القوات في تنفيذ مجازر بحق اللبنانيين في بلدة قانا وبلدة مروحين من خلال عدم تقديمها الحماية بالحد الأدنى لسكان هذه البلدات ، بل على العكس من ذلك رأينا وسمعنا كيف عبرت دول هذه القوات عن دعمها لإسرائيل في هذه الحرب تحت مسميات من حق إسرائيل ان تدافع عن نفسها !!!! والسؤال الذي يطرح هنا ، إذا كانت هذه القوات قد عجزت عن توفير الحماية بحدها الأدنى لسكان بعض القرى في جنوب لبنان بل على العكس من ذلك ساهمت دول هذه القوات في دعم إسرائيل إعلاميا وعسكريا ، فماذا تعني هذه الحشود العسكرية التي تأتي من كل حدب وصوب على لبنان ؟.
ان الانتشار العسكري فوق الأراضي ألبنانية بدعوى من منظمة الأمم المتحدة ( منظمة الدول الاستعمارية ) لخير دليل على انبعاث الكولنيالية الجديدة ، فالشعب اللبناني لم يحتل إسرائيل ، ولم يدخل الجيش اللبناني أراضي الغير ، فلماذا لا تكون هذه القوات داخل الحدود الإسرائيلية ؟ فالجواب واضح ان من أهداف هذه القوات ليس حماية اللبنانيين بل على العكس من ذلك ، وإنما هو حماية المشروع الاستعماري بالأساس الذي يشكل الركيزة الاستعمارية الأساسية في المنطقة ( إسرائيل ) ، فتراجع إسرائيل وهزيمتها يعني هزيمة المشروع الاستعماري الغربي لهذه المنطقة ؛ ولذلك نجد ان الدول الاستعمارية هبت لنجدة إسرائيل من خلال تواجدها المسلح لضرب أي قوة تسعى لمواجهة إسرائيل مستقبلا .
ان الشعارات الكاذبة والديمقراطية الزائفة التي تروج لها الدول الرأسمالية الكبرى لم تعد تجدي نفعا في سبيل تأمين نهب وسرقة خيرات المنطقة ، فما كان من هذه الدول ألا ان ترسل قواها العسكرية من اجل حماية مصالحها القائمة على أساس السرقة ، وبالتالي فأننا نشهد انبعاثا جديدا للكولنيالية في العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة