الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزام السياسي

عبد اللطيف المنيّر

2006 / 9 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


منذ استلام حزب البعث الواحد والوحيد الحكم في سوريا، عانت سوريا عامة، والشعب السوري خاصة، من قهر وقمع واستبداد وحجب للحريات، إذ غابت عن سوريا نسائم الحرية وطعم الاستقلال الحقيقي.

فمن هزيمة 67، ومن شعارات الأرض مقابل السلام، وأخرى في الوحدة والحرية والاشتراكية، ومن الضغوط الدولية على سوريا، ومن سوريا دولة المواجهة ومعقل الصمود والتصدي، إلى ذات رسالة خالدة، وصولا لـ" إلى الأبد يا أسد"، نجد أن الاحتكار السياسي هو الوجه الحقيقي لبقاء النظام مسيطرا في منظومة الحكم السوري. وأنه باع واشترى تحت هذه الشعارات، وتحولت سوريا من دولة ديمقراطية في عهد الاستقلال إلى دولة ذات احتكار سياسي وقمع للحريات.

ولن ننسى أنه في عهد الاستقلال من الاستعمار الفرنسي، والذي تجلت فيه ذروة الحرية السياسية في سوريا، حيث شاركت الأحزاب السياسية بشكل سلمي مسؤول. وكان للإخوان المسلمين في ذاك العهد، بقيادة مؤسس الجماعة في سوريا المرشد العام الشيخ مصطفى السباعي، دورا حضاريا امتد إلى أن جاء البعث كحزب حاكم أوحد من خلال انقلاب عسكري، عندها اختارت الجماعة صف المعارضة وبدأت تبحث عن أبواب للدخول في المعترك السياسي الطبيعي، وعندما أغلقت الأبواب في وجهها بدأت تدخل من النوافذ بشكل غير سلمي، واتبعت النهج العنفي الدموي، وعرضّت البلاد لمزيد من القمع والقهر.

ومن أحداث الثمانينات العنفية بين جماعة الأخوان المسلمين وبين النظام السوري بدأ الحزب الحاكم ( البعث) ـ حيث كان عبد الحليم خدام ركنا أساسا من أركان البعث السوري ـ بشن حرب نفسية على الشعب ووضعه على خط المواجهة مع اسرائيل، محذرا أن سوريا دائما مستهدفة. وهكذا صار الشعب السوري، ولما يزل، ضحية صراع بين فكيّ "شراهتين" للسلطة!.

وحين لم يؤت العنف والإرهاب الدموي أٌوكلهما، رمت الجماعة الأحزمة الناسفة وألقت بسلاحها أرضا، لتدخل من نافذة أخرى، وبنهج آخر أشد فتكا من القتل، وبدأت تصطاد فرائسها بشكل مختلف تماما، وبدلت وسائل حربها من الأحزمة الناسفة بوجه أفراد السلطة ،إلى الإرهاب الفكري والاحتكار السياسي الموجه هذه المرة إلى الشعب السوري عامة، وإلى قوى المعارضة الليبرالية في الداخل والخارج، وحتى التيارات الدينية المستقلة منها.

ومن صفقة التنازل عن الجولان حيث كان عبد الحليم خدام في حينها محافظا لمدينة القنيطرة السورية، وصولا إلى عزله من حزب البعث وإعلان انشقاقه؛ ومن الإرهاب الدموي لجماعة الأخوان المسلمين وتبنيهم مؤخرا الإرهاب الفكري والعقائدي، ولدت جبهتهم "للخلاص"! علما أن المراقب العام السيد البيانوني قد طالب خدام إثرانشقاقه بالاعتذار للشعب السوري عن السنوات التي شارك بها خدام في الحكم. وفي الخفاء،وسرا، بدأت طحالب النوايا المبيّتة ( لخدام وبيانوني) تستشري في عتمة هذا الحلف، وأسقط البيانوني مطالبته لخدام بالاعتذار !.

هذه الجبهة التي قطباها خدام والبيانوني، كانت أولى مهامها ضرب المعارضة في الداخل والخارج، فبدأت بتعطيل إعلان دمشق، ثم اتهام إعلان سوريا بالاستقواء بالخارج، وبدأت بدس عناصرها في اختراق منظم لكل فصيل وتيار معارض على حدى، بغية التعطيل والتهميش وإضعاف المعارضة عامة، مقابل إظهار الجبهة في مظهر المتماسك والقوي والقادرة بمفردها على الإمساك بزمام الأمور في حال انهيار النظام السوري!.

فإذا كان حزب البعث في همجيته السياسية وابتعاده عن الديمقراطية هوالحاكم الأوحد على مدى أربعة عقود، فإن هذا "الجزام السياسي" قد انتقل وبشكل قوي إلى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ممثلة بالمحامي البيانوني، والذي نصب نفسه وشريكه خدام وصيان على الشعب السوري حين أعلنا مؤخرا جاهزيتهما لاستلام السلطة في سوريا، وذلك في ادعاء غير مسبوق بأنهما قد تشاورا مع فرقاء المعارضة كافة!

ليس هكذا تصرح رجالات السياسة أيها المحامي" صاحب الميزان"! ولا هكذا يعامل الشعب السوري العظيم ضاربين بإرادتهعرض الحائط، "داسَين" موافقته في جيوبكما التي تأن بأموال الشعب السوري وجماجمه.

نحن في المحورالثالث وقد أعلنّا منذ البدايات "أننا لسنا بقطاع طرق سياسية، ولسنا بصيادي مناصب ولا بمولعي سلطة أومحترفي منابر"، نقول كفى تلاعبا بمشاعر الشعب السوري، هذا الشعب الذي صحا من كبوته. لن نسمح لأوهامكم بتداول السلطة بهذا الشكل المذري أن تتحول إلى فرض . فما محاولات احتكار المعارضة التي تنهجها جبهة الخلاص بزعامة "الصدر الأعظم" إلا أبلغ ظلامية وأشد بؤسا على سوريا من النظام الحاكم عينه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية