الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ريشة الغراب

دينا سليم حنحن

2022 / 7 / 8
الادب والفن


ملحمة الحُب والكراهية
ريـشة الــغُراب
دينا سليم حنحن - أستراليا.

أخبرتني امرأة أصلها من جزيرة ساموا(1)، بأنَّ ريشة الغراب صدقة إلهية، يتركها في مكان مميّز، يمشي خطواته ملكًا، ثم يطير، ينتظر ويراقبها من مكان قريب.
وقالوا، الغراب خراب!
سقطت ريشة الغراب، استرخت على المعشب في حديقتي، مازج الأسود الأخضر .
احتار البلبل، انتظر من يُعينه على حملها ليبني بها عشًا، وانتظر على غصن قريب.
ترَدّدتُ واحترتُ، تركتها، قلت لتأخذها الريح، أو ربما يعود الغراب ويلتقطها، يحتفظ بها لنفسه، أو يأتي من يساعد البلبل في حملها.
سرق المشهد منّي نهارًا من التفكير، واشتدّ بي السّهاد ليلًا.
اعتملت المشاعر داخل عقلي الشّرقي، وما تحمله من معتقدات عتيقة ومعتّقة، خطوتُ نحو المعشب وأردتُ التقاط الريشة ورميها في الحاوية، صدّت عقلي أفكارًا متبنّاة شبه أسترالية، يتفاءل الشعب الأسترالي في الغربان، وتذكّرت ما قالته لي المرأة التي جاءت من جزيرة قارية، قلتُ، هي علامة حظّ إذا، أصبحتُ محظوظة أخيرًا، لاستعدّ إذا من الآن وصاعدًا في التقاط الريشات، جميل أن نتفاءل، وعدتُ أدراجي.
مضى نهار آخر، انسابت خطواتي بحذر، خطوتُ نحو الريشة مثل لصّة، مددتُ أناملي نحوها، ارتجفتُ برهتين ثم حملتها، تفحّصتها مرتين، لكن سرعان ما ندمتُ على فعلتي، أعدتها إلى مكانها، تركتها تتجلّى على المعشب وابتعدت، استنشقتُ بعض الهواء، وتفقدتُ موبايلي الصّامت.
في اليوم التالي
أجزم أن شيئًا ما هزّ كياني، لاح وجه من الماضي، ظهر في مشاهد كثيرة أردتُ نسيانها، كرّت أمامي جميع الصّور الأليمة واستفاقت الذكريات، تشاءمتُ، وخشيتُ أن يترك الغراب المزيد من ريشاته، يكفيني اسودادًا، قلتُ، حينها نصبتُ مشنقة للريشة، وقبضتُ عليها، ارتجفت أناملي، غمرتني طباعي الشّرقية حتى النخاع، رميتُ وجه الماضي في الحاوية وأغلقتُ عليه، عدتُ أدراجي منتشية على فعلتي المعيبة، تفقدتُ هاتفي مجدّدًا، ما زال صامتًا، الحمد لله، لم يهتف مناديًا باسم أريد نسيانه، أظن أنّني تخلصتُ منه أخيرًا، وبقي الغراب التعيس يراقبني من بعيد!
عدتُ مجدّدًا إلى طباعي الشّرقية، أحارب الحاضر بالماضي، كمن يحارب الخير بالشرّ!.
(1) جزر ساموا: أرخبيل، جنوب وسط المحيط الهادئ، يقيم الرعايا في أستراليا ويتحدثون لغة سامو، لهم معتقدات وطقوس طريفة، أقدم دليل معروف على النشاط البشري في جزر ساموا يعود إلى حوالي 1050 ق.م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا