الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صور الولاء في المجتمع العراقي

سعد سوسه

2022 / 7 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يعد العراق من بين أكثر الدول العربية التي شهدت تحولات وأحداث سياسية عنيفة منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة في العشرينيات من القرن الماضي وحتى وقتنا الحاضر وقد كان لهذه التحولات والإحداث بقدر ارتباطها باعتبارات المصالح والسياسات والتحالفات الدولية والإقليمية من جهة وتضارب أو تلاقي أفكار وأهداف الإطراف والقوى السياسية العراقية المختلفة من جهة أخرى في كيفية إدارة شؤون الدولة أثاراً شملت مجمل نواحي الحياة في العراق ومن بينها النواحي السياسية التي يمكن أن تعبر عنها بدلالة الفاعلية السياسية والاستقرار السياسي.
ولقد شهد العراق تحولات سياسية تمثلت في الأنظمة السياسية المختلفة التي تولت إدارة شؤون البلاد منذ عام1921 إلى الوقت الحاضر. فمنذ ذلك العام نشأ في العراق نظام ملكي برلماني أستمر حتى عام1958 تعاقبت فيه تسع وثلاثون وزارة على مدى (سبع وثلاثون عاماً) وتعاقب فيه على العرش ثلاثة ملوك هم على التوالي (الملك فيصل الأول، ثم أبنه الملك غازي ثم الملك فيصل الثاني) الذي تسلم العرش بعد بلوغه سن الثامنة عشر ونهاية وصاية الأمير عبد الإله، ثم أنهت ثورة1958 النظام الملكي ليحل محله النظام الجمهوري الذي استمر لغاية وقتنا الحاضر بالرغم من توالي وتعاقب القيادات والمذاهب السياسية المختلفة في قيادته.
لقد أثبتت التجارب السياسية السابقة أن هناك علاقة وثيقة ما بين شكل النظام السياسي المتبع والفاعلية والاستقرار السياسيين للدولة.
ففي العراق يمكن تحديد جملة من المؤشرات يمكن من خلالها قياس أداء الأنظمة السياسية المتعاقبة في مدى تحقيق الفاعلية والاستقرار السياسيين وما يتبعه من تقدم اقتصادي واجتماعي منها ما يتعلق بمدى النجاح في تطبيق قواعد الديمقراطية والحريات العامة والمشاركة في الحكم والتداول السلمي للسلطة والتعامل مع المسألة الكردية والمسألة الطائفية، ومنها ما يتعلق بنوعية العلاقات الخارجية مع المحيطين الإقليمي والدولي.
ذهب المثقفون العرب إلى دراسة الولاءات التقليدية التاريخية في مجتمعنا من منطلقات يفسرون بها تركية المجتمع العربي . فهذا الأنصاري يذكر أن المجتمع العربي الإسلامي بتنازعه ثلاث ولاءات : الانتماء العقائدي الحضاري والانتماء العصبي والانتماء السياسي أي الانتماء إلى الكيانات السياسية قديمة كانت أم حديثة ( 1 ) ، في حين يذكر برهان غليون "عاش الوطن العربي منذ الفتح الإسلامي في إطار إمبراطورية أو سلطة كبرى تظم شعوبا متعددة يربط بينها الولاء للإسلام أكثر من الولاء للدولة " ويضيف بعد أن يفسر عدم قدرة الدولة على فرض ولائها واستقطاب الجماهير حولها " في حين أن الانتماء إلى الجماعة المحلية أو العائلية أو الطائفة هو التعويض الرئيس عن سطحية التماهي مع الدولة وعموميتها " ( 2 ) .
أي أنه يرى بأن الانتماء يكون للإسلام بصفته مركز الثقل وليس إلى الدولة أو السلطة . في حين كان ابن خلدون قد أعطى دورا مركزيا للولاء العصبي ”الرابطة العصبية أقوى من الرابطة الدينية أو توازيها“ , إذ نظر إلى أن العصبية هي الوحدة وتتكون من وحدات أبسط فكل حي أو بطن من بطون القبائل وان كانوا عصبة واحدة إلى نسبهم العام، فيهم أيضا عصبيات لأنساب خاصة أشد التحاماً من النسب العام لهم ( 3 ).
أي أن العصبيات القبلية مثلما تشتمل على عوامل الوحدة , فإنها تحمل في ثناياها عوامل مفتتة أيضا، وهذا الأمر لا يقتصر فقط على الولاء العصبي بل يتعدى ذلك إلى الولاء الديني من خلال الولاءات المذهبية والطائفية المتعددة.
وهناك من يرى بأن الولاء يكون لعشيرة أو طائفة أو فكرة أو زعيم , وهو الولاء الذي يلغي شخصية الفرد لأن البقاء ليس له بل لمن أعلن له الولاء , كما عرف الولاء منذ قديم الأزمان, فقد عرف العرب القدماء صوراً للولاء أبرزها صورة الولاء للقبيلة كوحدة اجتماعية متماسكة . لكن الولاء للقبيلة كغيره من الولاءات أفضى عبر تراتيبة ما إلى الولاء لزعيم أي لشيخ القبيلة بوصفه زعيمها وممثلها والناطق باسمها والمتحكم بشؤونها , يعني أن تماهياً ما بين القبيلة والشيخ أصبح معهوداً ( 4 ) . وفي حال عدم رغبة الفرد في الانصياع لكل كبيرة أو صغيرة تصدر عن الشيخ أو زعيم القبيلة , فسيتهم بأنه تمرد على القبيلة لا على الشيخ فقط, وهذا ما جرى لكثير من الصعاليك الذين كان لديهم شعور عال بالحرية والتمرد على العبودية, ما دفعهم إلى أبداء أراء استقلالية, كانت نتيجتها طردهم من قبائلهم وهدر دمائهم وحرمانهم الحماية والرزق .
ويعد الولاء من أساسيات التكوين الذاتي للأمم والجماعات, فهو الرابط المجسد للانتماء إلى والمُوجد للحمة التكتل الذي يُميز جماعة عن أخرى سواء في الرؤى أم في التطبيقات , وإذا ما انتفى الولاء انتفى الارتباط والانتماء, فالولاء علاقة كينونة فردية بالكيان الأكبر, على مستوى الأمة أو الجماعة , وهو لازم وجودي لا غنى عنه لتشييد أي كيان جماعي على المستوى العقدي والسياسي والثقافي . وبقدر أهمية الولاء في قيام ونشوء الجماعة _ وبالذات الجماعة السياسية التي تشكل الدولة _ فإن محور وطبيعة ووجهة الولاء تؤدي دوراً حاسماً لجعله أداة بناء أو هدم للجماعة ذاتها أياً كانت ( 5 ) .
وفي العراق قد أسهمت النظُم السياسية التي توالت على سدة الحكم لاسيما النظام السابق بصورة مقصودة أو غير مقصودة وعلى نحو مباشر أو غير مباشر في تعميق وإثارة النزعات التقليدية المتمثلة في الروح القبلية والطائفية والقومية والمناطقية. وبدلا من أن تقوم هذه الحكومات والأنظمة بتحرير الأفراد من العشائر والطوائف والأثنيات ليكونوا منهم مواطنون صالحون، فإنها عملت على ترسيخ القيم والتقاليد والعصبيات القبلية والطائفية والمناطقية عن طريق إعادة إنتاج القيم والعصبيات القبلية وأشاعتها، وتأجيج الروح الطائفية عوضاً عن بذل الجهود والإمكانات لضمان تلاشيها. مما أثار الوعي والولاء الديني والمذهبي والعشائري...... يتبع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو