الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأصيل الغيبة في المجتمع الإمامي

سعد العبره

2022 / 7 / 10
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


إن موضوعة غيبة الإمام المهدي(عج) من المواضيع التي تتجدد ويتجدد النقاش بها وبجزئياتها، وأسئلة كثيرة تثار من قبل موالين للإمام تارة،ومن قبل غير موالين ومشككين تارة أخرى. لعل كتاب(منهج البحث والتحري في شأن الإمام المهدي) للسيد محمد رضا السيستاني استفاض بتفاصيل دقيقة وتصلح تلك التفاصيل أجوبة لأسئلة كثيرة حول غيبة الإمام والإيمان بها.
ومن النقاط المهمة التي استوقفتني هي عدم تشتت المجتمع الإمامي بعد استشهاد الإمام الحسن العسكري(ع) عام 260هـ وهذا أمر لافت ويشير إلى نضج المجتمع الإمامي فضلا عن شده قربه من الإئمة وتمسكه بتعاليمهم والإيمان المطلق للإمام المعصوم،وإلا كيف يتفاعل مجتمع مع إمام غائب بعد وفاة أبيه ؟

نحن اليوم،نعيش صراعا قويا مع الملحدين في أصل من أصول الإسلام وهو التوحيد وإن كان الإعجاز الإلهي لا يخفى على عين متدبر. فكيف يقتنع الآخر بالإمام ؟ بل كيف يقتنع الآخر بإمام غائب ؟
المسألة ليست بهذه البساطة،فليس للإمام المهدي(عج) معجزة في الأرض لنستدل بها كما نستدل على الأنبياء او كما نستدل على ربوبية الله. الأمر مختلف.


حقيقة ان السيد محمد السيستاني قد أشار إلى ذلك بقوله: لا يمكن إنكار الإمام المهدي(عج) من منطلق إنكار أصل الدين أو نفي الإسلام أو نفي الاصطفاء.
وبهذا يكون موضوع الإمام المهدي شأن إمامي اثني عشري، فغيرنا لا يبحث عن إمامه، فالملحد وغير المسلم وغير الإمامي لا تشكل غيبة الإمام أو حضوره أهمية لديه. فهل سيؤمن هؤلاء لو كان الإمام حاضرا ؟ وهل آمنوا بمن قبله من المعصومين الذين عاشوا بين الناس ؟ وهل يحتاج علي بن ابي طالب إلى شهادة اثبات ؟
إن الإيمان والتصديق بالإمام المهدي(عج) كإمام معصوم هي مسألة إيمان وعقيدة وارتباط بالرسل. بل هي مسألة إيمان وتمسك بأصلين من أصول الإسلام هما النبوة والإمامة،وعندما أقول بالنبوة،أعني ذلك لأن الإيمان بها يعني الإيمان بشخصية الرسول(ص) وبصدق حديثه،وهو القائل(إني تارك فيكم الثقلين:كتاب الله ،وعترتي أهل بيت،ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا،وهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)،وهو القائل(من كنت مولاه فهذا علي مولاه)،فالذي يؤمن بالنبوة أصل من أصول الإسلام عليه أن يقر بما قاله الرسول(ص)، وبالتالي الإعتراف بالإمام والإمامة.
فثقافة المجتمع الإمامي لم تكن وليدة زمن الإمام الحسن العسكري(ع) فحسب، بل هي ثقافة متأصلة ومتواترة من الرسول الى الإمام علي بن ابي طالب إلى بقية الإئمة اللاحقين. والرسول(ص) ومن تبعه من المعصومين السابقين للإمام العسكري جميعهم قد مهّدوا للإمام الحجة(عج) وغرسوا في أتباعهم القضية المهدوية المتمثلة بالإمام المهدي وهو آخر السلسلة الأثني عشرية، وكما قال السيد المؤلف: أن إنكار نبأ الإمام المهدي(عج) هو إنكار عقيدة أهل البيت من اصلها.


ثم أن المؤشرات والدلائل على ولادة الإمام المهدي كثيرة وتكفي للرد على كل الشبهات التي تثار من قبل المتربصين،لكن هذه الدلائل لا تجد نفوذها في مجتمع غير آمن كما اسلفنا.
إنما هي دلائل للمتبصر وسلاح ثقافي عقائدي لأتباع آل محمد للرد على تلك الشبهات وعدم الأخذ بها،ثم لترسيخ الإيمان في الأجيال المختلفة لخلق مجتمع إمامي رصين،وللحفاظ عليه كمجتمع إمامي عقائدي يتعامل بصدق مع الإمام المهدي(عج) في غيبته،ويستحضره في كل عمل،وينتظره متأملا تغليب الحق ونشر دين العدالة في العالم الاكبر.

بقي أن يعرف الموالي أو أي باحث أن من أهم أسباب الغيبة هو ملاحقة السلطة للإئمة من آباء المهدي والتاريخ يحفظ ذلك، لاسيما وأن وجود أي معصوم في المجتمع يشكل خطورة على السلطة الحاكمة ولا حل في ذهن السلطة إلا الخلاص منه بسجنه أو تصفيته ثم أن موقف الإمام المهدي أكثر خطورة على الدين الإسلامي وعلى سلسلة الإئمة وعلى المجتمع الإسلامي إذا ما سجن او قتل لا سامح الله.
فإن تصفية الإمام المهدي(عج) قطع لسلسلة الهداية واغلاق لباب الإمامة الذي نؤمن أنه لن يغلق حتى تسود العدالة والقسط في المجتمع، وتقام الدولة الإسلامية العادلة ثم أن في مقتله انتشار للضلالة إذا ما عدنا إلى حديث الثقلين.
كما أن ذلك مخالفا لأمر الله سبحانه الذي وعدنا في تغليب الحق على الباطل كما أنه يساهم في انقطاع رجاء الامة بالهدى الإلهي المتمثل بالمعصوم الأخير الذي سيجمع البشرية على كلمة سواء.
لذا غيّبه الله وأبعده عن خطر السلطات الحاكمة بعد أن توفرت كل المؤشرات المؤكدة على ولادته وعلى إمامته بل ان نبأه كموعود لا يخفى على كل الديانات مع الاختلاف في بعض الجزئيات كولادته أو اصطفائه او غيرها. وإن الاصطفاء هو المبدأ الأكثر خطورة وهو أساس الاختلاف إذا ما عرفنا أبعاده التي أشار إليها المؤلف من أولوية الإئمة بالحكم والتسديد الإلهي والرجوع إليهم في امور الدين.
وقد لازمت الغيبة الوعد،فهو الموعود لأنه موعود بالظهور مهما طالت غيبته،وموعود بقيادة العالم كإمام شرعي،وهو المنتظر من قبل الموالين ولاسيّما المظلومين فهو الناصر لهم،وهو المهدي لأنه إمام هدى،وعلى يده ستكون هداية الجميع إلى الصراط المستقيم بمشيئة الله،أما اسمه الحقيقي فهو محمد ويعد من خصائصه التي تدحض مدعي المهدوية ممن لا يحملون اسمه. ولقد أنبأ الله به لأهميته ولإلقاء الحجة على الناس كما وعد بالنبي الأحمد في الرسالات السابقة.
ثم ان الذي يريد ان يتحرى ويبحث في شأن الإمام المهدي(عج) عليه أولا أن يتأمل ذلك وفق منهج تاريخي وروائي ملائم وسلك السبل الموضوعية الضرورية في تحقيق البحث،وإلا لا يمكن أن يصل إلى نتائج حقيقية ولا يمكن أن يكون بحثه بحثا موضوعيا إن لم يهيئ الأدوات الملائمة ودون أن يكون حياديا غايته الوصول إلى الحقيقة غير مضمر لغاية أخرى وغير مضمر لحكم مسبق أو نتائج مسبقة تفرضها عليه تيارات أو ايدلوجيات أوأفكار يميل أو ينتمي إليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا الأميركية تهدّد ب«طرد» الطلاب الذين يحتلّون أ


.. دونالد ترامب يحمل نتنياهو مسؤولية هجمات 7 أكتوبر 2023| #مراس




.. ما تداعيات ومآلات تدخل شرطة نيويورك لفض اعتصام الطلاب داخل ج


.. مظاهرة لأهالي المحتجزين أمام مقر وزارة الدفاع بتل أبيب للمطا




.. الرئيس الأمريكي جو بايدن: سنعمل مع مصر وقطر لضمان التنفيذ ال