الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صادقة خانم

مناف الحمد

2022 / 7 / 10
الادب والفن


كان الاتصال الجسدي برجل رغبة مؤجلة على مدى خمسين عامًا لصادقة خانم، وهي خمسة عقود انقضت بدون ارتباط بزوج. بعد انصرام ذلك الجزء من العمر أصبحت الرغبة المؤجلة منسيًا من ضمن منسيات، وباتت تزجية الوقت في مشروعها الخاص وسيلة وحيدة لملء الفراغ.
كانت علاقة صادقة خانم بحزبها الذي انتمت إليه في باكورة شبابها قد انقطعت بشكل شبه كلي، ولم يكن انفكاك عرى العلاقة لمواقف مبدئية وإنما كان لانشغالات دفعت متطلبات هذا الانتماء الحزبي إلى درجة بعيدة في سلم الأولويات. قررت صادقة خانم أن تضيف إلى نشاطها الخاص نشاطًا سياحيًا فسافرت إلى عواصم عربية وأجنبية وكانت قدرتها على عقد الصلات الاجتماعية متميزة فنسجت صلات في أنحاء كثيرة من العالم وتركت لدى كل من عرفها انطباعًا جميلًا. في اللقاء الوحيد الذي جمعني بصادقة خانم بعد بلوغها سن الثمانين في بيت جدها العريق في الجميلية الذي كانت تتردد عليه بين وقت وآخر أسرّت لي أنها تملك كنزًا ثمينًا ورثته من أهلها وأنها انتظرت طويلًا بلا جدوى نصيبًا مناسبًا يشاركها في تكوين أسرة يساهم هذا الكنز في تشييد بنيانها. انقضاء العمر بدون تحقق هذا فرض عليها الإفصاح عن سرها لموضع ثقة مثلي كما قالت.
لم أستغرب أن تمتلك صادقة خانم ثروة طائلة، فهي سليلة أسرة حضرية عريقة يتفاخر أجدادها بأنهم أول من عاقروا الخمر في بلدهم المحافظ، وأن نساءهن أول من خرجن من بيوتهن سافرات في سلوك يمثل فائضًا ترفيًا لاقبل لعموم مجتمعهم بامتلاكه.
رافقتها إلى سرداب المنزل الذي قالت إن الكنز موجود فيه وكان الباب الموصد مغبرًا وقد تفنن العنكبوت في نسج أعشاشه في أعلاه.
بمجرد فتحه شاهدت صناديق متراصة لا تكاد تفسح ممرًا للحركة، وقد مرت لحظات إغراء الثروة سريعًا قبل أن تفتح الصناديق القريبة، فإذا بالعملة الموجودة فيها عملة كاسدة كان الناس قد هجروا التعامل بها منذ عشرات السنين.
حديث صادقة خانم عن الكنز، وهي تستمر في فتح الصناديق المملوءة بنفس العملة وعن المشاريع التي تريد مني تأسيسها باستثماره دفعني إلى إخفاء خيبتي ومسايرتها في حديثها.
قبل أن اغادر المكان أفضت إلى بسر آخر قائلة إنها تريد مني أن أهمس في أذن ذلك العجوز الذي يمتلك محلًا لبيع الروبابيكيا في أول الحي أنها طالما استلطفته وشعرت باستلطافه لها، وطالما تمنته زوجًا لولا يقينها من رفض أبيها من منطلق طبقي.
في اليوم التالي جئت بسيارات نقل حملت صناديق العملة الباطلة إلى بائع الروبابيكيا وحققت رغبة صادقة خانم بالاتصال بحبيبها السابق فحملتها إليه في سيارة خاصة لكي تكون جزءًا فريدًا من بضاعته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??