الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطلاب العرب في الجامعات الاسرائيلية ينتصرون

منال شلبي

2022 / 7 / 10
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


عدنا في نهاية السنة الدراسية الأكاديمية الحالية، إلى نقطة الصفر التي اختبرناها خلال أحداث أيار 2021. حيث تُذكرنا الأحداث الأخيرة التي وقعت في جامعتَي تل أبيب وبن غوريون – الاعتقالات على مدخَليهما، التحريض العنصري عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هتافات "الموت للعرب"، والعنف تجاه الطلّاب العرب الذين تحولوا لأعداء– بنقطة انطلاق أحداث العام الماضي. فالطلّاب والمُحاضِرون العرب يختبرون مجدّدًا، إرهابًا وترويعًا. بل وتطفو صدمة أيار 2021 على السطح خلال أحاديثهم ليظهر الألم، السخط واليأس في كلّ جانب من جوانب حياتهم الأكاديمية والسياسية.

لكنّ وبخلاف العام الماضي تحولت أحرام الجامعات الى ميدان صراع واسع يؤثّر على مصيرنا جميعًا، بل ويؤثر على مستقبل الحيّز العامّ في إسرائيل. فهل ستتحول الجامعات إلى حيز إثني يهوديّ يمارس الفَصل، العنصرية والقمع؟ أم أنها ستضحي حيّزًا تعدّديّا، ديمقراطيّا، حُرّا، مُتضامنًا، ومتساويًا لجميع الفئات المختلفة؟ وما هي وظيفة مؤسَّسات التعليم العالي في هذا الصراع؟

لطالما كانت الجامعات في إسرائيل ميدانًا للحوار السياسيّ ولنشوء الأفكار الجديدة والنضالات المشترَكة. فقد كانت حيزا آمنا بدأ من خلاله سياسيّون كُثر ينتمون لشتى الأطياف السياسية، مشوارهم السياسي في نقابات الطَّلَبة. كما كان التعليم العالي ولا يزال الاستثناء الوحيد الذي يقف في وجه الفَصلِ شبه التامّ بين اليهود والعرب في جهاز التربية والتعليم الإسرائيلي، حيث يلتقي الطلاب العرب باليهود للمرة الأولى في حياتهم فقط خلال دراستهم في مؤسسات التعليم العالي.


لكنّ تغييرًا ملحوظًا طرأ في السنوات الأخيرة على تركيبة طلاب الجامعات الإسرائيلية. فقد درس عام 2010 ووفق بيانات مجلس التعليم العالي في إسرائيل نحو 26,000 طالب عربيّ في الجامعات الإسرائيلية لتصل نسبتهم إلى 9% من مجمل الطلّاب. لكنّ عددهم تضاعف بعد عقدٍ من الزمان ليبلغ نحو 53,000 ولتصل نسبتهم إلى 17.2% من مجمل الطلّاب مُقتربة بذلك من نسبة تمثيل المجتمع العربي السكاني العام التي تصل إلى 20%. لم تؤثر هذه التغييرات لا على سياسات تخصيص الموارد التمييزية ولا على تركيبة الطواقم الإدارية والأكاديمية – لكن ارتدى الحرم الجامعي الإسرائيلي حُلة أكثر تنوّعًا. حيث يدرس الطلاب العرب اليوم وعلى الرغم من الصعوبات الثقافيّة والمسافات الجغرافية التي تفصلهم عن بيوتهم وأسرهم، مواضيعا كانت قبل مدّة شبه حصريّة للطلّاب اليهود كالخدمة الاجتماعية، عِلم النفس، الحقوق، الطبّ، والهندسة، بل وها هم اليوم ينافسون الطلّاب اليهود ويحقّقون إنجازات مُذهلة.

لكن لمن لا يعرف كان هذا بالضبط سببَ الحرب التي شَنتها جهات يمينيّة، سياسيّون ومجرمون في الحيز العام وعبر الإنترنت على الطلّاب العرب الذين يدرسون في مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل خلال أيار 2022. فقد تحول الطلاب العرب الذين اكتسبوا قوّة وتأثيرا سياسيّا واقتصاديا، وطالبوا بالاعتراف بحق تقرير مصيرهم في الدولة عُمومًا وفي الجامعات على وجه الخصوص – إلى تهديد فوريّ على الوعي اليهودي الفوقيّ الذي يسيطر على الحيّز العامّ.

لكنّ، المعركة على مستقبل الحيز العامّ في إسرائيل ما زالت في بدايتها. حيث يشير الواقع إلى أنّ نضال الطلّاب العرب، المحاضرين العرب، مؤسسات المجتمع المدني التي تناضل من أجل حيّز عامّ متكافئ، تعدديّ، يتَّسِم بالاحترام، بدأ يؤتي ثماره. فها نحن نشهد صمود وعناد الطلاب العرب رغم العنف المُمارَس ضدّهم. فقد لقَنَنا الطلاب العرب درسًا هامًّا في التصميم والتمسُّك بالهدف. حيث رفرفت عشرات الأعلام الفلسطينية بكلّ فخر واعتزاز خلال طقوس إحياء ذكرى النكبة في ميدان أنتين الواقع في جامعة تل أبيب بل وأجرت لجان الطلّاب العرب في جامعة بن غوريون مفاوضات ناجحة مع الجهات الأمنية في الجامعة وأحيَت ذكرى النكبة التي تخللها رفعُ الأْعلام الفلسطينية والأغاني الوطنية التحررية. كما ويكتب بل وينشر اليوم عدد لا بأس به من الطلّاب الجامعيين والباحثين العرب، معلومات تاريخية-ثقافية فلسطينية حديثة داخل وخارج إسرائيل. وعليه فإذا اضطر الطلاب العرب خلال أيار 2021 الماضي لمغادرة الجامعات ومساكن الطلبة، فإنّهم اليوم أي في أيار 2022 رغم كلّ عمليات الترهيب والترويع الممارس ضدهم، مستمرون بالدراسة، التنظُّم والتظاهر.
بات دور مؤسسات التعليم العالي وفي ظل هذه الأزمة تحديدًا، حاسما. تُرى أي جانب ستختار؟ أستقوم بتعزير قيَم المساواة، حريّة التعبير، الاحتجاج، النزاهة، والاحترام في الحيّز الأكاديميّ؟ أم ستصمت في وجه التحريض المتفاقم؟ أستعزز أمن الطلّاب العرب الشخصيّ أم ستتيح المجال أمام تنظيمات فاشيّة كـ "إم ترتسو" لتنشر الخوف واليأس في صفوف مجموعة طلابية آخذة بالنمو؟ أستستمرّ باستقبال الطلّاب العرب وتشجيعهم على الانخراط في الاقتصاد المحليّ والمجتمعي، أم ستُشيحُ بنظرها عن التطرّف المتفاقم؟ وما الذي سيحدث في أيار من السنة القادمة؟

ختاما يتحتم على المؤسَّسات الدراسيّة القيام بكل ما وسعها خلال الصيف كي تضمن سلامة وأمنَ الطلّاب العرب، عند عودتهم إلى الجامعات في الخريف القادم. يقع على عاتق هذه المؤسسات خلق حيّز آمن، خالٍ من التحريض، العنصرية، الأزياء العسكريّة والسلاح، حيّزٌ حُر يعزز المساواة والاحترام. لكن وفي حال تقاعست هذه المؤسسات عن أداء واجبها، فَسننزلقُ مجددا في أيار 2023، إلى القاع نفسه.

د. منال شلبي هي مُحاضِرة في كليّة الخدمة الاجتماعية في جامعة تل أبيب ومن مُؤسِّسات خطّ الدعم للطلّاب الفلسطينيين في "أكاديميون من أجل المساواة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم