الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمتا بافاريا ومدريد تبشران بالديموقراطية

بسام ابوطوق
كانب

(Bassam Abutouk)

2022 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


بين 28 إلى 30 يوليو استضافت مدريد زعماء حلف الناتو في قمة استثنائية وفي لحظة تاريخية

تفتح كماً من مواجهة الأسئلة واستدراج الأجوبة واقتراح حزمة حلول وقرارات مصيرية منها الآني

ومنها المؤجل، للتعامل مع المعالم المستجدة على المسار الحرج الذي يسير عليه هذا الحلف العالمي

مدفوعاً بتطورات متسارعة وتحولات مضطربة جعلته ينوس بين خيارات الزوال لانتفاء غاية تأسيسه،
وبين التحور ليبقى له أسباب التواجد ومواجهة الأخطار والمهام المستجدة.

نشأ حلف الناتو بوصفه حلفاً دفاعياً بين ضفتي المحيط الأطلسي الشماليتين في مواجهة الارتدادات
الناشئة عن انتهاء الحرب العالمية الثانية، من حيث تقاسم التركة الألمانية المندحرة مع الخصم الجديد
المتمثل في الدب الروسي المتوثب عبر الاتحاد السوفييتي وهيمنته على دول أوروبا الشرقية، فكان لابد

أن تعاد صياغة مراكز الثقل ومواقع النفوذ وخطوط التماس وأشكال الصراع بما يتناسب مع هذا التموضع
الجديد للقوى العالمية وتحالفاتها وهكذا تأسس حلف الناتو ليجمع معسكر لأنظمة عالمية غربية عرّفت ماهيتها
وأسباب وجودها بكونها أنظمة ديمقراطية، سياستها الحريات العامة واقتصادها السوق المفتوحة وافكارها شفافة
وإنسانية، في مواجهة معسكر لأنظمة عالمية شرقية سياستها الاستبداد والأوليغارشية واقتصادها السوق المحمية
المغلقة وأفكارها قومية ومتعصبة

تمظهر هذا الصراع بمصطلح جديد على التاريخ البشري العالمي وهو الحرب الباردة، حيث إن هذا الصراع لا يصل
إلى حد استعمال السلاح الذي أضحى نووياً شامل الدمار. عدا ذلك يحشد كلا المعسكرين كل أساليب الضغط
للحصول على مكاسب مادية أو معنوية. وتعد الأحلاف العسكرية المتفرعة من أشرس وأنعم هذه الأساليب في
آن واحد، وهي وسيلة ضاغطة وخانقة من وسائل الحرب الباردة بدأت بحلف جنوب شرقي آسيا وحلف بغداد،
وفي مواجهتها وكرد فعل على هذه الأحلاف تأسس حلف وارسو تم تبريد مناطق الاحتكاك الساخنة وتم تسخين
مناطق الاحتكاك الباردة، ولم يطلق أي من هذه الحلفين طلقة واحدة ضد خصمه طوال فترة الحرب الباردة هذه
ل اكتفى بممارسة الردع ضد الحلف المضاد.

ولدى انهيار الاتحاد السوفييتي ومن ثم زواله عام 1991واجه الناتو خيار انتهاء صلاحيته أو التحور فانحاز الى الخيار الثاني،
وتغيرت الأهداف والوسائل والغايات وتبدل الأعداء والخصوم، واختلفت ثنائيات الأضداد وعم الكيل بمكاييل، لتضيع
وتختلط تعاريف الديمقراطية بالأوليغارشية والتقدم بالرجعية والتكتيك بالاستراتيجية، فعدو الأمس يصبح صديق اليوم
وما يكون خصماً اليوم يمسي حليفاً بالغد، وفيما توجه الناتو بطبعته الجديدة إلى توسيع مجاله الحيوي شرقاً على حساب
انحسار النفوذ السوفييتي، فإن رد فعل الزعيم الروسي فلاديمير بوتين وريث الأحلام الإمبراطورية الروسية هو التدخل
العسكري المباشر في جورجيا وأوكرانيا، مستلهماً إرث الثقافة الروسية في القمار الخطر ومراهناً على أن التدخل العسكري
المحدود سيكون كافياً لردع أوكرانيا والغرب من خلفها على مبدأ أن انضمام جورجيا أو أوكرانيا الى الحلف المعادي وهما في
حالة مواجهة عسكرية مع روسيا يعني دخول هذا الحلف في تلك المواجهة وهو الأمر المرفوض وفق مواصفات وقواعد الحرب
الباردة حسابات بوتين المستندة إلى فرضيات مغامرة ومقامرة لم تكن بحسابات متوازنة والواضح أن سوء التقدير هذا سيؤدي
الى ارتدادات موجعة ظهرت بوادرها في قمة مدريد الجديدة

فقد تمت استعادة تركيا ذات الوزن الإقليمي المؤثر إلى أحضان الناتو بالتوازي مع خروج السويد وفنلندا عن الحياد وانضمامهما
إلى الناتو وما يعنيه ذلك من تحول 1340كم من الحدود الفنلندية الروسية الى حدود تماس للناتو، وتعلن ألمانيا بقواها الاقتصادية
الضخمة وهي الشريك الثاني في القيادة الثنائية الأوربية العليا عن انتقالها من حالة شبه حياد سلمية منذ نهاية الحرب العالمية
الثانية إلى إعداد قوة عسكرية بميزانية هائلة تطمح إلى تعديل ميزان القوى العسكري في القارة الأوربية والبري خاصةً، وبتأييد
ودعم غربي ديمقراطي هذه المرة، كما تمت مضاعفة قوات الناتو للتدخل السريع من 40,000 إلى 300,000 جندي

وأخيراً وليس آخراً، وعلى أعلى مستوى من الأهمية الاستراتيجية وبقوةٍ وزخم، تعود قيادات الدول ذات الاقتصادات المتفوقة
والمجاميع البشرية المتقدمة إلى الأصول، فترفع رايات الديمقراطية والحرية في مواجهة الأوليغارشية والاستبداد، وحقوق الإنسان
في مواجهة انتهاك الحريات ويجري استعادة الأساليب الدبلوماسية، وتنشيط دور المنظمات الدولية في مواجهة الاستعلاء القومي
والقمع المستمر والانقلابات البشعة وقبل مدريد وفي قمة بافاريا أصدر القادة المشاركون+ قادة الأرجنتين والهند وإندونيسيا
والسنغال وجنوب أفريقيا بيانا تحت عنوان مرونة الديموقراطية وبما يحمله تعدد وتموضع هذه الدول على الخارطة العالمية، وبما
يحمله هذا البيان من استعادة مصطلحات الوجه الديموقراطي المضيء أمام الوجه الاستبدادي المظلم.

تختصر الملهاة الإنسانية في حسابات المعتدي العابر للحدود بالقول: لقد نجح الغرب باستفزاز بوتين وإظهار رعونته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات