الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غريب في مدينة أليفة

علوان حسين

2022 / 7 / 11
الادب والفن


في سامسون المدينة التركية وأنا أسير في ساحلها البحري الجميل لمعت في رأسي فكرة الذهاب إلى بغداد برا مع الباص المغادر إلى العراق صباحا ً حيث حجزت تذكرة وإتخذت مقعدي لصق النافذة .
توافد المغادرون تباعا ً من ساحة الميدان نساء ورجال وأطفال بان الحزن في عيونهم وكأنهم ذاهبين إلى المنفى . بادرت الرجل الجالس لصقي بسؤال عن الحزن المرتسم على وجوه المسافرين . تطلع بوجهي متعجبا ً أجاب عن سؤالي بسؤال :
_ يعني تسوي نفسك غشيم ما تعرف الأسباب ؟
_ صدقني ما أعرف ياريت تبينها لي ..
_ عمي هذول الناس ما صدكوا طلعوا من الجحيم والآن أجبروا على العودة بعد أن فقدوا كل شيء . قسم كبير منهم باع بيته وممتلكاته وجاء إلى تركيا يجرب حياة ً جديدة ً وبعد مرور سنوات يفاجأ بعدم تجديد الإقامة وعليه هدم كل ما بناه في سنوات الغربة والبدء من الصفر في بلاد ٍ تطرد الأمل وتقتل الحلم وهو بعد بذرة .
_ أنت شخصيا ً لماذا حزمت حقائب العودة ألست مثلنا ؟
_ أنا في الحقيقة ذاهب في زيارة إلى مسقط رأسي بغداد ..
_ في زيارة إلى مسقط رأسك ونحن في عز الصيف والناس تهرب منها لا تدر ِ أين تعطي وجهها هل أنت مجنون ؟
_ ربما أنا مجنون ربما رجل يبحث عن نفسه في مكان ٍ ما عله يعثر عليها .
في بغداد طلبت من سائق التكسي يقلني إلى فندق هادىء قريب من الكرادة الشرقية ليس رخيصا ً ولا غاليا ً جدا ً بقليل من الصبر وتزجية الوقت مع سائق تاكسي متعاطف وجدت ضالتي في مكان ٍ منزو ٍ بعيدا ً عن صخب السيارات وضجيج الأسواق كان الفندق أشبه بالنزل بيت كبير تسوره حديقة غرفة الإستقبال صغيرة تشع نظافة ً وبساطة إستقبلتني امرأة متوسطة العمر أنيقة بعض الشيء حلوة الملامح إبتسامتها مشرقة ودودة أيضا ً قدمت لها البطاقة الموحدة عليها صورتي وإسمي تفحصتها سجلت في دفتر موضوع الطاولة المعلومات التي تخصني ثم ناولتني البطاقة متسائلة :
_ عجب أنت من مواليد الكرادة الشرقية تود السكن في فندق أليس لك فيها أهل أو أصدقاء ؟
_ لي أخوة وأخوات لكني أفضل العيش بضعة أيام منفردا ً بعيدا ً عن الضجيج .
_ تبدو لكنتك من الشمال هل أنت من الأخوة الكورد ؟
_ لا أنا من بغداد ولدت وتعرعرت في هذه المدينة التي أعود إليها بعد فترة غياب .
_ أهلا ً بك في مدينتك نحن أهلك لو عز عليك الأهل . لامست كلماتها قلبي قلت لنفسي هذه هي بغداد بسيطة رقيقة وقاسية في الوقت ذاته .
تجولت في شوارع بغداد غريبا ً في مدينة أليفة .
حين تعبت جلست في مقهى أم كلثوم لم تكن مزدحمة تغير فيها الديكور أضيفت صور وأزيلت أخرى من على جدرانها لفت نظري الزبائن المنهمكين بلعب الطاولي قبل لم يكن لعب الطاولي مسموحا ً به فقط الشطرنج حين كان الزبائن من محبي الطرب الأصيل متذوقي صوت السيدة أم كلثوم الحالمين جلهم طلاب كليات شعراء وفنانين عشاق تسكرهم الخمرة يرشفونها من حنجرة السيدة تراهم ذاهلين عن العالم يهيمون في جنة ٍ مسحورين محلقين في سموات من صنع الخيال .
لم يتبق من تراث هذه المقهى العريقة غير إسمها فقط . عرجت على شارع المتنبي لا مكان لموضع قدم ٍ من زحمة المتفرجين وكأننا في سوق هرج حيث ينتشر باعة لمختلف الأشياء والكتب تعرض نفسها تتكدس في الشارع تتفحصها عيون الناس كأنها ترتاب أتفحص الوجوه ليس بينها قراء حقيقيين أين ذهب الذين أعرفهم ؟ لم أجد أحدا ً من الأصدقاء أو لعل ملامحهم تغيرت وأنا لم أعد أنا بالنسبة لهم وهكذا تجولت في أكثر الأماكن حميمية ً وقربا ً إلى قلبي غريبا ً لا أعرف ولا يعرفني أحد . أنتقيت بضعة كتب حملتها وذهبت بها إلى الفندق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور


.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان




.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل


.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض