الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا انتعاش للاقتصاد الوطني بدون دعم القطاع الخاص

محمد رضا عباس

2022 / 7 / 11
الادارة و الاقتصاد


تستعمل الحكومات التي تبتلى بالتراجع الاقتصادي بعدد كبير من المحفزات المالية هدفها دعم الاقتصاد الوطني . على سبيل المثال, زيادة المصاريف الحكومية , يزداد الطلب على السلع والخدمات , يزداد بيع وربح الباعة , يزداد الطلب على الايدي العاملة , يزيد الدخل , وينتعش الاقتصاد الوطني. تخفيض الضرائب على دخول الافراد والشركات هو الاخر يؤدي الى نفس النتائج , ولكن هذه المرة عن طريق المستهلكين والمستثمرين . الا ان استمرار المحفزات الاقتصادية الحكومية من سنة الى أخرى دون التأكيد على تطوير القطاع الخاص , يجعل في النهاية من حزم المحفزات غير فاعلة . على سبيل المثال , منذ التغيير والحكومات العراقية من خلال ميزانيتها العامة ضخت المليارات من الدولارات الى الاقتصاد الوطني , الا ان تأثير هذه المبالغ الضخمة قد تبخرت اما بسبب اهمال المشاريع وتركها الى الخراب الدهر , الفساد المالي والسرقات , هروب المقاولين وعدم استطاعة الحكومة بتوفير البديل . وحتى وان لم يكن هناك فساد مالي و سرقات و هروب مقاولين , فان استمرار الدولة على الصرف لفترة طويلة بدون تشجيع القطاع الخاص سوف لن يقضي على نسبة البطالة المتفاقمة وسوف لن يكون بمقدور الدولة من توفير الخدمات التي يحتاجها البلد .
اليابان اعطتنا درسا مفيدا في موضوع التنمية الاقتصادية . كان الاقتصاد الياباني من اعظم الاقتصاديات في العالم خلال أعوام الثمانينيات من القرن الماضي . لقد وصل المستوى المعاشي في هذا البلد الى اعلى المستويات , والاوائل في التكنولوجيا الحديثة . ولكن خلال أعوام التسعينيات من القرن الماضي وسنوات العشرة الأولى من القرن الحديث بدانا نسمع كلمات تحذر تكرار أخطاء اليابان التي نتج عنها "العقد الضائع" في إشارة الى تراجع النمو الاقتصادي ومعدل الأسعار السالب "Negative Inflation" . الخطاء كان استمرار اليابان ضخ أموال الى الاقتصاد الوطني دون الانتباه الى القطاع الخاص , مما أدى الى تراجع النمو الاقتصادي و تراجع في معدل الأسعار , او ما يدعى "التضخم السالب". في هذه المرحلة التاريخية امتنع المواطنين اليابانيين من شراء السلع والخدمات منتظرين تراجع اكبر في الأسعار في قادم الأيام , وهو اجراء معقول ولكنه كان يشكل خطورة التراجع الاقتصادي للبلد.
خسوف الاقتصاد الياباني اظهر محدودية قدرة الحزم الاقتصادية والتي انعكست سلبا على معدل الاسعار , وبذاك يصبح من المعقول بالقول بانه لا يوجد بديل عن القطاع الخاص ,لأنه هو الذي يوفر فرص العمل والاستثمار وهذا ما كان تجهله اليابان . اقتصاديو اليابان تبنوا نصائح نظريات كتب الاقتصاد الابتدائية التي ندرسها لطلاب المرحلة الأولى من اختصاصاتهم , حيث زادوا من المصارف الحكومية, خفضوا الضرائب , وتركوا عجز الميزانية ينتفخ , فيما ازدادت نسبة الديون الى مجمل الإنتاج المحلي من 63% في عام 1991 الى 101% في عام 1997 , وبلغت الى 200% عام 2010 , فيما خفض البنك المركزي الياباني نسبة الفائدة الى الصفر.
الحكومات العراقية بعد التغيير , تركوا القطاع الخاص يغوص في مشاكل قل نظيرها في الدول الأخرى , فيما ركزت جهودها على القطاع العام , القطاع النفطي , واصبح هذا القطاع هو المسؤول عن حياة وموت الاقتصاد الوطني . في زمن الوفرة ينتعش السوق , زيادات الاستيرادات بكل أنواعها , وفي زمن الندرة , كما مرت خلال أعوام 2019 و2020 , ماتت الأسواق وبدء التجار بدفع أجور عمالهم من أموالهم الخاصة . في اليابان كانت الصورة لا تختلف عن العراق , هناك قطاع تصديري متقدم (صناعة السيارات والمعدات الثقيلة والتكنولوجيا) يعيش في وسط قطاع محلي غير فعال , وبذلك وبحسب قول احد المختصين كان 20% من الاقتصاد الوطني يعيل بقية ال 80% . انتعاش سوق التصدير الياباني لم يستمر طويلا , حيث ان ارتفاع قيمة الين في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي أدى الى ارتفاع أسعار الصادرات , و بالأخير تراجعها.
الدرس للعراقيين , وربما للدول الريعية الأخرى هو ان ميزانية الدولة (المصاريف الحكومية) وتخفيض الفوائد على القروض أداتين مهمتين في حماية الاقتصاد الوطني من التراجع ولكنهما يصبحان بدون فاعلية بدون انطلاقة القطاع الخاص . ما الفائدة من المصاريف الحكومية بالوقت الذي يذهب اكثر من 70% منها الى استيرادات سلع وخدمات لا ينتجها العراقيون ؟ وما فائدة تخفيض أسعار الفائدة مع عدم وجود بنى تحتية و قوانين تحمي المنتجين؟ بناء مولات تجارية , وما اكثرها في بغداد وبقية المحافظات العراقية , لا تخلق فرص عمل تقود الى رفاهية العاملين و تمكنهم من بناء بيت عائلي وارسال الأولاد الى المدارس . كل وظيفة المولات التجارية هو تسويق (بيع) بضائع غير مصنوعة في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن .. سعر الذهب اليوم الأحد 2 يونيو


.. كلمة أخيرة - وزير التموين: سنكون سعداء لو طبقنا الدعم النقدي




.. كلمة أخيرة - وزير التموين: صندوق النقد لم يطلب خفض الدعم.. و


.. منصة لتجارة الذهب إلكترونياً بالحلال




.. البنك المركزي اليمني يوقف التعامل مع 6 بنوك لم تلتزم بقرار ن