الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 7

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2022 / 7 / 11
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


The nuclear arms race and the humanitarian catastrophe 7

من المشاكل المعقّدة تلك التي تتّصل بالوضع الامني والسياسي مع تعلّقها بشكل مباشر بالبيئة التي تتلوّث بما يدخل خارجياً عليها من اي تأثير كيميائي او احيائي. بل الاكثر تعقيدا تلك المتعلقة بوجود التاثيرات الاشعاعية وما تتركه العناصر والنظائر المشعة والمنحلة من تاثيرات على البيئة في كل انواعها. وما تركه الاشعاع من استخدامات خطيرة على البيئة الصناعية والزراعية والبشرية عموماً في عدد من المناطق على مستوى العالم، كان تاثيره سلبيا بشكل كبير. كما هو حاصل في العديد من البيئات. والسؤال الصعب ليس هنا بل هو، عن التاثير الذي ستتركه الفعّاليات من فعل استخدام الاسلحة النووية والتي تحتوي على العديد من النظائر المشعة وباعمار زمنية متباينة يصل تاثيرها الى المستوى الذي لا يمكن السيطرة عليه. ففي العراق مثلاً وما تركه الاستخدام النووي والاشعاعي من تاثيرات يثير القلق باستمرار. فمثلاً أشار أحد الأطباء من خلال آرائه إلى عدد من التلوثات، فقد كانت آراء الدكتور شريف فاضل العلوجي المتخصص في الأورام السرطانية من محافظة بابل إلى أن سرطانات مختلفة وأهمها سرطان الرئة تم تسجيلها في السجلات الصحية في المحافظة قبل عقد من الزمان. وخلال دراسة قام بها إستنتج أن 780 حالة مرضية خلال 15 سنة منها 86 حالة خلال خمس سنوات قبل الحصار و694 حالة منها خلال عشر سنوات بعد الحصار، وعدد الوفيات لنفس المرض خلال خمس سنوات قبل الحصار كانت 62 حالة وخلال 10 سنوات بعد الحصار 650 حالة. وتأكد أن اليورانيوم المنضب من أهم العوامل المسرطنة لهذا النوع من الأورام والذي دخل حديثا للبيئة العراقية، منتجا أوراماً عالية العدوانية لها قابلية الإنتشار السريع ومقاومة العلاجات ضد الأورام، وتأكد نتيجة الفحص الجوال آثار العوامل المشعّة على النسيج الرئوي. أما الدكتورة رواء زكي فقد أجرت دراسة أثبتت فيها زيادة الحالات المشوهة للولادات بنسبة %387.5 و %1175 على التوالي لعامي 1998 و1999 لمرض سرطان الأطفال وأكد مصدر مسؤول لـ «الشرق الأوسط» أن سرطان الأطفال في العراق أكثر شيوعاً من مثيلاته في الغرب، وتشكل ثمانية بالمائة من حالات السرطان كافة في العراق مقارنة بواحد بالمائة في الدول المتقدمة، وإن أكثر السرطانات شيوعاً بين الأطفال هو سرطان الدم تتبعها سرطانات الجهاز اللمفاوي والدماغ وبقية أورام الجهاز العصبي، ويؤشر سجل السرطان زيادة في عدد ونسب حالات سرطان الدم في المحافظات الجنوبية من العراق في العام 1993. فعلى سبيل المثال شكل سرطان الدم في محافظة البصرة نسبة %9 ولغاية العام 1998 أما بالنسبة لمحافظة ميسان فإن نسبته بلغت %14، وبصورة عامة فإن نسبة حالات السرطان للدم من بين جميع حالات السرطان الأخرى وصلت إلى %6 لغاية العام 2000.
ويقول الدكتور علاء العلوان وزير الصحة العراقي (الأسبق) في بحث أعده عن الوضع الصحي في العراق لغاية عام 2007، لاشك بأن النمط المتزايد لحالات سرطان الدم التي يتم الإبلاغ عنها يحتاج إلى دراسة أعمق، فإن رفع كفاية سجل السرطان وخصوصاً في المحافظات الجنوبية من الأمور ذات الأولوية.
لقد نتج عن حرب الخليج الثانية عام 1991 تلوث إشعاعي خطير يعادل نحو سبع قنابل ذرية مما سبب كارثة بيئية وصحية كانت ومازالت من أسوء نتائجها إنتشار أمراض السرطان في العراق، خصوصاً في الجنوب. ولم تقتصر الأضرار على الإنسان، بل قد أكدت دراسة لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية وجود تلوث إشعاعي في التربة وفي بعض النباتات بتراكيز متباينة من نظيري الثوريوم ـ 243 والراديوم ـ 226 والبزموث ـ 214 يفوق ما هو موجود في المناطق الطبيعية وقد أفرز ظهور حالات مرضية غامضة، وتشوهات خَلْقية وحالات إجهاض وأمراض سرطانية أخرى مثل سرطان الدم والغدد اللمفاوية والثدي، فضلاً عن التلوث البيئي واسع الإنتشار في المنطقة. وأشير إلى ضرورة إجراء دراسة لمستوى النشاط الإشعاعي من النباتات الطبيعية وإحتمال إنتقالها إلى الإنسان عبر المواد الغذائية، وأكدت بحوث عديدة إلى أن الحرب الأخيرة على العراق في مارس (إذار) 2003 إستخدمت فيها أسلحة اليورانيوم المشعّة من جديد وبكميات قدرت بأربعة إلى ستة أضعاف أسهمت في إنتشار الولادات الميتة والتشوهات الولادية والأمراض السرطانية. وتشير وزارة الصحة العراقية آنذاك عن وجود أكثر من 140 ألف عراقي مصاب بالسرطان حالياً، تضاف إليهم 7500 حالة جديدة كل سنة (يمكنك الحساب لغاية العام الحالي 2022، كم من الحالات من الاصابات التي تنتج خاصة مع الوضع الصحي المتدهور اصلاً في العراق وسط مناكفات السياسيين على مناصب تافهة وعلى من يغنم من خزينة الدولة!) ويستقبل مستشفى الطب الذري والإشعاع في بغداد كل يوم عشرات الحالات من كافة محافظات البلد، وقد رفض المركز تزويد بعض الباحثين بالإحصائيات المتوفرة لديه بإعتبارها من الأمور التي لا يجوز التصريح بها والحديث منذ عقد من الزمان. وقد حصلت عدد من الوكالات التي لاترغب بالتصريح المباشر إلى أن هناك 300 موقع ملوث بمادة اليورانيوم، وأن القسم الأكبر من هذه المواقع يقع جنوب العراق، وهي المنطقة التي شهدت شن حربين متتاليتين من قبل الولايات المتحدة الأميركية على العراق. وقد قامت العديد من مجاميع من الصحفيين بحملة تجول على المناطق المحيطة بمفاعل تموز في منطقة التويثة جنوب بغداد، وقام عدد من الصحفيين بتقديم العديد من الأسئلة حول التلوث وتأثيراته على الساكنين هناك، وقد أشار أكثر من مواطن إلى أن المفاعل بعد تعرّضه للقصف في الحرب الأخيرة كان عرضة للعبث وقد إستحوذ العديد من المواطنين على المواد منه، وإستخدمت كعبوات لخزن المياه أو مواد للإستعمالات الأخرى، ويؤكد البعض أنه تم العثور على حاويات ذات علامات تشير إلى النشاط الإشعاعي، والمصادر المشعّة في المزارع والقرى والأحياء والمنازل المحيطة بالموقع وتم إستخدام الحاويات الملوثة للأغراض اليومية من قبل السكان، ولم ترد أي جهة صحية لمعالجة أو متابعة وضعهم الصحي. وقال مصدر مسؤول في نقابة الصيادلة في العراق، أن القوات الأميركية إستعملت خلال الحرب الأولى على العراق عام 1991 قذائف ضد الدروع مصنوعة من سبيكة يدخل في تركيبها اليورانيوم المنضب (كقنابل قذرة) وهو عنصر ثقيل الوزن وأن العسكريين يبررون إستعماله المعلن بأنه يعطي القذيفة قدرة أعلى لإختراق الدروع، أما غير المعلن، فهو معدن منضب إشعاعيا ويعد من فضلات إشعاعية يجب التخلص منها من أراضي الولايات المتحدة الأميركية وأشارت نقابة الصيادلة إلى أن لجان الأمم المتحدة قدرت وجود 300 ـ 350 طنا من اليورانيوم المنضب في العراق قد إستخدمت في العمليات العسكرية، وأمكن العثور على %20 منها فقط، والباقي ما تزال مدفونة في رمال الصحراء العراقية أو تحولت إلى غبار مشع. وتشير وزارة البيئة العراقية إلى إستخدام اليورانيوم المنضب في حربين متتاليتين على العراق من قبل القوات الأميركية على أنها (قنابل قذرة) وأنها قامت بمخاطبة برنامج الامم المتحدة لحماية البيئة
UNIP
على إعتبار أن اليورانيوم المنضب مادة أقل ما يمكن أن توصف به هو كونها مادة مصنعة ووجودها في التربة أو داخل العناصر البيئية لا بد أن يترك أثراً. ولذلك كان لا بد من تقييم هذا الأثر عبر مخاطبة برنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة لمحاولة إيجاد حلول مناسبة لإزالة هذا الأثر. ووضّحت وزيرة البيئة العراقية (الأسبق) في تصريح لإحدى الصحف العربية (أن معالجة النفايات والإشعاع من أولويات وزارتها التي تسعى وبكل الوسائل إلى رفع دعوى قضائية وجرمية على من تسبب في تلوث البيئة العراقية على مدى السنوات السابقة. وأضافت كذلك إلى أنه جرت في السابق عدة محاولات من قبل منظمة الصحة العالمية لتقييم الأثر الناجم) نشر هذا التقرير في صحيفة (الشرق الأوسط) بتاريخ أحـد 15 ربيـع الأول 1426 هـ 24 أبريل 2005 العدد 9644 (اي منذ 17 عاماً ومازالت المعاناة مستمرة الى الان بسبب عدم وجود المعالجات المناسبة التي تحتاج الى تدخّل منظّمات عالمية مرتبطة بالمنظمة الدولية للامم المتحدة. مع التردّي المستمر للصحة على مستوى البلد عموماً والادهى من ذلك مازالت عملية التهديد الامني المستمر في المناطق التي انتشر فيها التلوث منذ عقدين واكثر من الزمن، والتهديد الاخر التدخّل الواضح لتلك الدول التي عبرت من اجوائها الطائرات التي قصفت العراق بالقنابل القذرة للتمويه على الفعل المشين الذي اودى ويودي بحياة مئات الالاف من البشر. بالاضافة الى ان الحكومات العاملة في العراق منذ الضربات الاولى عام 1991 الى الان لا تمتلك برنامجاً واضحا للمعالجة لعدة اسباب واضحة للجميع!).
وقد أشارت العديد من التقارير الأمريكية نفسها أن العام 2003 شهد نشراً لليورانيوم المنضب في العراق. كذلك وقد قامت العمليات العسكرية بالمساهمة بشكل مباشر بالتلوث البيئي الخطير في العراق. حيث قدر البنتاغون والأمم المتحدة إستخدام الولايات المتحدة وبريطانيا ما يتراوح بين 1100-2200 طن من اليورانيوم المنضب خلال شهرين فقط هما شهرا العمليات العسكرية الفعلية مارس وأبريل. وإستخدام الذخائر التي تحتوي على اليورانيوم المنضب، والتي تؤدي إلى إنتشار غبار إشعاعي يلوث التربة والهواء، ويشكل تهديداً إشعاعياً خطيراً على صحة الإنسان والبيئة. وكذلك القصف المتعمد من الجهتين للسدود، ومصانع الطاقة النووية، وغيرها من المرافق التي تحتوي على مواد خطرة، والتي يمكن أن تتسرب كميات من الإشعاع منها نتيجة القصف. وتكمن خطورة المشكلة في أن آثار هذه الحروب على البيئة لا تعترف بالحدود الدولية. حيث ينتقل التلوث بهذه القنابل القذرة وغيرها عبر عوامل الرياح والتعرية إلى مناطق جديدة ناقلاً معه مخاطر التلوث الإشعاعي. الأمر الذي يجب عدم التغافل عنه أقليمياً، بل هي حالة يجب أن تؤخذ بنظر الإعتبار من قبل جميع الدول في المنطقة التي باتت عرضة لنتائج وخيمة من هذا الإستخدام للقنابل القذرة.
وقد عرف عن هذه القنابل أو هذه الأسلحة عموماً أنها مؤثرة إلى درجة واسعة على مناطق كبيرة في ساحة العمليات أو في الساحة السكانية بشكل عام. ومن هذه الأسلحة التي باتت من الأسلحة الشائعة في العديد من الجيوش هي سلاح اليورانيوم المنضب كما أشرنا وبقايا النظائر المشعّة الاخرى والمخلّفات المتعلقة بالمواد الكيميائية الاشعاعية كذلك. تمثّل هذه مجموعة من مجاميع عديدة مختلفة الانواع والتركيزات من النفايات النووية الناتجة من عملية إعادة التصنيع لنظائر اليورانيوم عالية الإشعاع. حيث توضع هذه النفايات في أشكال متعددة من القذائف الصاروخية أو المدفعية أو الدبابات بل وحتى الأسلحة الخفيفة. وإن أهمية إستخدام اليورانيوم بهذا الشكل هو لإعطاء القذائف قدرة كبيرة على خرق الدبابات والدروع عموماً، بالاضافة الى الصواريخ متوسطة المدى التي تصيب التحصينات الارضية.
إن من الأعتدة التي إستخدمت وتستخدم في معالجة الأهداف بإعتبارها سلاحاً قذراً، هي قذائف المدفعية ومدافع الهاون 120 ملم التي تنتج من غبار أوكسيد اليورانيوم ما يصل إلى ثلاثة كيلوغرامات في الظروف الجوية الإعتيادية. وإن تأثير هذا الأوكسيد يعد تأثيراً مميتاً حيث تصل نسبة الموت فيه إلى %100 في حالات كثيرة، أو على أقل تقدير يؤدي إستنشاقه إلى التسمم في الأماكن التي تبعد مسافات متوسطة وكبيرة عن منطقة التفجير. وإن معاناة الإنسان المصاب قد تصل إلى عشرات السنين إن لم يحصل التأثير إلى الأجيال القادمة من الأجيال البشرية وغيرها.
ومن الأمراض التي يتعرّض لها المصاب بهذا الأوكسيد، الأمراض السرطانية وتليف الرئتين وتليف الكبد والكلية والطحال والأمعاء والجهاز الهضمي والتناسلي، إضافة إلى التغيرات الوراثية التي تؤدي إلى ظهور التشوهات للأجنة في الأجيال القادمة، كما تساهم في التأثير في الجهاز المناعي الذي يعتبر من أهم مجالات الإصابة في العديد من الأمراض الأخرى.
قذائف الكوبلت Cobalt Missiles
يستخدم في هذه القذائف عنصر الكوبلت، حيث تقوم نيوترونات الإندماج بتحويل الكوبلت إلى نظيره بعدد الكتلة 60. وأن الطاقة التي تتحرر من العملية تبعث أشعّة غاما، التي تنتج تلوثاً إشعاعياً كبيراً. إن مثل هذا النوع من الأسلحة يكون قذيفة قاسية، ويمكن أن يلعب الدور الكبير هنا هو السقط الذي تنتجه عملية قصف هذه القذيفة حيث يحتوي السقط المذكور على العديد من النظائر المشعّة والتي تسبب تدمير الهدف وإصابته بالمواد المشعّة الملوثة. وهناك من النظائر ما تختلف في شدتها حينما تتحرر مع السقط الذي تحدثه، فالسقط الذي يحدثه نظير الذهب يستمر بقاؤه فترة ربما تتجاوز عدة أيام. أما التنتاليوم والزنك فإن متوسط نقصان أو تقلص السقط يستمر لعدة أشهر، فإن كلاهما من النظائر التي يجب إكثارها في العنصر الطبيعي، ويزداد حينذاك عدد النيوترونات. أما الناتج المشعّ فإنه ينبعث بقوة، مما يؤدي إلى إمكانية نفاذ أشعّة غاما.
إن الغرض الأساس من إستخدام السلاح هو الإمكانية العالية لنشر العصف أو السقط لتلويث المنطقة المصابة والتي تكون فيها تجمعات جيش العدو!
تستخدم قذائف الكوبلت
cobalt missiles
عند إسقاطها من الجو (مثلاً)، وهناك عدة تجارب حول هذه القذائف تجريها عدد من الدول منها بريطانيا، حيث تقوم قطعات جيوش هذه الدولة بعدة تجارب بإستخدام هذه القذائف.كما أجرت العديد خلال أكثر من ثلاثة عقود، وقد قامت كذلك بتجارب دمج الكوبلت المشعّ كذلك كنظير تحت مقتفي الأثر الكيميائي (تريسر)، وقامت بتفجيرها في إستراليا وكانت ذا قدرة وصلت إلى كيلوطن واحد. وقد كانت عملية التجربة مراقبة من قبل ذوي الإختصاص بالرغم من عدم تحقيق نتائج جيدة، لكن المحاولات مستمرة لتطوير وإنجاح مثل هذه التجارب.
يمكن ملاحظة الإصرار على مثل هذه القذائف ومزج النظائر المختلفة فيها، لسبب زيادة التدمير في الهدف وإصابة مناطق أكبر من مساحته بالنظائر المشعّة ذات الأعمار النصفية المختلفة ليستمر التسرب لفترات أطول! لذلك هناك عدة آراء حول ضرورة إجراء تجارب عن مثل هذا النوع من السلاح خارج الأرض في الأجواء العالية والبعيدة لإبعاد تأثيرها عن بعض المساحات التي لا يراد أن تصيبها القذائف.
القنبلة النيوترونية
وهي نوع من أنواع الأسلحة النووية الحرارية أيضاً، ولكنها من النوع الصغير. وفي هذه القذائف تتولد النيوترونات بطريقة التفاعل الإندماجي الذي لا يمتص داخل السلاح إبتداء، لكن يسمح لهذه النيوترونات بالتسرب إلى المحيط الخارجي لتتفاعل مع المواد التي تخترقها وتخلق منها مواداً مشععة أصلاً.
إن غلاف مثل هذه القذائف يصنع من الكروميوم أو من النيكل، ليسمح للنيوترونات بالإنطلاق إلى المحيط لتلويثه. حيث أن النيوترونات لديها الميكانيزم العالي في التدمير وبالطاقات العالية التي تحملها. بالرغم من ذلك فإن هذه القنبلة تستمر في عملية خلخلة وتدمير المحيط حرارياً. لكن تأثيرات الصدمة لهذه القذائف ذات قيمة ضعيفة أقل من السلاح النووي الحراري القياسي. إن النيوترونات لها القدرة العالية على النفاذ أكثر من أنواع الأشعّة الأخرى، لذلك فلديها القدرة على إختراق حتى المواد التي تستخدم للحماية أحياناً. فتوصف هذه القذائف بأنها أكثر فضاعة من أشعّة غاما.
إن هذه القذائف تمتلك قدرة كبيرة على التأثير والقتل لكل من يتعرّض لها. وأنها تسبب عصفاً كبيراً وكتلة نارية ضخمة علاوة على التأثير الذاتي لها.
إن القنابل النووية تتوزع تأثيراتها على نسب عدة، فالطاقة الناتجة عن عملية التفجير تعادل حوالي %50 من المجموع الكلي للطاقة، أما الطاقة الإشعاعية الحرارية
radiation energy thermal
فتمثل نسبة %35 أما الأشعّة النووية المتأخرة
delayed nuclear radiation
(أي التي تأتي بعد الضربة بفترة زمنية، نتيجة التحلل الإشعاعي المستمر فهي بنسبة %10) أما الإشعاع اللحظي فلا يتجاوز نسبة %5. وهذه النسب ليست ثابتة إنما تعتمد على قوة ونوع التفجير. وهذه النسب هي التي حفزت الكثير من العلماء المتخصصين على تغيير هذه النسب لمصلحة تدمير الهدف الذي أنشئت من أجله القنبلة النووية (يطلق على القنابل النيوترونية تعبوياً إسم السلاح الإشعاعي المعزز منخفض التفجير. والذي له مواصفات منها:
1. يمكن الحصول على نسبة %90 من الطاقة الناتجة من التفجير على شكل أشعّة نووية فورية، أما نسبة %10 المتبقية فتكون على أشكال أخرى للطاقة.
2. إذا ما ألقيت على إرتفاعات معينة محسوبة (تعتمد على قوة تفجيرها وعلى المنطقة الجغرافية للهدف وغير ذلك) من سطح الأرض، فإنها تؤثر على الأفراد فقط من خلال تأثير الأشعّة الصادرة. لكنها لا تؤثر على المنشآت والمصانع بقوة تفجيرها. لذلك يطلق عليها بالقنبلة النظيفة أو الحضارية (تصوّر!).
3. لا تترك تفجيراتها أي آثار إشعاعية في الهدف، أي بالإمكان إندفاع القوات لإحتلال الهدف بعد ضربها بفترة ليست طويلة. فمثلاً لو توفرت هذه القنبلة لتدمير هدف معين بقوة كيلو طن واحد فإنها تعطي إشعاعاً يعادل بتأثيره قوة عشرة كيلو طن للسلاح النووي العادي. علماً أن أغلب الإشعاع الظاهر فيها هي أشعّة غاما.
قنابل المادة المضادة:
من الأسلحة التي تستخدم كصنف من أصناف الأسلحة النووية، قنابل تسمى بقنابل ضديد المادة أو تفاعلات المادة- ضديد المادة، وهي ليست كتقنية الأسلحة النووية التي أشرنا لها. أي أنها لاتستخدم فيها الطاقة التي ينبغي تحررها في عملية الإنشطار أو الإندماج النووي. لكنها تولد عصفاً أكبر بكثير إعتماداً على ما نسميه بالعصف بوحدة الزمن. والذي يعمل إنفجارات ذاتية تبعث أشعّة غاما كالسلاح النووي في عملية تحرير هذه الأشعّة. لذا يمكن تصنيفه ضمن هذا الصنف. كل ذلك يكمن في حالات إفتراضية بسبب الصعوبات الكبيرة التي تعيق تصنيع مثل هذا السلاح الذي مازال ضرباً من الخيال العلمي.
السقط النووي Nuclear Fallout
لقد أشرنا إلى العديد من الأسلحة النووية المستخدمة حالياً وإلى ما في طور التجربة. إلا أن الشيء المهم الذي ينبغي أن نشير إليه هو الخطورة الكبيرة التي ترافق إنفجار هذه الأسلحة والذي نطلق عليه بالسقط النووي
nuclear fallout
إن خطورة التلوث للبقية المشعّة من الإنفجار النووي يكون بشكل سقط نووي ونيوترونات ذات فعالية إشعاعية.
إن الأشعّة المؤينة المتبقية تتأتى من:
نواتج الإنشطار: وهي نظائر ذات أوزان متوسطة تتشكل عندما تنفصل نويات اليورانيوم الثقيل أو البلوتونيوم في عملية التفاعل الإنشطاري. يصل عدد النواتج المرافق للعملية إلى أكثر من 300 من النواتج المختلفة، وإن العديد من هذه النواتج تكون بأعمار نصفية مختلفة. منها ما يكون عمره قصيراً جداً يصل إلى أجزاء الثانية ومنها ما يصل عمره إلى عدة اشهر أو عدة سنوات وهي أعداد قليلة، ولكنها ذات مستويات خطورة مختلفة وهي نماذج أساسية للإنحلال، تتضمن جسيمات بيتا وأشعّة غاما. إن تقييم الفعالية لهذه الكمية من نواتج الإنشطار في الدقيقة الواحدة بعد التفجير تكون مساوية لـ 1021× 1.1 بيكريل أي 1.1 في عشرة للقوة 21 بيكرل (30 غيغاغرام من الراديوم) في توازن مع نواتج إنحلالها.
سنكمل في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى
د.مؤيد الحسيني العابد
Moayad Alabed








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحكم حلب هيئة انتقالية؟.. الجولاني يكشف خطته في سوريا


.. جندي كوري جنوبي ينحني معتذرًا لمواطن بعد نزولهم لفرض الأحكام




.. محللان: موسكو وطهران تضغطان على الأسد واجتماع الدوحة سيكون م


.. مصادر طبية للجزيرة: 36 شهيدا جراء الغارات الإسرائيلية على قط




.. ما حظوظ نجاح جهود التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة؟