الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السبهلله (29)

محمد أبو قمر

2022 / 7 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


تحت عبارة ( محظورات العيد ) ذكر مركز الأزهر العالمي للفتوي الالكترونية عدة نقاط باعتبارها من المحظورت التي ينبغي علي المصريين المسلمين عدم الإقدام علي فعلها ، وفي هذا البيان ، أو في هذه الفتوي بعض النقاط التي تجاوز فيها المركز القانون الذي ينظم حياة الناس ، وتجاوز وجود مؤسسة تشريعية في البلاد لها الحق وحدها أن تصدر القوانين التي تمنع وتمنح ، ثم إن بعض النقاط المذكوره في الفتوي أو في البيان تتجاوز بالكامل وجود دولة وسلطات تراقب مدي الالتزام بالنظام العام ، فضلا عن ذلك كله – وهو الأهم – فإن بعض النقاط المذكورة كمحظورات تعطي المبرر لبعض المتخلفين عقليا والشواذ للقيام بعمليات تحرش لغير الملتزمات بما جاء في البيان من محظورات ، وربما قتلهن ، وفي هذا المقام ينبغي ألا ننسي أن فرج فوده تم قتله بفتوي ، ثم إن حادثة النحر الرهيبة التي تمت علي أبواب جامعة المنصورة لفتاة بريئة تضامن مع قاتلها قطاع كبير من النساء والشباب والفتيات بحجة أنها لم تكن ترتدي الحجاب إلي حد اقتراح أحد الشواذ جمع الأموال لتوكيل محامين كبار للدفاع عن القاتل.

دعنا من ذلك كله ، فتاريخ اعتبار رجال الدين أنفسهم سلطة لهم الحق في المنع والمنح دون اعتبار لأحوال المجتمع ، ودون مراعاة لمدي تأثير مواقفهم علي مسيرة المجتمع الثقافية والفكرية والنهضوية عموما هو تاريخ ممتد ، ويعود ذلك إلي مدي اعتماد السلطة السياسية عليهم في تحقيق أغراض معينة أحيانا ، أو إلي تناقضهم مع السلطات الحاكمة أحيانا حين تتعرض مكانتهم للاهتزاز .

ففي عام 1925 أصدر الشيخ علي عبد الرازق كتابه ( الاسلام وأصول الحكم ) ينفي فيه فكرة الخلافة ويدعو إلي مدنية الدولة ، وكان الملك فؤاد ملك مصر حينذاك يري في نفسه الأحق بالخلافة كبديل للخليفة العثماني حيث كانت الخلافة العثمانية قد سقطت عام 1923 ، وتقول بوابة أخبار اليوم تحت عنوان (وصايا الحكم الإسلامي على الطريقة الميكافيللية ) بتاريخ 4 مايو 2021 (يرى البعض أن الملك فؤاد الأول هو من طلب من الأزهر محاكمة علي عبدالرازق ومصادرة الكتاب، لكي يضمن استمرار خطته في عودة الخلافة بعد انتهائها في تركيا، ووجهت الهيئة سبع تهم تهم للكتاب بالضلال ) وبالفعل حوكم الرجل بعدة تهم أمام هيئة كبار العلماء بالأزهر ، وتم إخراجه من زمرة العلماء وفصله من وظيفته كقاض ، الجدير بالذكر هو أن دعوة حسن البنا للخلافة الاسلامية وتكوينه لعصابته الارهابية عام 1928 تمت تحت اسم جماعة الاخوان المسلمين تمت في ذات الفترة تحت سمع وبصر السلطة والأزهر معا ، ودون ذلك الضجيج المدوي الذي حدث في مواجهة كتاب بحثي علمي فكري ينتصر فيه الرجل للحرية والمدنية والحداثة.

وفي جريدة اليوم السابع بتاريخ 13 نوفمبر 2016 يقول الكاتب أحمد ابراهيم الشريف : بلغ العداء بين الأزهر وطه حسين ذروته إبان معركة كتاب الاسلام وأصول الحكم حيث كان الأزهريون يعتقدون أن طه حسين كان شريكا في كتابة هذا الكتاب مع الشيخ علي عبد الرازق ، و فى سنة 1926م أصدر الدكتور طه حسين كتاب "فى الشعر الجاهلى" وهاجت الدنيا، بقيادة الأزهر، واندلعت مظاهرات الطلاب الأزهريين، وتقدم طلاب الأزهر وشيوخه بالبلاغات التى حققت فيها النيابة العامة مع طه حسين، وفى النهاية حفظت التحقيق ، ولقد تكررت هذه المعركة عام 1932م ضد كتاب طه حسين "فى الأدب الجاهلى" وضغط الأزهر على الحكومة وعلى البرلمان، وصدر قرار مجلس الوزراء بفصل طه حسين من الجامعة .

في جريدة البوابة يتابع الكاتب أحمد الحصري بتاريخ 29 ديسمبر 2018 مارصده الباحث محمود حسني رضوان من بعض مواقف الأزهر من الكتاب والمفكرين -علي عهدة الجريدة والكاتب والباحث - ما قيل عن رسالة عجيبة أرسلها مجمع البحوث الاسلامية بتاريخ 5 يونيو 1972 بتوقيع رئيس المجمع دكتور محمد عبد الرحمن بيصار أرسلها إلي وكيل وزارة الأوقاف في السودان يقول له فيها : إن لجنة الفتوي بالأزهر قد أفتت بأن المفكر السوداني محمود محمد طه كافر ، وختم مجمع البحوث الإسلامية رسالته بالقول «الرجاء التكرم باتخاذ ما ترونه مناسبا» ، وكانت النتيجة أن قام الرئيس السودانى جعفر نميرى بإعدام محمود محمد طه شنقاّ!!.

قد لا أصدق هذه الرواية ، لكن الكاتب احمد الحصري يتابع كثيرا مما رصده الباحث محمود جسني رضوان علي - عهدة الاثنين معا – عن مواقف الأزهر ضد المثقفين والمفكرين والباحثين كموقفه من كتاب د. لويس عوض «مقدمة فى فقه اللغة العربية»، عن الهيئة العامة للكتاب ، وموقف شيوخه من رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ ، ذلك الموقف الذي تسبب في محاولة قتله بعد 36 عاما تقريبا من هذا الموقف ، وموقفه من د. أحمد صبحى منصور وهو أستاذ أزهري صاحب مشروع فكرى، يقوم على تحرير المسلمين من الكهنوت، ورفض مبدأ تقديس رجال الدين، وأن شيخ الأزهر بشر يخطئ ويصيب، وأن الأزهر لا يملك توكيلا للتحدث باسم الإسلام.. وكان من نتيجة ذلك أنه فى عام ١٩٨٧ تم فصله من الأزهر، ومصادرة مستحقاته المالية، وإحالته لمجلس تأديب .

نعود إلي محظورات العيد ، تلك التي صيغت بطريقة سلطوية غير عابئة بما قد يحدث لو أن أحد الشواذ رأي في مخالفة هذه المحظورات منكرا وأراد أن يغيره بالطريقة التي يراها حتي لو كانت القتل ، وأجدني مضطرا إلي العودة إلي عام 1980 حين تدخل السادات في الدستور ليثبت أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة ، فحينذ كأن الدولة قد انشقت إلي نصفين ، وتوزعت سلطتها علي جهتين ، السلطة السيادية صارت من نصيب السلطة السياسية ، أما الحياة الاجتماعية والثقافية والفكرية والشخصية بما في ذلك حرية النقد والابداع والبحث الحر في مختلف المواضيع التي تساهم في نمو الوعي واحترام العقل بما يؤدي إلي الخروج من حالة الجمود والتحجر والخلاص من فكرة التميز دون أي تميز حضاري صارت كلها من نصيب السلطة الدينية ، وأظن أن هذه القسمة مازالت سارية حتي الآن ، أحيانا تتوازن بعض الشي تحت ضغط الرأي العام ، وفي معظم الأحيان يزداد ثقلها حين تري السلطة الدينية أن مكانتها تتعرض للخلخلة ، كذلك الذي حدث حين تحدث الدكتور سعد الدين الهلالي في مسألة الحجاب ، إذ ثارت ثائرة الأزاهرة وهم من قالوا إنه لا يحق لأي شخص التحدث في الأمور الدينية من غير المتخصصين ، وكأن الدكتور سعد الدين الهلالي ليس متخصصا ، فقد تعاملوا معه وكأنه يبيع سميط وجبنة أمام جامعة الأزهر وليس أستاذا تتخرج من تجت يديه أجيال متعاقبة.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا