الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غريب في مدينة أليفة 2

علوان حسين

2022 / 7 / 12
الادب والفن


هذا الصباح بكرت في الذهاب حيث مكان جلوس بائعة القيمر على رصيف الشارع وضعت لي في صحن بلاستيكي قطعة قيمر ودلتني على أقرب فرن صمون ومقهى جلست على أحد أريكة خشبية
فارغة وإستكان شاي مهيل في هذه الأثناء إقتربت مني قطة تبدو جائعة على حذر ٍ تحدق بي بعينين متوسلتين أشرت لها أن تقفز لتكون قربي على الإريكة أقتطعت لها قطعا ً صغيرة ً من الصمون غمستها بالقيمر ووضعتها أمامي وأنهمكنا معا ً نمضغ الطعام . مرت بائعة ورد أبهجني منظر الورد في يدها أشرت لها بالمجيء قدمت لي وردة ً مع إبتسامة لطيفة سألتها عن سعر الوردة قالت هي هدية وما تعطيه بمثابة هدية أيضا ً . ناولتها خمسة آلاف دينار مغتبطا ً بورد الصباح ما تكاد بائعة الورد تبتيعد بضع خطوات حتى أكتشفت بأن الوردة مصنوعة من البلاستيك الرخيص وأن البنت اللطيفة باعت لي إبتسامتها ليس غير . قلت لنفسي هذا صباح بغدادي جديد لا تفسده في التفكير بالورد البلاستيكي ولا في بائعة الورد يكفيك منها إبتسامتها اللطيفة . يكفي أنك في بغداد حيث مرابع الطفولة تأتيها في زيارة ٍ متسللة وكالغريب تسير في شوارعها لا بيت لك فيها لا بلاد تمنحك سرها ووردتها وشمسها لك منها إبتسامة امرأة عابرة . في شوارع بغداد لفت نظري كثرة الرايات والأعلام وتعدد ألوانها مع طغيان اللون الأسود كذلك صور زعماء المليشيات المنتشرة في الساحات وعلى واجهات المباني والدوائر الحكومية . لم أر َ علم البلاد ولا صورة ولو واحدة لرئيس البلاد فقط صور زعماء وقادة معممين . في ساحة التحريرشاهدت بضعة جنود ودورية شرطة تحتل منتصف الساحة ولا أثر لمتظاهر أوقفت شرطيا ً سألته مازحا ً :
_ هل التظاهر مسموح به وفق القانون ؟
_ ها حجي تريد تتظاهر ؟
_ نعم أود التظاهر ولو منفردا ً ..
_ الساحة لك يابطل أهتف بما تشاء , أشتم لو شئت الحكومة أو البرلمان لا أحد يمنعك من ممارسة حقك أنت في العراق الديمقراطي .
_ هتفت بأعلى ما أملك من صوت يسقط وقبل أن ألفظ الحرف الأخير من الكلمة هرع نحوي الجنود المدججون بالأسلحة عملوا طوقا ً من حولي وتلاقفتني أياد كثيرة تحملني لتضعني في سيارة جيب عسكرية وتنطلق بي إلى جهة ٍ مجهولة . سمعتهم يتحدثون مع الضابط المسؤول ويشرحون له الموقف كان الآخر عبر التلفون يطلق قهقهة ً عالية أمرهم أن يعيدوا بي من حيث جئت ويتركوني حرا ً هناك . بعد أن أطلقوا سراحي تنفست الصعداء أخيرا ً أنا حر بعد إعتقال دام بضعة دقائق فقط !
هذه الدقائق القليلة يحق لي الفخر بها وتأمل جدواها ما أدراني لعل وقت الإعتقال إمتد لبضعة شهور أو سنوات من ناحيتي سجلت هدفا ً ولو صغيرا ً ضد حكومة الفساد . شعراء كبار ومهمين لم يعتقلهم أحد ولو لدقيقة واحدة أصدروا كتبا ً ودواوين شعر جلها تتحدث عن الهواء الخانق بين جدران السجون وكأنهم أمضوا كل حياتهم يستنشقون هواء السجن الفاسد ويشمون روائح الأجساد العطنة . في هذي البلاد حيث لا يشعر الطير بالأمان والقطة بالشبع والإنسان فيها مهان مذلول أشعر برفاهية السير في شوارعها حيث تطل وجوه القتلة عبر صورهم المنتشرة في كل مكان . بحثت عن محل يبيع الزهور فقد قررت إهداء نفسي باقة ً من زهور مختلفة الألوان لعلي أوقف أول عابر سبيل ٍ ألتقيه أهديه باقة الورد يهديها حبيبته أو امرأته المنتظرة . في شوارع وساحات بغداد كنت أبحث عن جدارية أو نصب تذكاري يخلد مجزرة سبايكر لتظل محفورة ً في ذاكرة الأجيال لكن عبثا ً ضاع بحثي لماذا تجاهل فنانو العراق حدثا ً مأساويا ً لا يقل هولا ً ورعبا ً عن مجزرة قرية غرنيكا التي خلدها بيكاسو في لوحته الشهيرة ( غرنيكا ) ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ


.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟




.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا


.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل