الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد الحرب علي العراق: هل حقا كانت قطع دومينو ؟

عمرو البقلي

2006 / 9 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


قبل الحرب علي العراق و أثناء تحرك الجيش الأميركي نحو الخليج إستعدادا للحرب، ظهرت تلك النظرية الأمريكية التي تبناها إعلاميا بول ولفويتز النائب السابق لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد مفادها أن الشرق الأوسط ما هو إلا طاولة دومينو تقبع عليها الأنظمة كقطع من الدومينو الموضوعة تراتبيا بصورة تسمح بإسقاط أول قطعة لتسقط القطع الباقية بالتوالي و من ضربة واحدة للقطعة الأولي، و وصف ولفويتز النظام العراقي بأنة قطعة الدومينو الأولي التي إن سقطت سقط معاها باقي قطع الدومينو و بالتالي سقوط باقي الأنظمة بنفس الضربة البادئة الناهية .

ذهبت الولايات المتحدة للحرب و سقط صدام حسين و نظامة و تغير النظام كاملا في العراق، و أصبح العراق الجديد بعيد شهر من دخول القوات الأمريكية دولة بلا دولة حيث إختفت كل مؤسسات الدولة القديمة بعد تفكيك كل أجهزة الدولة القديمة من أجل إعادة تكوينها في ظل معادلات جديدة كان العنصر الطائفي و العرقي هو العنصر الرئيسي في عملية إعادة التكوين .

و علي مدي الثلاثة أعوام الماضية نجحت القيادة الجديدة للعراق بدرجة مقبولة رغم الطائفية في إعادة بناء أجهزة الأمن و الجيش و الإدارة العامة، و إستطاعت القوات العراقية الجديدة تسلم الإدارة الأمنية للعديد من المدن داخل العراق و خاصة في الشمال و الجنوب مستغلة قوة المرجعيات الدينية و نفوذ الميليشيات العقائدية المسلحة و نجحت الولايات المتحدة سياسيا علي المستوي التقني في إيجاد ألية ديموقراطية لإدارة الدولة العراقية الجديدة بصورة سريعة بدأت بقانون إدارة الدولة و من ثم حكومة أياد علاوي المؤقتة ثم إنتخابات جمعية وطنية و حكومة مؤقتة نابعة من الجمعية الوطنية بقيادة إبراهيم الجعفري ثم دستور جديد مثير للجدل ثم إنتخابات برلمانية و أخيرا حكومة منتخبة تدير البلاد لأربع سنوات قادمة بقيادة نوري المالكي .

من يتابع تلك النجاحات يري أن الولايات المتحدة نجحت علي المستوي التقني في صنع ألية ديموقراطية توافقية داخل العراق رغم الصداع الدائم القادم من المثلث السني بوسط العراق و بعض الإزعاج علي فترات متباعدة في الجنوب سببتة المليشيات العقائدية التي تحركها القيادات الدينية، و لكن علي مستوي التحول الإجتماعي فشلت الولايات المتحدة فشلا زريعا في إيجاد تحول إجتماعي يثبت تلك الألية الديموقراطية، بل أصبح البناء المجتمعي للعراق يهدد مستقبليا تلك الأليات الديموقراطية التي إكتسبها العراقيون في زمن قياسي، و أصبح الوضع الإجتماعي داخل العراق قنبلة طائفية تهدد بالأنفجار في أي وقت لتدمر الدولة العراقية الجديدة بشظايا الطائفية و العشائرية و الميليشيات المسلحة، فضلا عن الدور الأمني الذي تلعبة دول الجوار .

التوازنات العراقية معقدة للغاية، و التناحر السياسي علي المستوي العقائدي و العرقي و العشائري يعتبر نموذجا متخلفا جدا لكي يحسن إستخدام تلك الأليات الديموقراطية المكتسبة، إضافة إلي الجماعات المسلحة الصغيرة التي تملك الكثير من مواطن القوة في ظل الفجوة الأمنية و غياب التحصينات الإحترازية التي بإمكانها حماية المؤسسات الأمنية الجديدة من عمليات الأختراق من الكتل الداخلية التي تريد أن تحتكر النظام في العراق من أجل مكاسب سياسية لا تتعدي دائما محاولة إضعاف الخصم السياسي المعاكس .

أما الكتل الخارجية المتربصة بالنظام العراقي الجديد فهم كثر، و منهم من يريد ما يمكن إصطلاحة بـ "لبننة" العراق و تحويلة إلي نفس الصورة المدمرة للحرب الأهلية اللبنانية من أجل إيجاد صيغ لإبتزاز الولايات المتحدة حتي تتمكن تلك الكتل من التملص من ضغوط الإصلاح، و خشية السقوط كقطع الدومينو فعلا كما قال ولفويتز.

و بين الداخل و الخارج نجد أن الوضع العام داخل العراق أصبح ينبئ بحالة من الفوضي الأوسع و الأشمل في ظل إضافة المحددات الجديدة التي خلفتها الحرب في جنوب لبنان و الصراع النووي الإيراني و محاولة الدخول الروسي مرة أخري إلي الشرق الأوسط، و خاصة مع إرتباط الوضع في العراق علي المستوي السياسي و الأمني بالوضع في دول الجوار حيث أصبحت العلاقة بين إستقرار العراق و إستقرار دول الجوار علاقة عكسية فكلما ما زاد التوتر في دول الجوار و خاصة علي الجانب السوري و الإيراني كلما هدأت الأوضاع في العراق و العكس صحيح .

بعد ثلاث سنوات من الحرب أصبحت تجربة الولايات المتحدة في العراق علي المحك و دافعا لها لمراجعة السياسة الأميركية مرة أخري تجاة الشرق الأوسط، في ظل جمود خطي الأصلاح السياسي، و ضعف الضغوط الغربية من أجل الإصلاح في الشرق الأوسط، و خاصة مع وضوح أن المعارضات الداخلية لا تزال بدرجة من الضعف علي المستوي السياسي و التنظيمي و المادي ما لا يسمح لها بمواجهة حقيقية مع أنظمة الحكم الحالية التي تعطي الأولوية للولاءات و القبضة الأمنية علي حساب عملية التنمية و التحول المدني الديموقراطي.

لقد باتت المنطقة بعيدة عن نظرية الدومينو و أصبحت تلك الأنظمة أكثر تشبثا بالطاولة السياسية للشرق الأوسط، و نشأ السؤال هل بإمكان الولايات المتحدة إعادة رسم الشرق الأوسط بعيدا عن الحلول الطائفية و العرقية حتي لا تحدث ردة إجتماعية أكثر تخلفا من الوضع الحالي في ظل تعاظم دور كتل الإسلام السياسي في صياغة التوجهات السياسية لدي شعوب المنطقة، أم نستمر علي النسق الحالي إلي أن تأتي إدارة جديدة بعد عامين ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه