الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى الراهن السياسى فى السودان

عمر الدرديرى

2022 / 7 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


كل ما يحدث فى السودان حاليا .. بل منذ سنوات تمتد الى ما قبل ديسمبر 2018 بكثير يمكن مقارنته باحجار على رقعة شطرنج (هى ما تبقى من السودان) يتم تحريكها من قبل اياد "دولية" يمكن الادراك بها اكثر مما يمكن رؤيتها: تقسيم قوى الحراك الثورى .. انقلاب 25/10 .. اتفاق 21/11 .. قرارات البرهان الاخيرة .. كل ذلك على سبيل المثال .. قد يعتبر اليعض ذلك من قبيل (نظرية المؤامرة) وقد افلح من جعلها تبدو كذلك ونفذ من ورائها ما أراد وما يزال .. السودان رقعة جغرافية هى من الاهمية لقوى دولية نافذة ومتنافسة بما يجعلها غير قابلة لتركها فى ايادى ابنائها السياسيين العسكريين او المدنيين يفعلون فيها وبها ما يشاؤون فى خضم صراعهم على حكمها٬ كما ان تلك القوى النافذة غير مستعدة لترك الباب مفتوحا أمام إمكان وقوع فوضى فى هذه الرقعة يعلمون بانها ستكلفهم الكثير إلا إذا كانت فوضى مدروسة ومخطط لها من جانبهم (خلاقة كما يسمونها) خدمة لاهدافهم القريبة والبعيدة.

صحيفة "الواشنطن بوست" كتبت عما أسمته "نية" الجيش فى السودان عدم التخلى عن السلطة وهى ليست فى الواقع سوى "نية" النافذين دوليا يسقطونها على الجيش فى السودان الذى يريدون له موقعا فى السلطة مشابها لمواقع جيوش اخرى فى القارة شهدت بلدانها ثورات شعبية مماثلة لما حدث فى السودان ومطالبة بالتحول المدنى الديمقراطى .. فإذا كانت مصطلحات كالديمقراطية والعدالة تعبر عن مبادئ "أخلاقية" فإن "أخلاق القوة" وليس "قوة الاخلاق" هى ما يحكم العلاقة بين البشر فى العالم افرادا ومجتمعات حيث "القوة" هى القوة بشكلها "الكثيف" اى (المادى والعسكرى). اما القوة بشكلها "اللطيف" والمنضوية تحت لواء مبادئ اخلاقية كالحرية وسيادة القانون٬ فتعتمد على ما تحققه لها القوة الكثيفة من فتوحات على الارض وما تمنحه لها من مساحة لتولد وتوجد فيها. تلك ليست دعوة لتخلى قوى التغيير فى السودان عن مدنيتها وسلميتها لأن ذلك سيؤدى الى تناقض وسائلها مع غاياتها التى يجب عليها عدم التخلى عنها لان ذلك إن حدث فسيعنى ارتداءها لثوب نقيضها واحتراقها بوقودها.

المطلوب هو تحقيق تلك القوى الشابة والمستنيرة بروح عصرها المختلف كثيرا عما سبقه هو تحقيق ما بدا حتى الٱن مستحيلا فى نظر معاصرى حقبة "إدمان الفشل"٬ لكنه كما سمعت وشاهدت وقرأت من افكار هذا الجيل٬ بات ممكنا خاصة بعد فقدان "الٱيديولوجيا" وانماط "الهوية" باشكالها المختلفة قبضتها عليهم بفضل تحولات الوعى التى فرضتها تحولات العصر. ذلك المستحيل الذى اصبح الٱن ممكنا٬ بل وضروريا بشكل طارئ٬ هو "الاتفاق" فيما بين قوى التغير ووضع المنطقة الرمادية فى الاعتبار بحسبانها نطاق عملهم لكونها وحدها المنطقة التى يمكن منها الابصار بالاضداد والادراك بالاقطاب بما يجنب الوقوع فى قبضة اى منها وما يسمح برؤية حقول الامكان المتاحة بمنأى عن القبول المذعن او الرفض المطلق.

من الممكن جدا والواقعى ايضا الاعتقاد بأن ما يريده النافذون الدوليون المهتمون بالسودان من قوى التغيير هو التوافق مع أولئك النافذين فى رؤيتهم للتحول المدنى الديمقراطى فى السودان وكيفية تحقيقه. فالتحول المروم بالنسبة لقوى التغيير فى السودان قد يبدو "رومانسيا" اكثر منه "واقعيا" فى نظر النافذين و(المانحين) الدوليين والذين يرون الواقع بمنظار مصالحهم الاقتصادية والاستراتيجية (بطبيعة الحال)٬ ويريدون للتحول فى السودان ان يكون ضامنا لوجودهم ومصالحهم فيه لأمد طويل ولذلك فهم قد يرون بأن الجيوش التى كانت ومازالت المصدر الرئيس لتهديد الديمقراطيات الوليدة فى افريقيا الحديثة العهد بهذا الشكل من انظمة الحكم٬ يمكن اجتناب شرها بإشراكها فى الحكم خاصة فى بدايات التحول الديمقراطى وقبل اشتداد عوده.

12.7.2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة