الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثالوث الإرهابي والنفاق الدولي

ليلى موسى

2022 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


شكلت آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا أحد أهم النقاط الخلافية المتجذرة بين الفاعلين الأساسيين في الأزمة السورية، في مسعى كل طرف منه لدعم حليفه على الأرض وتضييق الخناق على حليف خصمه، بما يعزز من حماية أمنه الوجودي وامتلاكه المزيد من أوراق الضغط والقوة لزيادة احتمالية فرض أجنداته في الأزمة السورية وتنفيذاً لأكبر قدر ممكن من استراتيجيته.
وجرت الاتهامات بين الأطراف المتصارعة مُتَذَرِّعَةٌ بحجج من قبيل عدم ثقة كل طرف بالأخر واحتكاره للمساعدات وحرمان الطرف الأخر منها، وتقوية وتدعيم طرف وتماديه في إرهاب الطرف الأخر. لغة لم تخلُ من التهديد والوعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبه، وذلك بعرقلة ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، معرضاً مصير الملايين من السوريين لخطر الموت.
حيث باتت مسألة تسيّيس المساعدات الإنسانية كغيرها من المسائل المصيرية للشعب السوري وهي الرهان على التناقضات والمصالح متجاوزين جميع الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية والحقوقية.
ففي الوقت الذي يعيش فيه الشعب السوري خطر الموت بحسب تقرير قدمه المبعوث الأممي الخاص بسوريا غير بيدرسون لمجلس الأمن بأن؛ حوالي أكثر من ثمانين بالمئة من البنية التحتية مدمرة بشكل شبه كلي، إلى جانب حوالي تسعين في المئة من الشعب معرضون للعيش تحت خط الفقر. ووجود أكثر من ثلاثة عشر مليون بين مهجر ونازح داخلي وخارجي بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
قبل عام استبشر البعض خيراً في أول بادرة توافق بين الفاعلين في الأزمة حول آلية إدخال المساعدات الإنسانية وعدم اللجوء إلى استخدام الفيتو، حيث أسست أرضية لأول توافق دولي لحلحلة الأزمة السورية التي خلفت وراءها عقد من الزمن في ظل غيابها من ضمن سلم أولويات الفاعلين.
ولكن حتى المساعدات الإنسانية لم تستثن من تداعيات الأزمة الأوكرانية. حيث بات ذلك جلياً في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن من خلال المقترح الذي قدمته كل من النرويج وإيرلندا على تمديد استخدام معبر باب الهوى عند الحدود السورية التركية الذي تمر عبره مئات الشاحنات شهرياً حتى العاشر من يوليو 2023، وبينما تريد روسيا تمديد تلك الآلية المعمول بها منذ 2014 لستة أشهر فقط" ومطالب روسيا بأن تمر المساعدات عبر الحكومة السورية، مطالب متضاربة ومهددةً بذلك التوافق الدولي بالزوال.
بالمحصلة توصلت الأطراف المتصارعة إلى حلول توافقية مؤقتة، بما يحقق نوع من التوافق والتوازن بين مطالب الأطراف المتصارعة، وليس متطلبات وضرورات الشعب السوري، وذلك عبر تمديد تفويض معبر باب الهوى لستة أشهر أخرى.
المساعدات التي تستفيد منها بالدرجة الأولى هي مناطق خاضعة للاحتلال التركي أو تلك الخاضعة للمعارضة المرتهنة لدولة الاحتلال التركي بشكل مباشر، وحرمان مناطق الإدارة الذاتية لشمالي وشرقي سوريا منها بشكل متعمد من قبل تركيا بشكل خاص.
مناطق الإدارة الذاتية التي تشهد استقراراً نسبياً، والتي تحولت منذ بداية الأزمة السورية إلى ملاذاً آمناً للشعب السوري، ومن كافة المحافظات السورية والتي تضم عشرات المخيمات للنازحين والمهجرين وعناصر تنظيم داعش الإرهابي.
ويعود لها الفضل في تحقيق السلم والأمن الدوليين عبر القضاء على ما تسمى بدولة الخلافة في العراق وبلاد الشام "داعش"، واليوم تعيش جميع مكوناتها مع إرهاب التهديدات التركية بشكل يومي عبر إعلان عن رغبتها بشنها لعملية عسكرية من شأنها تعريض حياة الملايين لخطر الإبادة والهجرات المليونية. ففي كل خطوة ومكسب يحققها أبناء المنطقة وكان أخرها استثناء المنطقة من عقوبات قانون القيصر لانعاش المنطقة اقتصادياً وتأمين احتياجات الشعب المعيشية الضرورية، والتي من شأنها تجفيف منابع الإرهاب والتطرف، طالما انتعشت ونمت عبر استثمارها واستغلالها لاحتياجات الشعب، إلا أننا نجد تركيا تلوح بشن عملية عسكرية جديدة وممارسة حرب نفسية وإعلامية ممنهجة من شأنها ترويع الشعب ودفعهم إلى الهجرة والنزوح ومنح عناصر التنظيم قبلة جديدة للحياة، والتي تعتبر من أدواتها الاستراتيجية في استعادة العثمانية البائدة.
حيث أعلنت قوات سوريا الديمقراطية في بيانٍ لها يوم الثلاثاء بتاريخ الثاني عشر من تموز "إنه تم إلقاء القبض على أثني عشر من العناصر تنظيم داعش خلال حملة أجرتها في مناطق مختلفة من شمال شرقي سوريا، ومصادرة كميات من الأسلحة والذخيرة وجوازات سفر كانت بحوزتهم". وأشارت القوات إلى "إفشال خطة تهريب عائلات من مخيم الهول شرقي الحسكة".
دويلة الهول التي تحولت إلى قنبلة موقوتة في ظل تقاعس المجتمع الدولي للقيام بمسؤوليته وإيجاد حلول جذرية لمعضلة الإرهاب، تسعى تركيا إلى تحريرهم كما فعلت سابقاً في محاولة فاشلة بتحرير عناصر تنظيم داعش الإرهابي من سجن الصناعة بالحسكة، ويعود الفضل في ذلك إلى يقظة وحنكة قوات سوريا الديمقراطية بالتعامل مع الهجوم وإفشاله.
بنفس التاريخ الذي تسطر فيه قوات سوريا الديمقراطية تاريخ الإنسانية بحروف من الدم وذلك باعتقال عناصر التنظيم وحماية الإنسانية والعالم من إرهابه وتحافظ على السلم والأمن الدوليين، تحولت مناطق الاحتلال التركي أو تلك التي تدار من قبل المعارضة المرتهنة لها، إلى ملاذ آمن لعناصر التنظيم الفارين نتيجة عمليات التحرير التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية بدعم ومساندة من التحالف الدولي، وكان أخرهم استهداف التحالف الدولي عبر طائرة مسيرة القيادي "والي الشام" ماهر العقال بالقرب من ناحية جنديرس التابعة لمدينة عفرين المحتلة تركياً.
ثالث قيادي حيث سبقه أبو البكر البغدادي ومن ثم خليفه القرادشي. إذا الثالوث الذي أرهب العالم وتسبب بتدمير بلدان عديدة وقتل وتشريد وسبي الآلاف كانوا ينعمون بالحرية والأمان في ضيافة حكومة العدالة والتنمية.
كان جديراً بمجلس الأمن والمجتمع الدولي إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر تل كوجر "اليعربية" الذي أغلق بموجب قرار سياسي بحت وحرمان سكان المنطقة من المساعدات الإنسانية، وبقرارهم ذاك ساهموا باستغلال تنظيم داعش والقوى المستفيدة من استمرارية التنظيم، باستغلال احتياجات الشعب وتجنيدهم. ومع تفاقم الأزمة السورية هناك احتمالية تنشيط وانتعاش الإرهاب أكثر، وخاصة في ظل التهديدات التركية المستمرة بشن عملية عسكرية. وفي حال شنها سيكون مصير العالم بأجمعه مهدد بخطر الإرهاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟