الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شَجرةُ التوتِ الغاضبة

محمد فياض

2022 / 7 / 14
الادب والفن


كثيرا ًما سَمِعنا عن المشاعر والأحاسيس التي يشهدها بني البشر حتى كادت تكونُ حصراً عليهم ، ومعطفٌ لا يُناسب إلّا المقاس الإنساني من الموجودات التي تُشارك الإنسان في هذه الحياة .
فشعور الفرح والحزن أو الغضب والرضا يتجلّى بإدقِّ تفاصيله لدى الانسان اكثر من غيره من الكائنات الاخرى مُستعيناً بوسائلِ عرض الحدثِ عنده وتعامله الخاص مع الشعور الذي يتشكل لديه في ذات اللحظة ، أو ربّما لتطوره البيولوجي الدقيق وترأسه الهرم الوجودي للذوات الحية .
في الواقع إنّ تصور المشاعر لدى الكائنات الحية يكون معقولاً عند الانسان والحيوان ايضاً وفي المقابل من الصعب تصوّر ذلك عند النبات او الجماد .
فصراخُ بعض الحيوانات عند شعورها بالخوف والخطر أو زقزقة العصافير في الصباح وترتيلها لمقطوعة غنائية مُتناهية الدقة تجعلُ من السهولة تصوّر تجسد مشاعر الفرح في زقزقة الطيور أو الخوف والحزن في عويل الحيونات الاخرى .
أما الصمت المُخيّم على بقية الموجودات سلبَ منها صفة الحياة وجرّدها من جميع صور المشاعر التي تشترك بها الكائنات الحية.
لم يكن الأمر يختلف عندي كثيراً لولا شجرة التوت التي أعطتني درساً وثأرتْ لبني جنسها .
في صباح يومٍ هادئ كانت غيومه كلوحة فنية تَمسِكُ كلُّ منها بطرفِ أصبع الاخرى كأنّها تتراقص بدبكةٍ خاصة في سماء المدينة .
كلّ معالم الطبيعة في ذلك الصباح كانت تُشجع على الخروج والتمتع بجمال ذلك اليوم البهيّ .
فتحتُ خزانة ثيابي واخترتُ أبهى الألوان التي تتناسب مع يوم ربيعي مُمتع ، مُعتدل الحرارة ، ذو النسمات اللطيفة الهادئة .
كان بالقرب من مكان السكن الذي أقطِنهُ شجرة توتٍ صغيرة ، لا زلتُ أتذكر اليوم الأول لي عند مُقابلتي صاحب السكن لدفع الاجور المُقررة لخمسةِ أيام مضت كلمحِ البصر في أزقةِ إسطنبول الصاخبة والمُمتعة في آنٍ واحد .
تأخر صاحبُ المنزلِ عن الموعد قليلاً بينما إنشغلتُ في قطفِ بعض ثمار التوت من أغصان تلك الشجرة اليافعة
لم تكن حلوة المذاق بما يكفي للتمتعِ بطعم التوت المعتاد إلّا إنّي كُنتُ مُصرّاً على تجربة أكثر عدد من ثمرات التوت في يومها لعلّي أظفِرُ بواحدة لذيذة تُشبعُ فضولي .
مضتْ سويعات الصباح الأولى وإلتقيتُ بشجرة التوتِ للمرة الثانية لكن لم يكن فضولي لقطفِ ثمارها مُشبعاً في ذلك الوقت فصرتُ أحاول أن أمسكَ صغارها مرة اخرى ، لكن هذه المرة رشقني غُصنها بثمرة فاسدة نثرتْ ألوانها على ثيابي فأفسدتها .
كانت قد فرغ صبرها وضجرتْ من زياراتي غير المرحب بها ، شجرة يافعة لم تنضج بعد افزعتْ غضبها برصاصة واحدة لتضع حداً للتجاوزات البشرية على الطبيعة .
لتُقدمَ لوناً جديدا ً من المشاعر التي لم اسمع عنها من قبل في السابق .
أتغضبُ النباتات أيضاً؟
لم أكن احصل على جواب كافٍ في حينها لولا صفعة الشجرة الصغيرة هذه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب