الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنونة بؤرة تندفع منها الدوال.. قراءة في (انا هنا منذ عام 1975 ) نصوص صدام غازي محسن

طالب عمران المعموري

2022 / 7 / 14
الادب والفن


للأهمية البالغة للعنوان من خلال علاقته بقارئه وبالرغم من كونه نصا مصغرا، الا انه جوهر تدور في مداره بنى القصيدة ، يعمل على تقويض الدوال النصية ثم يجمعها ويختصر التفاصيل ، 1" لابد للعنوان من انتاجية دلالية قادرة على توريط المتلقي"1
لهذا يتأنى الكاتب ويفكر مليا في قصدية اختياره للعنونة وعتبتها التي تعد سلاحا مغريا.. وموجها الى تشكيل دلالة النص من خلال حدة تعالقه.. هذا ما لمسته في العنونة الانشائية لنصوص (انا هنا منذ عام 975 ) للشاعر صدام غازي في طبعتها الاولى عن دار مردوخ للطباعة والنشر 2021 بدءً من عنونة الغلاف الذي يجعل من الزمن بؤرة لنصوصه النثرية ومفتاحا للولوج لعالم نصوصه
يحمل ابعادا دلالية مختلفة بوصفه بؤرة سيميائية مهمة ، يكشف عن رغبة في توقف الزمن وثباته ربما من تاريخ ولادته ، تجسد رؤيته للخراب .
بنية العنونة في (أنا هنا منذ عام 1975)والتي تعتبر من المحددات النصية المهمة والتي يمكن من خلالها استنطاق النص والكشف عن قيمته الادبية يمهد لعلاقة مع المتلقي والاخ بيده للتفاعل مع النص، لأنّه أوّل العلامات الّتي تستقبل المتلقّي، وتوجّه فعل القراءة، وتقدّم مفاتيح ضروريّة لفهم النصّ، والوقوف على أبعاده الظّاهرة أو الخفيّة،
العنونة الداخلية للنصوص التي جاءت معظمها بصيغة بنى نصية يغلب عليها التركيب الانشائي والهاجس السردي ،والميل الى الطول لذلك يستعين حتما الاغراق في السردية، تخلق حالات شعرية موازية للنص :
انك تتشابك مع نفسك/ دراهم ما بعد الكأس الثالثة/ تمتلكين نهايات غريبة /الموت آخر سافلٍ سألتقيه /المراكب المثقوبة لن تمسك بالأكف.الارصفة من اسباب الموت والزمن بائع متجول/لنا عشر دقائق/الحياة واجهات والمخالب غرس ومفاتيح/ يمكنك على سبيل الفرض/ لا شيء انك تمتلئ بالحديث/تمسكينني دوما من ياقة قلبي / كيف تزهر التوابيت في الارض/ ضمانات عكس المفاهيم/ الشروع في نقض ستائر شعرك/ السخرية يعلمها الرب والوطن شجرة/ رائع كل شيء الى الآن/ بشفتيك المعبأة بالبارود غير المحترق/ ليس من أجل كل شيء/آخر حدود المدينة/ يوم آخر ساذج/ ما بعد قيامتكم/ فقط هب لي عدة كاملة لأصلح الوقت/ في خلسة منك / خامة أكياس ورقية/ جزء من النص مفقود/ وهكذا تستدرجني/ ابحث في نسخ المفاتيح / حانة هو الجسد/امرأة واحدة لا تكفي لكل هذا الخراب الكبير/ عندما لا تجد خطة للهروب. الكل يمتلك ايقاعه الخاص/تذرعين الخرائط المطموسة/ في الخان القديم/ أنا هنا منذ عام 1975 /كل ما علينا ان نجري بكل انسيابية.
يتضح لنا من خلال تلك العنونة اعتمد الشاعر التجريب بالاعتماد على المفارقة بوصفه انزياحا وانحرافا دلاليا بقصد كسر الالفة المعتادة والخروج الى غير المعتاد :
يوم آخر ساذج/فقط هب لي عدة كاملة لأصلح الوقت/ حانة هو الجسد/ تذرعين الخرائط المطموسة / الشروع في نقض ستائر شعرك / بشفتيك المعبأة بالبارود غير المحترق
عنونة المجموعة ذات دلالة كلية تنطوي على ابعاد عميقة اي انه شامل لما يأتي في النص ومعبر عنه مؤثر فيه ومتأثر به فيصبح بؤرة تندفع منها الدوال المكونة للنص :
حانة هو الجسد ص110
وجَبَ أن لا ندخُلَ حاناتِها
الشفاهُ التي لا تُسكِرُ
الرأسُ إذا شعرتَ به على كتفكَ
ستكونُ كأيّ إنسانٍ يتبضَّعُ مفرداتَ حياتِه اليوميَّةِ
ولا مجدَ في كلِّ ما قيلَ
فافتحي كلَّ السجلاتِ ودوّني
لا همسَ للحِنطة ِ
بدونِ سعيرِ التَّنورِ
لا ثمالةَ للحاناتِ
في حصّالاتِ التردّد والوعي
ارى ان الشاعر جادا في اشتغالاته لإيجاد آليات جديدة لإنتاج نص وما يمكن ان يحدثه من وعي مفارق وتحقيق صدمة للمتلقي في بناء نصوصه.
وقد يلمس القارئ العليم تغيب المعنى ، في نصوص المجموعة وانه يتبنى اتجاه التجريب بتغيب المعنى (الغموض الكلي)2 ، وعلى هذه الشاكلة تمضي قصائده ، تعتمد على تغييب المعنى وتكثيف الدلالة ، فيرتبط بالتأويل المتعدد وهذه ظاهرة لدى العديد من شعراء ما بعد الحداثة ،وقد يكون المعنى مؤجل بتعبير الفينمولوجيا بقصد ادراك ماهيتها العميقة .
يلجأ الشاعر احيانا الى اعتماد صيغاً لعنواناته واصفا الصراع الداخلي عبر منولوج باطني نرى ذلك جليا في استهلال مجموعته (انك تتشابك مع نفسك): ص 7
القرونُ الحديديةُ التي تتلبَّسُ رأس أحدهِم بالخفيةِ
وترتيبُ النوافذِ الليليةِ في السّر
الكارما التي تتلبّسُني
والادعيةُ
والله الذي كلّما وجدتهُ
اضيعهُ من أجلِ مِهبل امرأةِ
الوحشةُ التي ترمي بتعويذتها علي ّ
لأسكنَ البصارينَ منفقاً كل التلاواتِ والصلواتِ
الشّعرُ الذي كلما كفرتُ بربِّه
فيعودُ ليُغرقني بالجرفِ
يفرض على القارئ ابتداء ان يتوسم حقلا دلاليا يسيطر عليه حالة من الصراع الداخلي وحالة الضياع والحزن والالم
اكتسب حقل الجسد لدى الشاعر حيزاً واسعاً وحقق حضوراً كبيراً حيت تنوعت المفردات المتعلقة بالجسد في نصوصه الشعرية وقد يلمس القارئ شيوع الفاظ الجنس البذيئة الا ان" من الطبيعي ان يطفو على سطح الشعر عيب آخر من عيوب الواقعية اللغوية وهو البذاءة وألفاظ الجنس ... ولكن البذاءة عند شعرائنا المعاصرين هي بذائة تمرد وثورة ..." 3ويرد سبب شيوع تلك اللفاظ الى الاحباطات السياسية والفكرية التي يعيشها الشاعر ، حيث يشاهد الشاعر بأم عينه التراجعات الفكرية والسياسية فيرتد الى الجنس مجردا من رومانسيته ، يتعرى ، يتشفى ، ليعوض عن الفشل الاجتماعي الذي يعد الشاعر جزء منه كغيره من الشعراء نتيجة الاحباطات المحيطة به كالفقد والمرض والفقر.
استعمال عنونة ذات بنى اسمية تعبر عن ملامح الانكسار والهروب من دوامة الازمنة ، والمعاناة الانسانية ،
العنونة لدى الشاعر لم تكن شيئاً اعتباطية وانها ليست فطرية تلخص افكار الذات وفلسفتها الواقعية ، يعلن ظهره وكينونته ، يأتي في مقدمة العناصر التي تهيأ القارئ للتفاعل مع النص ..
يمتاز شعره بقوة العاطفة وسعة الخيال وان السمات الجمالية التي تتجلى في نصوص الشاعر صدام غازي قدرته على التمرد على اللغة وخروجه عن المألوف ونحت جماليات وسمات فنية تخصه وحده في فضائه الشعري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا