الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحروب وحسابات المصالح

محمد بلمزيان

2022 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


بالرغم من تقدم القوانين والتشريعات الدولية التي دأبت البشرية على وضعها منذ أن أصبح بني الإنسان يعض بالنواجد على مصالحه الشخصية وبحثا عن الغنائم والثروات ، وبالرغم من اكتساب هذه التشريعات لرمزية على امتداد الزمن ، بالرغم من أن واقع الحال يعكس وجها مغيارا تماما، وبالرغم من تناسل الهيئات والمنظمات الرسمية وغير الرسمية، والتي تستهدف الحد من مظاهر الحروب واستفحال الصراعات عبر القارات الخمس، وبالرغم وبالرغم .... فإن هذه التشريعات هي جمل فارغة ولا معنى ولا قيمة لها حينما تحضر المصالح العليا للدول القوية، وتصير شعوبها كحطب جهنم قبابلة للإحتراق والإفتراس، بالسلاح والجوع والفيافي، بسبب بسيط هو أن بعض الساسة والحاكمين والقابضين على زمام مصير شعوبهم لا يفكرون بمنطق استحضار مصالح هذه الشعوب الضعيفة والمغلوبة على أمرها، فتراهم يمارسون السياسية بمزاجية ومنطق المتاجرة والمغامرة بمصير دول بأكملها،التي تصيح في رمشة عين في مأزق لاتستطيع الفكاك منه، فأصبحت بعض القضايا غير قابلة للحل، وتحترق بفعلها الشعوب بالحروب والنيران، فتدحل الدول الكبرى في هذه الصراعات تذكي المزيد من الصراعات والإختلالات على المستوى زعزعة الإستقرار ، وكنموذج حي لهذه النزاعات التي أصبح أوارها ولهيبها يمتد خارج تلك البلدان، هي الحرب الجارية الآن في أوكرانيا. لا شك أن الخوض في حيثيات اندلاع هذه الحرب سيجر الى متاهة لا تنتهي من استحضار التاريخ والمحطات المختلفة لانبلاج هذه الحرب المستعرة،لكن التوقف قليلا عند أثارها هو سيكون محط اهتمام أممي كبير، ومركز جذب للأنظار، وقد لاحظنا كيف أن استنفار الأجهزة الأممية لمكوناتها من أجل البجث عن الحلول الممكنة، وكيف تحركت الآلة المضادة لحلف الناتو حينما استبطن مبكرا حجم التحديات التي تواجهه في عقر داره، لا سيما الدولة التي تحاول الهيمنة على العالم بكل ثقلها وتصوراتها وهي الولايات المتحدة الأمريكية،رغبة منها في احتواء الدول التي تحاول الخروج عن كنفها والتي تراها مترددة في موقفها ستكون يوما خارج نظام سيطرتها وامتداد سلطتها، في سياق حرب دائمة بينه وبين الحلف الشرقي المنهار الذي كان الإتحاد السوفياتي زعيمه وهو حلف ( وارسو)، حيث بالرغم من تشتت أغلب الدول المشكلة له فإن الحلف الآخر ما يزال يحتاط ويتعامل بحذر كبير مع كل تحركات روسيا بصفتها الوكيلة عن هذا الحلف الشرقي، متوجسة من الخطوات التي يقدمها طوال مرحلة ما يسمى ب ( الحرب الباردة)، وأصبحنا كمتتبعين لهذه الحلقات الصراعية عبر التاريخ بين المعسكرين، ومشاهدين لأحداثها، كيف يحاول كل طرف مقاربة القضايا الدولية، وكيف يتم استحمار العالم بتلك القوانين الدولية التي تنتظم في المحافل الأممية على أنها صمام أمان لاستقرار الأمم والشعوب والحفاظ على ( توازن المصالح ) وكيف يتم استغلال هذه القوانين والكيل بمكيالين اثناء مقاربة القضايا ذات المصالح الإستراتيجية للدول الكبرى، حيث يتم استنفار كل القوى من أجل استعمال حق النقض ( الفيتو) لمناهضة الموقف المضاد بكل شراسة وعنجهية لا تخلو من استعراض العضلات وما استجد في عالم صناعة السلاح والفتك بالبشر، والكل يقف متفرجا على شبه مسرحية مفتوحة على كل الإحتمالات بما تحتويه من عناصر الترقب والإنتظار لنهاية ما كأننا نتفرج مسرحية دراماتيكية تحكي عن مأساة معينة لشخصية تبحث عن مصير داخل عتمة ليل لا ينتهي، إننا أصبحنا نعيش في مركب تتلاطمه الأمواج العاتية وأصبحنا في كف عفريب أو أدنى، لا لشيء فقط لكون العالم اليوم تجكمه الغطرسة وحب السلطة وغياب الحكمة والعدالة، تهيمن عليه عقليات التحكم بمصائر الشعوب من قبل قوى أصبح شغلها الشاغل هو السيطرة على منابع الثروات الطبيعية البرية والبحرية بكل أنواعها وأصنافها المختلفة، وأصبح التقاطب والبحث عن الحلفاء من أجل الإستقواء والألإستئساد في وجه الطرف المعارض هي السمة الأبرز لهذه المرحلة التي تزداذ غموضا وانقباضا في زمن التكتلات المؤسسة على المصالح الإقتصادية التي باءت أولوية الأولويات ، ومصدر ابنلاج المشكلات بين هذا الطرف أو ذاك، فليس بخاف على أحد كيف يجتاج العالم اليوم فضايا عاصفية تهدد السلم والأمن الدوليين وتضعهما في كف عفريت بشكل حقيقي، في حين تذهب الشعوب كوقود نار ملتهبة تزداد اشتعالا والتهابا مع مر السنين،في ظل عجز الهيئات الدولية على وضع حد لها أو التدخل لفرض حل يحتكم اليه الجميع، الأمر الذي يعطي انطباع أو يزكي فرض الأمر الواقع بالقوة خارج أية قوة ردع أممية قادرة على فرض حل يبعد شبح الحروب واشتعال النيران في كل مكان، والتي لا يخرج منها أحدا سالما غانما، صحيح أن الدول التي تتصادم مباشرة في ساحات الحروب تتكبد الخسائر الفادحة عسكريا وبشريا،لن تتعافى منها إلا بعد عقود من الزمن، لكن شرارة هذه الحروب تمتد خارجها بسبب استفحال الأزمة وتأثر دول ومجتمعات أخرى في ظل استفحال أزمة الطاقة وأزمة الغذاء، وهذا ما يؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للفئات الضعيفة في المجتمعات التي تعاني الهشاشة في اقتصادياتها والتي تجد نفسها مرتبطة بشكل غير مباشر بتداعيات تلك الحروب والنزاعات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات