الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عولمة النفاق و التطرف

محمد أمين وشن

2006 / 9 / 22
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إن ما تعانيه الدول النامية من أمية و فقر و مرض و بطالة جراء استئثار دول الشمال بنصيب الأسد من ثمار هذه العولمة التي و من خلال ما سنسرده في هذا البحث لا يمكن أن نسميها سوى بعولمة النفاق و التطرف .
فالمؤسسات المالية الدولية تبنت سياسة تنطوي على عملية تحرير متطرفة لأسواق المال في الدول النامية فصندوق النقد الدولي يشترط على كل بلد يرغب في الحصول على قرض منه أو من البنك الدولي أولا أن يفتح مصارفه و أسواقه المالية أمام رأس المال الأجنبي و ثانيا أن يخوصص أكبر قدر من الشركات و المصانع الحكومية ثالثا أن يحرر سوق سلعه من كل العوائق المقيدة للاستيراد و التصدير و أخيرا أن يخفض الإنفاق الحكومي المخصص للرعاية الصحية و التعليم و دعم المواد الغذائية و سلع الوقود الضرورية للفئات المسحوقة (الطبقة المتألمة) الشيء الذي كان له الأثر السيئ على اقتصاد العديد من الدول كما تشهد على ذلك الأزمات المالية لدول التايلاند إندونيسيا ماليزيا الأرجنتين...... خاصة في الفترة ما بين 1997 و 2001 و لعل ما زاد من مأساة الدول النامية هو كون الدول الصناعية الكبرى لا زالت توصد أبوابها أمام المنتجات الزراعية و السلع النسيجية القادمة من دول الجنوب رغم مضي ما يزيد عن عشرين سنة من مشروع العولمة
و لعل ما يبرز أكثر النفاق السياسي لدول الشمال هو ما صرح به رئيس البنك الدولي( جيمس ويلفنسن) أنه بينما تطالب هذه الدول(دول الشمال) الدول النامية بضرورة المضي في تحرير التجارة تنفق هي مليار دولار في اليوم الواحد على الدعم الحكومي للإنتاج الفائض مدمرة على نحو خرافي مصادر رزق المزارعين ضعاف الحيلة في الدول النامية و لعل المثال الصارخ هو ما تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية من دعم لزراع القطن المحليين البالغ عددهم 25 ألف حيث دفعت لهم سنة 2002 دعما ماليا بلغ 4 ملايير دولار مخفضة بذلك سعر القطن في لبسوق العالمية بالربع ملحقة خسائر فادحة بمزارع دول كمصر و باكستان و مالي و لعل ما يتألم له حقا هو كون منظمة التجارة العالمية تدعم السياسات الحمائية التي تنتهجها بلدان الشمال من خلال اتفاقيات حقوق الملكية الفكرية و ما تنطوي عليه من ترسيخ للتخلف و تعزيز لانتشار الفقر و المرض في دول العالم الثالث فكما هو معروف فإن ملكية ما لا يقل عن 90 بالمائة من حقوق براءات الاختراع تعود أصلا لبلدان الشمال و بفضل هذه الاتفاقية صارت هذه البلدان و معها منظمة التجارة العالمية تفرض غرامات مالية باهظة على كل من سولت له نفسه الانتفاع من مكتشفات العصر و لعل الأدوية الخاصة بعلاج الإيدز لمثال جلي على ما نحن في صدد الحديث عنه فمع أن المرض يفتك بآلاف الأرواح في القارة الإفريقية أصرت هذه الدول على احتكار و تسويق هذه الأدوية و بأسعار خيالية و لولا الاحتجاجات الواسعة و المظاهرات في جنوب إفريقيا لما تنازلت هذه الدول عن شيء من حقوقها في هذا الشأن من هنا يتضح أن العولمة ليست مشروعا كما يرى البعض يخدم مصالح الشعوب بل هو مشروع موجه لهيمنة دول الشمال على مقدرة الشعوب الأخرى و لعل ما نشهده اليوم في بعض بقاع العالم كالعراق و غيرها و التي تفرض عليها الولايات المتحدة الأمريكية شروطها مستخدمة في ذلك قوتها السياسية و العسكرية و الاقتصادية بناء على الدراسة التي قدمها مخططو السياسة الدولية في واشنطن (القرن21 قرن الإمبراطورية الأمريكية ) مطبقين على العلاقات الدولية آراء توماس هوبس(الإنسان ذئب للإنسان وأن الكل في حالة حرب ضد الكل و أن لا شيء يحمل الدول على التعاون و بالتالي فعلى دول العالم أن تخضع صراحة أو ضمنا لإرادة الولايات المتحدة الأمريكية) لدليل على ذلك
و بناء عليه يتضح أن العولمة ليست سوى مشروع أمريكي صرف يروم العودة إلى العصر الاستعماري و الهيمنة على خيرات الشعوب و إلا فبأي حق تنقض واشنطن الاتفاقيات الخاصة بتحرير التجارة الخارجية فتفرض رسوما على واردات الصلب و الحديد؟و أي حق يجيز لها فرض نظام اقتصادي اجتماعي على العالم يتعارض مع مبدأ التكافل الاجتماعي؟ و بأي حق تضع الولايات المتحدة الأمريكية نفسها فوق القانون فتفرض على العالم ألا يخضع مواطنوها لأحكام المحكمة الجنائية الدولية؟ و بأي حق ترخص واشنطن لنفسها رفض التوقيع على بروتوكول كيوتو الخاص بالحد من انبعاث الغازات الدافئة معرضة بذلك العالم أجمع إلى تغير المناخ العالمي؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من