الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن التخلص من الهيمنة الذكورية من خلال رواية كوفيد –الأحلام للروائية الفلسطينية قمر عبد الرحمان .

حسن ابراهيمي

2022 / 7 / 15
الادب والفن


في إطار الرصد والتتبع للمجتمع الفلسطيني الذي يسعى للانعتاق أتت رواية كوفيد - الأحلام للروائية الفلسطينية المقتدرة قمر عبد الرحمان من أجل أن تسائل الواقع الفلسطيني في جوانب متعددة .
كل ذلك من أجل استنهاض الفعل ، وتعزيزه ، وتقوية علاقات مبنية على الإخلاص ، الوفاء ، وتقدير الغير كمقومات لبناء مجتمع حداثي ، مجتمع المواطنة الذي يتمكن من الانخراط في واقع جديد قوامه بناء الأسرة وفق مقومات تمكنها من أن تصبح لبنة لمجتمع منشود .
من هذا المنطلق تضمنت الرواية العديد من الاسئلة ، أسئلة ذوات طبيعة فلسفية من قبيل علاقة الإنسان بالوجود ، هذا السؤال الذي تناولته الفلسفة اليونانية ، كما تم طرحه من قبل بعض الفلاسفة في العصور اللاحقة .
وإذا كانت الرواية لا تخلو من طرح علاقة الانسان بالطبيعة ، وبالتالي دفع المتلقي إلى طرح هذا السؤال على ضوء مستجدات العلم ، فإنها أيضا تضمنت علاقة الإنسان بالإنسان من خلال جملة من العلاقات نعتقد أن المراد منها إبراز عملية استغلال الإنسان لأخيه الانسان ، اقصد علاقة الرجل بالمرأة ، ومن تم البحث عن الخلاص ، بمقومات جديدة تمحي فيها هذه العلاقات .
على هذا الأساس تجدر الإشارة إلى كون الرواية إلى جانب كونها طرحت أسئلة ذوات طبيعة فلسفية ، أيضا طرحت أسئلة بمرجعية دينية .
قد يعود السبب في ذلك إلى وعي السارد بخصوص حضور الوازع الديني عند المواطن الفلسطيني ، وبالتالي يمكن لهذا الوازع أن يكون جسرا للتأثير في الوعي الجمعي الفلسطيني ، ما دام أن بناء الأسرة كما قلت يعتبر لبنة أساسية في بناء مشروع مجتمع حداثي .
من هذا المنطلق يتضح بتقديري أن الرواية توجه موقفا للتيارات العلمانية ، والدينية ، ولكل الفصائل الفلسطينية مفاده أن بناء الأسرة على أسس صحيحة يعتبر مدخلا لكل عمل يستهدف بناء مجتمع الغد ، إذ لا يمكن الانخراط في اي عمل مؤسساتي بإنسان تغيب عنه قيم المواطنة ، وحب الوطن ، ومن تم فهذا الاخير ينبغي إعداده بإعداد أسرة قادرة على تحمل مسؤوليتها اتجاهه .
وبالتالي فإن بناء الأسرة وفقا لعلاقات يسودها الإحترام ، وفي اطار علاقات رفاقية ، يقتضي تأسيس الموقف من المرأة بناء على فهم لمخلفات الهيمنة الذكورية ، ومعاناة المرأة بسببها ، وما تكرسه بعض التيارات المحافظة من علاقات سائدة في المجتمع من تكريس لدونيتها، واستمرار هذه الهيمنة ، وانعكاسها الخطير على التنشئة الذي يكرس التمييز بين الجنسين ، بل أحيانا يدفع في أفق تشيئ المرأة ، رغم كونها نصف المجتمع .
بناء عليه لا يمكن لأي فصيل أن يتحرك في اطار بناء مشروع مجتمع ديموقراطي حداثي إلا من منطلق تحرير المرأة من هذه الهيمنة ، وعليه لا يمكن التخلص من هذه الهيمنة إلا بالتركيز على التنشئة ، ولا يمكن التركيز على التنشئة إلا بواسطة أسرة واعية بمسئولياتها ، ولا يمكن لهذه المسؤوليات أن تبرز بشكل واضح إلا بواسطة العلم ، هكذا إذن تتضح العلاقات بين الأسرة والمدرسة حيث ينبغي للسياسة التعليمية أن تلعب هذا الدور من خلال فهم مفاده أن التربية تتقاسمها الأسرة ، والمدرسة على أسس واضحة قوامها طبيعة الإنسان المراد بناء شخصيته ، حيث ينبغي التركيز على مقومات الشخصية ، والهوية الوطنيتين ، إن التركيز على هذه العلاقة لا يلغي علاقات الأسرة بباقي المؤسسات ، فقط ركزنا على هذه العلاقة لابراز دور المدرسة في التربية إلى جانب الأسرة .
إن طرح سؤال الأسرة ، لم يتضح إلا من خلال ما أفرزه إصابة زوجة بفيروس كوفيد 19 ونقلها إلى المستشفى لتلقي العلاج ، وما ترتب عن ذلك من إنتظار زوجها الإعلان عن وفاتها ، للبحث عن زوجة أخرى .
معنى هذا أن الرواية أرادت أن تنبهنا إلى خطورة الموقف ، أو الوضعية الهشة التي تطبع بعض علاقات الزواج من خلال فهم ذكوري يمنع ممارسة التضحية مع المراة من قبل الرجل ، والتخفيف على معانتها باعتبارها تتقاسم معه صعاب الحياة ، ومن منطلق كونها أيضا الطرف المهم في المقاومة لبناء غد أفضل .
ومن جهة أخرى تجدر الاشارة الى كون الرواية أتت صرخة ، لتنبه المجتمع بأسره إلى كون بناء أي مشروع مجتمعي حداثي يقتضي المرور ببناء الأسرة بناء سليما ، وبناء هذه الأخيرة يتطلب انخراط الدولة ، المجتمع ، والمؤسسات , والمثقفين في وضع أسس بنائها .
ضمن هذا الاطار بنى السارد رؤيته السردية ، هذه الأخيرة تبدت من خلال رؤية للعالم ترجمتها الشخصيات الروائية من خلال جملة من العلاقات تشكلت من خلال وظائف لا تختلف عما حدده فلاديمير بروب ضمن كتابه مورفولوجيا الخرافة ، حيث حدد 31 وظيفة للحكاية الشعبية ، والتي تتشابه فيما بينها .
ضمن هذا الاطار أيضا حضر الفضاء الفلسطيني ، بحضور أسماء بعض الأماكن ، بما في ذلك رام الله ، وما تحمله هذه المدينة الفلسطينية من رمزية ،توازي رمزية مدينة القدس من حيث الدلالة التاريخية لصمود شعب ما زالت بعض الأمكنة تحتفظ على أصالته ، وتجدره في التاريخ .
إن العلاقات بين الشخصيات الروائية لا تختلف كثيرا عن طبيعة العلاقات التي تحكم الشعب الفلسطيني ، لا تختلف عنها إلا من حيث عرضها من منطلق البحث عن عالم تتحرر فيه الشخصيات الروائية ، من حيث قدرتها على الفعل دون معوقات ، كثيرا ما تثقل الافراد في الواقع المعاش ذ.
إن عملية التخييل تحرر هذه الشخصيات من كل المتاريس التي تمنعها من الفعل ، لهذا جاءت العديد من الأحداث الروائية تعبر عن مواقف تتغيا إعادة الاعتبار للانسان الفلسطيني ما دامت طاقته تمكنه من أن يتصدر الأحداث ، والتعبير عن مواقفه بكل جرأة مهما كانت الصعاب .
إن القدرة على الفعل تؤطره طبيعة الأسئلة الفلسفية المطروحة ضمن هذا المتن ، أيضا ليس بالضرورة للسارد أن يقتصر على هذا النوع من الأسئلة مادام عالم بكل شيء من هنا حضرت المرجعية الدينية من خلال ما تضمنه هذا المتن من آيات قرانيه .
كذلك ينبغي الإشارة الى حضور الثقافة الشعبية ليتبين من خلال ذلك أن عملية الاسترجاع كان ينبوعها ثقافة متشعبة في التاريخ العربي الفلسطيني .
بناء على هذه الأسس أنوه بهذا العمل القيم ، معتبرا اياه لبنة لكاتبة تشق طريقها نحو المزيد من الابداع بمزيد من الاحتراف . .
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي